قتلوا السلام في واشنطن:بقلم: دكتور يحيى الجمل

ت + ت - الحجم الطبيعي

قتل نتانياهو بصلفه وغروره البقية الباقية من الامل في تحقيق السلام في هذه المنطقة المنكوبة من العالم. وتحقق ما توقعته في هذا المكان من (البيان) في العدد الماضي. اخبر نتانياهو الادارة الامريكية بانه لن يعيد من الضفة الغربية الا القدر الضئيل (حوالي 10% من الضفة) وانه لن يوقف المستوطنات وانه لن يحترم اي اتفاق من الاتفاقات السابقة وان قرارات مجلس الامن 242 و338 ليس لها عنده ادنى قيمة. واضاف الى ذلك انه اشترط على الفلسطينيين لماذا يتصرف نتانياهو على هذا النحو؟ احد الاسباب الاساسية هو شخصية السيد نتانياهو هو انسان بالغ الغرور, والغرور شيء غير الثقة بالنفس. الثقة بالنفس قيمة ايجابية ذلك على حين ان الغرور قيمة سلبية. ونتانياهو مغرور, ونتانياهو يمثل الصهيونية في اقبح صورها واكثرها غلظة وفجاجة. ورغم مايقال من انه على قدر من التعليم فانه يعيش اسير اساطير بالية لا يمكن ان يتقبلها عقل له صلة بالعلم أو بالحضارة أو بحقوق الانسان, نتانياهو هذا هو الذي ابتليت به اسرائيل وابتليت به المنطقة كلها. واذا كانت شخصية نتانياهو الشاذة هي احد دوافع تصرفه على هذا النحو الغريب فان نظرته ايضا الى الانظمة الحاكمة في المنطقة ونظرته الى الشعب العربي بعامة والشعب الفلسطيني بخاصة وادراكه لحقيقة الموقف الامريكي: كل ذلك يمثل اسبابا جوهرية وراء تصرفات نتانياهو. هو يراهن على ان انظمة الحكم العربية ـ في غالبيتها ــ لا يعنيها في الحقيقة من الامر شىء. وان المسألة لا تعدو بالنسبة لها بضع كلمات تقال بين الحين والحين ثم لا شيء آخر.كل واحد حريص على مكانه وموقعه ومغانمه ولا يعنيه شىء بعد ذلك . وهو يراهن على ان الشعب العربي لا صلة بينه وبين حكامه وانه شعب مرهق وانه في غالبيته لا يتمتع بالقدر الادنى من حقوق الانسان, وان شعبا هذا هو حاله لا يمكن ان يتحمس لقضية ولا يخشى منه قط واذا كان هذا هو حال الشعب العربي بعامة فان الشعب الفلسطيني يعاني ما هو اكثر وعلى ذلك فانه شعب فقد مقدرته على الكفاح. هذا هو ما يراهن عليه نتانياهو بالنسبة للطرف الآخر من الصراع. اما الولايات المتحدة الامريكية فهو يدرك جيدا انها الحليف الثابت وانها الصديق الصدوق وانها السند والمدد, وانها لن تضغط عليه ابدا ولن تطلب منه ما لا يرضاه. بل عكس ذلك هو الصحيح. قبل سفر نتانياهو الى واشنطن بيومين اثنين سلمت الولايات المتحدة لاسرائيل طائرة مقاتلة يصل مداها الى اية منطقة في الشرق الاوسط بما في ذلك طهران وبغداد, والخرطوم والقاهرة وطرابلس الغرب. وهذ الطائرة مقدمة لعدد من مثيلاتها يسلم تباعا. هذا الخبر في حد ذاته يكشف عن كل شيء. يكشف عن الموقف الامريكي راعي السلام ووسيطه. ويعطي لنتانياهو كل مبررات التصلب والصلف والغرور ورفض كل شىء معقول. والادارة الامريكية تبدي نوعا من (العقاب الرقيق) لموقف نتانياهو. لماذا لا يرفع نسبة الانسحاب الى 15% من ارض الضفة ويكفيه 85% منها بدلا من 90%؟ لماذا لا يقول كلمة مشجعة؟. مجرد كلمة ثم يسحبها بعد ذلك. لماذا هذا الاحراج. لكن على اي حال كله مقبول من اسرائيل. ماذا بقي للشعب الفلسطيني بعد هذا كله؟. طبعا. الامل في وجه الله وفي الرئيس كلينتون رعاه الله. ومن يدري لعل الله يهدي السيد نتانياهو ويقابل عرفات في اوروبا ويعيد على مسامعه شروطه التعجيزية من جديد. ويركب ياسر عرفات في طائرته ليذهب الى هذه العاصمة او تلك ليشكو ضره ومافعله به نتانياهو. ياسيدي هو طريق واحد لا غيره. جربه الناس من قبل وجربتموه انتم واكتسبتم به احترام العالم واهتمامه ثم تركتموه ففقدتم كل شيء. ياسيدي هو طريق اسمه طريق الكفاح والنضال. عودوا اليه تعود اليكم فلسطين.

Email