مــع النــاس:بقلم : عبد الحميد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

تلقى زميلنا محمد الجوكر رئيس القسم الرياضي بالجريدة رسالة من ادارة نادي الشارقة تطالبه فيها بتغيير المحرر الذي يغطي مباريات النادي حاليا بغيره , والجوكر لو فعل ونفذ هذا الطلب يكون موظفا أو عاملا في النادي لا في الجريدة, ما يجعلني شخصيا أطالب نادي الشارقة بدفع راتب الزميل كاملا على داير مليم. والرسالة طبعا نموذج لغيرها من رسائل تأتي الى ادارة الجريدة بين حين واخر تحتج على محرر من المحررين لانه كتب خبرا لم يعجب جهة ما او تطرق لموضوع ترى هذه الجهة انه ليس من اختصاص المحرر, أو انتقدها لقصور فتستكثر عليه النقد, ما يدل على سوء العلاقة المستمر بين هذه الجهات والصحف, أو الاصح سوء الفهم المزمن. طبعا الزميل الجوكر وغيره من الزملاء في جريدتنا او الصحف الزميلة لو نفذوا طلبات هذه الجهات المحتجة على أخبار او تعليقات او نقد بتغيير المحررين او معاقبتهم, لقضى الزملاء الاسبوع كله في تغيير المحررين واعادة برنامج عملهم وجدول تغطياتهم, ولانتهى هؤلاء موظفين لدى هذه الجهات, لا لدى صحفهم كما أشرنا, والخوف اكثر ان ينتهي الزملاء مجرد نواطير وحراس لهذه الجهات لا صحفيين عملهم نقل الاخبار والنقد مما نعتز به. العلاقات الحسنة بين الصحف والمؤسسات بكافة انواعها وطبيعة نشاطها مطلوبة باستمرار, غير ان هذا لا يعني حقا لهذه المؤسسات في التدخل في الشؤون الداخلية للصحف فتطالب بتغيير المحرر او تقوم بمنعه من اداء مهامه وعمله او تستعدي عليه السلطات او حتى ادارة الجريدة نفسها فهذه تعرف عملها ولا تحتاج الى من يوجهها او يقوم وصيا عليها. واذا كانت هذه المؤسسات والجهات حريصة على العلاقات الحسنة, كما تؤكد على ذلك رسالة نادي الشارقة نفسها, فان هذه العلاقات تقوم أولا وتستمر ثانيا وتبقى حسنة على الدوام ثالثا بالحوار وتقبل الرأي والرأي الاخر, فاذا كتب صحفي ما تعتقد جهة ما انه غير صحيح أو كاذب أو ليس دقيقا او حتى فيه تهجم, فان هذه يمكنها الرد وايضاح الحقائق واظهار الكذب وتفنيد الباطل ودحر الظلم ورد الهجوم, الى غير ذلك مما نعتبره حقها, فينشر كاملا في الصحيفة. هذا الحق للاسف لا تمارسه اكثر جهاتنا ومؤسساتنا بعد, مع انه مكفول بقوة القانون والدستور, وتفضل عليه ممارسات اخرى من نوع التدخل في شؤون الصحف او الاستعلاء عليها او مقاطعتها او طرد محرريها, وغير ذلك من ممارسات تتنافى مع اي سلوك حضاري واي حق اداري ويتجاوز حتى صلاحيات هذه الجهات التي تتعامل مع اداراتها كأنها ملكية خاصة. وللأسف مرة أخرى ولكن الشديد هذه المرة, فان مثل هذه الممارسات نراها نحن الصحفيين من المسؤولين الصغار وصغار المديرين, بمن فيهم مديرون عامون, اغلب الظن يخشون الصحافة لضعف الثقة في النفس او لقصور عن المواجهة او لتغطية ما يمكن ان يكون نقصا, مما لا نجده في غيرهم من مسؤولين بمن فيهم وعلى رأسهم حكامنا انفسهم من شيوخ واعضاء مجلس اعلى للاتحاد او من اولياء امورهم. اما الاسف الاكبر, فهو لان بعد اكثر من 25 سنة من عمر دولتنا وانتشار التعليم فيها والتقدم المذهل الذي تحقق في كافة الميادين, فان هناك من لا يزال لا يتقبل الرأي والنقد, ولا يفهم دور الصحافة أو لا يريد أن يفهم أو لا يريد أن يكون للصحافة دور خارج المدح والثناء والاشادة فحسب, وهذا هو الاخطر, لان عقله (مبلط في الخط) على رأي اخواننا المصـريين.

Email