اتفاق ملزم... يعني التزامات متبادلة: بقلم - عمران سلمان

ت + ت - الحجم الطبيعي

في مقابل عشرات التصريحات حول التأكيد على ضرورة التزام العراق بتطبيق الاتفاق الجديد مع الامم المتحدة لا نجد تصريحا واحدا يشدد على ضرورة التزام الامم المتحدة ومن وراءها الولايات المتحدة ايضا بضرورة تطبيق الاتفاق . نقصد ان اي اتفاق بحاجة دائما الى طرفين يلتزمان به وينفذانه وليس طرف ينفذ واخر يأمر ويتفرج. وفي حالتنا هذه فان الامم المتحدة ملزمة هي الاخرى برفع الحصار الظالم المفروض على العراق بمجرد ان تنفذ بغداد الشق المتعلق بها. ولهذا لابد ان يقترن التزام العراق بالتنفيذ بالتزام مماثل من جانب المنظمة الدولية وواشنطن بالتنفيذ ايضا. خلاف ذلك فانه لا يمكن ان يفهم من تلك التصريحات سوى الرغبة في اجهاض الاتفاق الجديد ووضع العصى في دولابه. لقد كانت مشكلة العراق دائما مع الولايات المتحدة هي ان هذه الاخيرة كانت ترفض باستمرار الاشارة الى نهاية النفق. وكانت دائما تصر على ان العراق وقع على قرارات دولية ومن ثم ينبغي عليه ان يلتزم بها دون قيد او شرط. وهذا امر صحيح لكن الصحيح ايضا ان تلك القرارات تنص بالمقابل على انه بمجرد التزام العراق, فان العقوبات الاقتصادية ترفع عنه. ولما كانت بغداد قد تعاونت طيلة السبع سنوات الماضية مع فرق التفتيش فانه كان من الضروري ان يقابل هذا التعاون بما يوازيه من التطمينات والاشارات السياسية لقرب رفع الحصار. بيد ان الولايات المتحدة كانت ترفض ان تعطي الحكومة العراقية اي شيء يوازي تقدمها بل كانت ترفض مجرد الاعتراف بمثل هذا التقدم. وفي الوقت نفسه كانت تحرض على العمل العسكري ضد بغداد عند كل ازمة مفتعلة مهما كان حجمها او اهميتها. هذا التأويل والفهم الامريكي للقرارات الدولية كان هو العائق الاكبر امام التوصل الى حل مرض ومعقول لمشلكة الاسلحة العراقية. بل ان واشنطن اقحمت اللجنة الخاصة في متاهات سياسية وجعلتها غير قادرة على القيام بعملها عبر توتير الاجواء المستمر بينها وبين بغداد. لذلك من الضروري ان تستخلص الامم المتحدة العبر والدروس من التجربة الماضية وتتحاشى الانزلاق من جديد الى اللعبة الامريكية واغراضها المعروفة. اما الولايات المتحدة فانه لا يتوقع منها سوى المزيد من التشدد والتعنت في تنفيذ الاتفاق الجديد. وبوادر ذلك آخذة في الاتضاح منذ الاعلان عنه الاثنين الماضي. اذ يلاحظ ان الادارة الامريكية تعتمد التقليل من شأن الاتفاق بين بغداد والامم المتحدة والاستخفاف به. هذا على الاقل ما توضحه تصريحات المندوب الامريكي لدى المنظمة الدولية بيل ريتشاردسون في حديثه لشبكة ايه بي سي التلفزيونية مؤهرا. والذي فيها يصف دون تحرج الاتفاق بانه مجرد ورقة! فهو يقول (لا نريد العودة الى هنا بعد ثلاثة اشهر... فصدام لن يفلت بمجرد التوقيع على ورقة) . ويضيف (استطيع ان اقول لكم انني واثق ان هذه لن تكون المرة الاخيرة... فصدام حسين دائما ما يخرج بمفاجآت وينتهك الاتفاقيات) . ان هذا الكلام الذي يقوله ريتشاردسون ليس سوى عينة على السياسة الامريكية المثقلة بالغطرسة والتطرف. وهذه السياسة هي التي ينبغي مطالبتها بالالتزام بالاتفاق الجديد. لانها هي الاكثر قدرة ورغبة ومصلحة في التنصل منه وليس العراق.

Email