مع الناس: بقلم : عبدالحميد احمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

نصح ثلاثة حاخامات اليهود ببيع أجهزة التلفزيون للعرب, فمن يتخلص من هذا الجهاز يستحق الجنة, اما من يبيعه لعربي فله فوق الجنة بركات كبار الحكماء في اسرائيل, لأن التلفزيون سيلوث العربي بنتانته وسوف يفسده بتأثيراته الضارة . افساد العربي (اذا لم يكن قتله سهلا) هدف اسرائيلي معلن, ومع ان العربي اليوم ليس بحاجة لمن يفسده ويخرب اخلاقه ويدمر له قناعاته ومبادئه, فهو كفيل بذلك بنفسه, بدليل الفضائيات العربية كلها من التي تحولت الى صناعة الفساد والافساد القومي الشامل, الا ان الحاخامات الثلاثة لم يعرفوا بعد ما تفعله الفضائيات العربية حيث تحقق لهم هدفهم, حتى من دون ان يشتري العربي جهاز تلفزيون من اليهودي, ما يجعلني اتمنى ان يشاهد هؤلاء الحاخامات محطات (ال بي سي) مثلا او (المستقبل) او (ايه آر تي) وغيرها, فنضمن فساد اخلاقهم من ليلة او أقل, لكي يكفوا عنا ويحلوا عن ظهورنا. غير ان الحاخامات لن يشاهدونا لكي لا يعطوننا الفرصة لذلك, فهدفهم اخلاقنا لا اخلاقهم, ومع ان التلفزيون بريء مما نفعل, فهو ليس الا وسيلة للمعرفة والعلم والاخبار والذوق والتسلية معا, الا ان استخدامنا له بالطريقة الحالية تنم عن سفاهة اكثر مما تنم عن جهل, فاذا اخذنا في الاعتبار نصيحة الحاخامات لليهود, يمكننا أن نعرف حجم التدمير الذي نحدثه لأنفسنا ولأجيالنا الحالية والمقبلة, لأننا ببساطة لا نحسن استخدام العلوم ومنتجات الحضارة والتكنولوجيا الا فيما يضر. العلوم والتكنولوجيا من تقدم مذهل الى آخر, وهذه صارت تستفيد من بعضها البعض في خدمة الناس في شتى القطاعات, من الصحة والعلاج الى التعليم والثقافة الى الصناعة والتجارة, فيما هي عندنا نستوردها لأغراض التسلية بنسبة 99%, وكأن الله لم يخلقنا في هذه الحياة الا لكي نتسلى. وهناك اليوم جديد تحت كل شمس في مجال من هذه المجالات ليس لنا فيها نصيب لأن حياتنا توقفت عن التفكير والعمل والابتكار عند الاستهلاك والتقليد والترفيه, بحيث تحول فيه جهاز مهم كالتلفزيون الى كباريه وملهى ليلي تغني فيه المطربات وترقص فيه الراقصات ليلا ونهارا معا, ما يجعلنا الأمة الراقصة الوحيدة بين الامم بمثل هذا المعدل. وهكذا تحول الفيديو سابقا من وسيلة تعليم وتثقيف وتسلية مفيدة الى وسيلة تخريب وتلويث اخلاقي بالساقط من افلام ومواد, عربية كانت او اجنبية, ولحقه بعد ذلك التلفزيون بفضل الفضائيات الى هلس في هلس, ويجري اليوم الكمبيوتر نفسه في اثرهما ليتحول من اداة عمل وانجاز وعلم الى اداة تسلية وترفيه لا اكثر, هذا اذا تجاهلنا منجزات حضارية اخرى لا نحسن استخدامها كما يجب, من السيارة نفسها الى جهاز الهاتف المتحرك وما بينهما من منتجات نتركها للقارىء. طبعا العيب ليس في التلفزيون كجهاز كما يعتقد الحاخامات فيقترحون التخلص منه, وليس في الفيديو او الكمبيوتر او غيرهما من اجهزة مفيدة في حياة الانسان اليوم, بدءا من علاجه من الامراض مرورا بتوفير وقته وحاجاته بسهولة وليس انتهاء بتعليمه والارتقاء بمستواه, بقدر ما هو فيمن يستخدم هذه الاجهزة, فلا يحسن ذلك, فيمكننا الحكم على مستوى هؤلاء من كيفية الاستخدام. وبما اننا من هذه الفئة الأخيرة, فان الحكم علينا بالتخلف والفساد والجهل لا يحتاج الى دليل, وهو ما نشك ان الحاخامات الثلاثة يعرفونه, والا اقترح هؤلاء على اليهود افسادنا بغير التلفزيون, فنحن من التطور والخبرة في هذا المجال بما يكفي لافساد اليهود كلهم بمن فيهم الحاخامات انفسهم, فنقترح على العرب فورا انشاء محطة فضائية بالعبرية.

Email