مــع النــاس:بقلم :عبد الحميد احمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا أعرف ما هي عقوبة صاحب الدوبة أو مالكها أو قائدها, والتي تسببت في كارثة التلوث النفطي على شواطئنا, فهددت البيئة وأغلقت محطات تحلية وأشغلت أجهزة عديدة من أجهزة الدولة وقتلت الأسماك والأحياء البحرية, كما أنني لا أعرف إن كان عندنا من القوانين ما ينص على عقوبات لمثل هذا المخالف. وسواء كانت هناك قوانين تعاقب مرتكب هذه الجريمة في حق البيئة او لم تكن, فإن عقاب المتسبب ينبغي ان يكون من جنس العمل, لا تلويثه بالنفط كما قد يفهم البعض, ولكن ليس أقل من تحميله تكاليف تنظيف الشواطىء والخسائر التي تسبب فيها للدولة وللصيادين وللثروة الحيوانية وغير ذلك من تكاليف هي من الحق العام. غير أن هذا المتهم البريء حتى تثبت ادانته كما في القوانين كلها, قد يتذرع بأن الكارثة وقعت لأسباب خارجة عن الإرادة كعوامل الطقس مثلا التي أغرقت الدوبة, أو لعدم وجود تشريعات تمنعه في الاساس من تحميل النفط في الدوبة, أو لعدم وجود مواصفات لناقلات النفط عموما في الدولة, فيسمح لهذه بنقل النفط وتمنع تلك بناء على هذه المواصفات. طبعا عوامل الطقس مفهومة وبسببها تقع حوادث مماثلة في كافة البحار والمحيطات بما فيها حوادث التلوث النفطي لغرق ناقلاتها او اشتعال حرائق فيها, فيبقى غياب التشريعات والمواصفات أسبابا كافية لتبرئة هذا المتهم عند محام شاطر, فننقل التهمة منه الى الفراغ التشريعي. هذا الفراغ مسؤولية المجتمع كله, خاصة مؤسساته المعنية من وزارة العدل الى البلديات فالصحة فوزارة الداخلية فهيئة البيئة وغير ذلك من جهات معنية بأمن البلد من كافة نواحيه بما في ذلك حماية البيئة والشواطىء من أخطار التلوث, خاصة ان هذه الكارثة ليست الاولى, فقد سبق أن واجهنا كوارث تلوث مماثلة, ولن تكون الاخيرة على الاطلاق, نسبة لأننا بلد نفطي ولأن عندنا شواطىء تمتد مئات الكيلو مترات وبلدنا يقع على ممرات دولية لنقل النفط, فيكون معرضا لحوادث التلوث باستمرار. إلا أن هذه الحوادث يمكن الحد منها الى درجة العدم بوجود قوانين وتشريعات ومواصفات للسفن الناقلة وكيفية النقل وطرقه واجراءات السلامة والأمن اللازمة وغير ذلك من شروط, يتبعها المراقبة والتفتيش لضمان عدم خرق هذه المواصفات والتشريعات, وتغريم المخالفين غرامات باهظة, فنكون حققنا شعار الوقاية خير من العلاج. وأكتب من دون يقين أو جزم بوجود أو عدم وجود مثل هذه القوانين والتشريعات عندنا, على طريقة من قال لا أعرف فقد أفتى, فإذا لم تكن هذه القوانين موجودة فالكارثة تبدأ من هنا, لأنه لا يمكن لبلد نفطي يقع على بحرين تعبرهما ناقلات بالآلاف سنويا وعنده شواطىء طويلة الا ينظم هذه المسألة ويأخذها في الاعتبار وليس لها ما يناسب من قوانين, اما إذا كانت القوانين المعنية موجودة فعلا, فالكارثة أعظم, لأن معنى ذلك عدم تطبيقها وتقاعس الجهات المعنية بالمراقبة والتنفيذ عن ذلك, أو قصور في الجهات التنفيذية ما يجعلها عاجزة عن تطبيق هذه القوانين. وكنت على وشك أن اقترح عقوبات مشددة على صاحب الدوبة ومالكها او الشركة التي تحمل النفط فيها من نوع الزامه بشفط كميات النفط بفمه شخصيا امعانا في العقاب على طريقة أحكام قراقوش لولا خشيتي من غياب القوانين والتشريعات, أو من وجودها وعدم تنفيذها بالحرص اللازم, فيكون هذا المتهم بريئا رغم فعلته التي سودت شواطئنا بالنفط, ويصبح المتهم الفعلي في مكان آخر, هو كل الجهات المعنية بأمن وسلامة البلاد وبيئتها من الاخطار, والله أعلم.

Email