عصابة الأربعة... وخامسهم: بقلم- محمود السعدني

ت + ت - الحجم الطبيعي

اثبت الرئيس صدام حسين انه مهندس ازمات بارع, اشعل الحريق في الدنيا كلها وقادها إلى حافة الهاوية, ثم انتهى بالازمة إلى نهاية سعيدة تشبه النهاية التي تتكرر كثيرا في الافلام العربية, ولكن الرئيس كلينتون اثبت هو الاخر انه امهر من الرئيس صدام , اعلن موافقته على النهاية السعيدة, وحذر صدام في الوقت نفسه بأن اي تردد أو تلاعب في تنفيذ بنود الاتفاقية, سيكون له عواقب وخيمة, وهي كلمات يقصد بها حفظ ماء الوجه, بعد ان اكتشفت الادارة الامريكية انها وقعت في شر اعمالها, وانها بالتأكيد ليست القوة الوحيدة على ظهر الارض, وعندما اقول الادارة الامريكية, فأنني لا اقصد كلينتون وآل جور فقط, لان هذا الموقف الذي اتخذه كلينتون ليس تعبيرا عن السياسة الامريكية, فالسياسة الامريكية كانت مصرة على ضرورة ضرب العراق مهما كانت نتيجة رحلة كوفي عنان. والدليل على ذلك انه لحظة الاعلان عن نجاح كوفي عنان من الوصول إلى حل للمشكلة العراقية يرضي جميع الاطراف, كان اول من اعلن معارضته للحل السلمي هو هذا الغراب النوحي المدعو نتانياهو, وبعده بدقائق اعلنت الست الغندورة الكركورة مادلين اولبرايت تحفظها الشديد على هذا الاتفاق الذي وصل اليه كوفي عنان مع العراق, بعدها بقليل وقف السيد كوهين وشركاه وهو وزير الدفاع الامريكي, فأعلن ان حكومته ستحتفظ لنفسها بحق رفض الاتفاق الذي عقده كوفي عنان مع حكومة العراق, واكد في الوقت نفسه على ان الحشد العسكري الامريكي سوف يستمر استعدادا لضربة عسكرية محتملة ضد العراق, وبعد الحاخام كوهين جاء الدور على مسؤول الامن القومي الامريكي وهو بالمناسبة من الطائفة نفسها التي تضم نتانياهو ومادلين وكوهين, قال هو الاخر ان الاتفاق بين كوفي عنان وحكومة العراق لا يلزم الولايات المتحدة, وان الادارة الامريكية حرة في اتخاذ الموقف المناسب, حتى لو اضطرت إلى استخدام القوة بمفردها وبدون اذن من مجلس الامن! هذا هو موقف الحكومة الامريكية الحقيقي, وهي حكومة يسيطر عليها يهود امريكان, وهؤلاء يحققون مصلحة اسرائيل اولا, ثم مصلحة اي احد بعد ذلك, وهؤلاء السادة اليهود كانوا يخططون لتوريط كلينتون في القيام بضربة عسكرية تقصم ظهر العراق إلى الابد, وفي وسط حملات الشجب والاستنكار التي سيقوم بها العالم العربي, تنتهي عملية السلام في الشرق الاوسط, وتضم اسرائيل ما تشاء من اراضي الضفة الغربية والقدس العربية, وقد تذهب إلى ابعد من ذلك فتقوم بطرد أبوعمار وحكومته, وتسلم ما تبقى من اشلاء الضفة وغزة إلى الملك حسين, وعلى الحكومات العربية ان تركع وتسجد للست مادلين وللحاخام كوهين, في ظل المدافع العملاقة والطائرات الشبح والصواريخ الذكية والغبية والمتوسطة الذكاء, ولكن ترحيب كلينتون بالاتفاق جاء من خارج هذه الدائرة, ولذلك يجب البحث عن هذا المستشار الامريكي الذي يحب امريكا بالفعل ويفضل مصلحتها على مصلحة اسرائيل, ووجود هذا الامريكي المخلص إلى جانب اعلى سلطة في امريكا امر يدعو إلى التفاؤل, ويعني ان الولايات المتحدة ستعمل على تحقيق مصالحها هي قبل تحقيق مصلحة اسرائيل, ويعني ايضا ان الشعب الامريكي الذي عارض ضرب العراق بشدة, سيكتشف بعد هذه الازمة كم هو مسخر لخدمة اطماع اسرائيل, وكم دفع من عرقه ودمه لتحقيق احلامها الجنونية. اليس غريبا ايها السادة ان زعماء العالم كله بما