أبجديات: بقلم - عائشة إبراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

ماذا يشغل انساننا البسيط والعادي في هذه الايام, النساء والرجال معاً, الطلاب والطالبات, الموظفات وربات البيوت وحتى خدم المنازل. هؤلاء الذين يتعايشون معاً ضمن نسيج واحد هو المجتمع ماذا يجمعهم وماذا يشتت ألفتهم؟ في الايام الماضية كانت ازمة العراق وجعجعة امريكا هي الحدث الاهم والاكثر بريقاً, وكان كل ما عداها (طق حنك) كما يقولون. في الازمة الطاحنة التي عصفت بنا شهراً كاملاً تحول الجميع الى عيون وآذان مشدودة الى اجهزة ننسى تاريخنا فحاولوا ونجحوا في اعادة عرض المسرحية لمن فاته العرض الاول, خاصة ونحن نعيش ونسمع عن عروض مسرحية تستمر لسنوات (في فرنسا تعرض مسرحية منذ 43 سنة!!). من كل ما قرأته عن الازمة ما قبل واثناء وبعد انتهائها لم أعجب بخبر قدر اعجابي بوصف الرئيس الليبي معمر القذافي وهو يصف الازمة بانها تمثيلية قام بها صدام وكلينتون ويستحقان عليها جائزة الاوسكار! وأظن بانني من ضمن كثيرين (أدلينا) بهذا التصريح قبل العقيد الأخ معمر, وقلنا مع كثيرين كذلك بأن ضربة عسكرية أمر مستبعد جداً لان حسابات الربح والخسائر ترجح انهاء الازمة المفتعلة سلما, وهو ما حدث فعلا. لقد سحبت الازمة البساط والبريق من كل ما عداها, فنسي الجميع جمهورا واعلاماً, كل شيء تقريبا, عن مونيكا جيت, ونتانياهو ومحاولات احياء عملية السلام بين اسرائىل والسلطة الفلسطينية ومذابح الجزائر و... الخ. اصبح العالم كله يسير على اطراف اصابعه في حقل مزروع بتعنت صدام وغطرسة المدعو كلينتون وحاشيته من معتمري الطواقي اليهودية, وأظن ان شيئا كهذا النسيان كان مطلوبا ومن ضمن ماحققته الازمة من مآثر. البارحة عادت وكالات الانباء مرة اخرى تتناقل اخبار مونيكا ليوينسكي ونشطت التحقيقات ثانية مع مساعدي الرئىس حول فضائحه و(سواد وجهه) على رأي عجائزنا. ومرة اخرى تأتينا تصريحات السيدة اولبرايت بانها تخلت عن الاطاحة بصدام, وكأنها قد فكرت في الاطاحة به أصلاً. فلو كان لديها دجاجة من ذهب أكانت تذبحها؟ اولبرايت يهودية قبل ان تكون امريكية وتعرف كيف تحسب حساباتها بدقة وصدام كنز لأمريكا, ولندع عنا سذاجة تصديق كل هذا الكذب المنقوع في ماء السياسة الأسن. لا ندري ما الجديد في اتفاق عنان الاخير مع القيادة العراقية؟ فمثله عشرات الاتفاقات, سوى ان الامر ــ على ما يبدو ــ لا مخرج مقنع له أمام العالم سوى بتلك النهاية السينمائية, وصدام سيعود لافتعال ازمة اخرى! ولذلك فامريكا لا تثق به, وعليه فهي لن تسحب اساطيلها وترسانتها من الخليج كما صرحت ضمانا لالتزام صدام بما وقع عليه. وصدقوني يكاد العالم يتقيأ غضباً لشدة ما أدين, ويدان علنا وبشكل يومي بالغباء والسذاجة وتنتهك اعصابه وقواه العقلية والعصبية من قبل رجال السياسة. المشكلة انه لا مخرج له سوى ان يلعب دون المصدق والواقع في الفخ حتى يرضي غرور رجال السياسة الذين لاحد لغرورهم ومغامراتهم.

Email