مع الناس: بقلم - عبد الحميد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

سمعنا وشاهدنا وعشنا ورأينا من يبيع تأشيرات عمل وغيرها للاجانب نظير مقابل مالي, الى الدرجة التي اثرى من وراء هذه التجارة المحرمة من أثرى , خاصة في بدايات قيام الدولة, حيث كان التساهل وحيث كان غياب القانون والردع يسهلان النفاذ لتجار التأشيرات ويبعدان عنهم العقوبات والملاحقات. اليوم جاء دور الشركات لتحل محل الأفراد, في استهتار بالقوانين وبمصلحة البلاد وصل حداً ما كان يمكن كشفه ومحاسبته لولا جهود وزارة الداخلية وحملاتها التفتيشية التي بقدر ما نشكرها عليها نأمل استمرارها بالصرامة نفسها والحزم والقوة اللازمين وبقوة الدفع ذاتها, فمصلحة الوطن فوق الجميع. فشخصيا صدمت ان تكون هناك 67 شركة سياحية مرخصة ومسجلة وتعمل في الامارات تبيع وتشتري تأشيرات زيارة بألف والفين درهم وما بينهما, فتتحول من شركات تسهم في نهضة البلد واقتصاده عن طريق الترويج للسياحة فيه ولمعالمه, الى دكاكين تتاجر بالتأشيرات فتضر بسمعتها وبسمعة البلاد والاخطر, تضر بمصلحة المجتمع, فتزيده من حيث مشكلة العمالة الاجنبية والخلل السكاني, ضغثا على ابالة. وواضح طبعا ان الذين تبيعهم هذه الشركات تأشيرات للدخول الى البلاد ليسوا من صنف السياح, لان هؤلاء من المعرفة بمكان ان يرفضوا هذا المبدأ, بل لعلهم يرفضون المجيء أصلا لغرض السياحة تحت طائلة رسوم باهظة, تتناقض مع مبدأ التسهيلات المعروفة عندنا, فيصبح من المؤكد ان نوعية الذين يتعاملون معها مخالفون ايضا بدورهم, فهم تجار شنطة او غير شنطة او باحثون عن عمل او متسللون (قانونيون) وغير ذلك مما هو محتمل ووارد, ولكنهم قطعا ليسوا سياحا. طبعا هذه الشركات, حسب درجة مخالفاتها, تستحق لا التوقيف وحده, بل منع النشاط كليا ومصادرة املاكها, هذا كما يعتقد كاتب هذه السطور, فنترك العقوبة لمثل هذه المخالفات لما ينص عليه القانون, غير أنها تفتح مجموعة من الاسئلة عن الشركات السياحية يصبح طرحها الآن في محله بهدف الوصول الى تنظيم هذا النشاط بشكل نهائي وأفضل مما هو عليه حاليا. فمثلا لا يكفي ان يستخرج شخص ما رخصة من البلدية أو من دائرة اقتصادية ويفتح دكانا فيه سكرتيرة وموظف وجهاز فاكسميلي وهاتف فيمارس نشاطا سياحيا,حاله في ذلك كمن يفتح بقالة, لولا ان فتح بقالة عمليا اصعب من فتح مكتب سياحي, حيث على هذا الحصول على موافقات صحية ومن الدفاع المدني وغير ذلك من جهات. تنظيم عمل شركات السياحة مطلوب من نواح عدة, تبدأ هذه من الجهات الرسمية المصرح لها بالترخيص لهذه الشركات, فتكون موحدة وتمارس اختصاصا قريبا من نشاط السياحة, وتمر بكفاءة المتقدم للترخيص وخبرته في هذا المجال وتحديد النشاط الفعلي الذي سيقوم به, ففي السياحة نشاطات مختلفة, ولا تنتهي بشروط اخرى كمثل الكفاءة المالية لهذه الشركات, فلا يكون ترخيصها اسهل من ترخيص البقالات ومحلات الشاورما. وربما كان من نتيجة القصور السابق في التعامل مع هذا النوع من النشاط وتعدد جهات الاشراف والاختصاص والترخيص وسهولة الحصول على موافقات بممارسة النشاط, أن عمت الفوضى هذا القطاع, سواء في كثرة هذه الشركات وتدني خدمات اكثرها وصولا الى ارتكابها الصريح لمخالفات قانونية تمس أمن الوطن. وما دمنا نصدح ليل نهار بأن السياحة صناعة المستقبل, ونهيىء البنية التحتية ونضع التسهيلات وراء التسهيلات من اجل حفز وتشجيع مجيء السياح الينا وتشجيع الاستثمارات في هذا المجال ايضا, فان السؤال الذي يطرح نفسه هو: ألا يستحق كل هذا المزيد من التنظيم فنعود الى ما سبق وتم طرحه مرات بضرورة انشاء اما وزارة للسياحة او على الاقل هيئة عامة للسياحة على مستوى الدولة, تكون جهة الاشراف والتنسيق والمراقبة وغير ذلك مما يدخل في اختصاص وطبيعة هذا النشاط.

Email