فيهم وزير خارجية بريطانيا يرحبون باتفاق كوفي عنان مع الحكومة العراقية, ولا يرفضه الا الثلاثة اليهود الذين يحكمون امريكا, وزميلهم الرابع الذي يحكم اسرائيل, الوزير البريطاني الحليف الاول للولايات المتحدة, الذي له في مياه الخليج حاملة طائرات, وله على الارض اسراب من طائرات تورنيدو وكتائب من القوات الخاصة وعدة فصائل من جنود المظلات, هذا الوزير البريطاني الذي ايد امريكا وقرر الاشتراك معها في القتال, قال بعد اعلان نبأ الاتفاق بدقائق (لقد كنا منذ البداية مع الحل الدبلوماسي, وما اذيع عن توصل كوفي عنان إلى اتفاق مع الحكومة العراقية هو امر طيب للغاية) , والرئيس الروسي رحب كثيرا بالاتفاق, والرئيس الفرنسي فعل الشيء نفسه, وكذلك فعل الوزير الصيني والوزير الياباني, وكل المسؤولين الذين لدولهم علاقة بالموضوع. واقول لكم ان هذه المشكلة التي افتعلتها الادارة الامريكية مع حكومة العراق بشأن اسلحة الدمار الشامل يجب ان نذكرها دائما بالخير, لانها هي التي كشفت عن عصابة الاربعة التي تحكم الولايات المتحدة وتوظف قدرات امريكا لخدمة مصالح اسرائيل, وعصابة الثلاثة ليست وحدها ولكن هناك رابعهم الذي يعمل معها وهو نتانياهو رئيس وزراء اسرائيل اما خامسهم فهو احقر الجميع واخطرهم, وهم زعماء (المعارضة العراقية) الذين احتشدوا في العاصمة الامريكية, وتحت رعاية السيدة مادلين والحاخام كوهين, ولم يتوقف الزعماء (المناضلون) عند هذا الحد, ولكنهم اقترحوا على الادارة الامريكية احتلال جزء من العراق وتنصيب السادة المناضلين حكاما على هذا الجزء من الوطن الذي ينتسبون اليه, إلى هذه الدرجة تعمى ابصار بعض المعارضين فلا يبصرون الفرق بين معارضة الحكومة والخيانة, وهل يتصور هؤلاء السادة ان الشعب العراقي سيقبل الحياة تحت حكمهم بعد ذهاب صدام؟ الشعوب يا حضرات (الاشاوس) من المعارضين ترضى بالحياة في ظل حكومة دكتاتورية, ولكنها لا تقبل الحياة في ظل حكومة من الخونة لان الدكتاتور سيأتي يوم يذهب فيه إلى حال سبيله, وعلى رأي عمنا بن عروس (لابد من يوم معلوم ترتد فيه المظالم, ابيض على كل مظلوم اسود على كل ظالم) ولكن الخائن الذي يعود إلى وطنه ويحكمه على أسنة حراب الاعادي فنهايته بالتأكيد سحله في الشارع ودفنه في قبور مجهولة, ومطاردة ابنائه واحفاده إلى يوم القيامة, وصدق الرئيس حسني مبارك حين قال في حديثه لقناة الـ (C. N. N) الامريكية, لا قيمة للمعارضة خارج الوطن, ولا قيمة للمعارضين المتواجدين في لندن وباريس وواشنطن, واضيف له الا في حالات نادرة, ان يكون المعارض المتواجد خارج الوطن في قامة الملك عبدالعزيز آل سعود أو جمال عبدالناصر أو لينين أو سعد زغلول, اما الياسري والايوبي والموصلي فهؤلاء سيكنسهم التاريخ في ترابه ويدفنهم في زبالته, ولا عزاء للاشاوس المناضلين. ويبقى بعد ذلك ان الاتفاق الذي توصل اليه كوفي عنان مع الحكومة العراقية سيكون نقطة تحول بالنسبة للنظام العالمي الجديد, كما انه اخرج الولايات المتحدة من المشكلة لان الاتفاق بين حكومة العراق والامم المتحدة, ومجلس الامن هو الذي سيحكم على امتثال العراق لتنفيذ بنود الاتفاق أو خروجه على النص, اما اعظم نتائج الاتفاق فهو كشف عصابة الاربعة التي تحكم امريكا وتتحكم في سياسة البيت الابيض, وتحقق مصلحة اسرائيل بأساطيل وصواريخ امريكية. ويا ما جرالنا ويا ما هيجرالنا في هذا العصر الاسرائيكي.

Email