مــع النـاس: بقلم - عبد الحميد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

لو أردنا ان نواصل اليوم ايضاً الكتابة عن اهم شخصيات العام المنصرم, فمن بين هؤلاء قطعاً, ان لم يكن على رأسهم وفي مقدمتهم, عالم الأجنة الاسكتلندي المدعو ايان ويلموث, فيصلح هذا غلافاً واختياراً بصفته رجل العام لمجلة محترمة مثل (تايمز) التي اختارت بدورها اندرو جروف مدير عام شركة كمبيوتر, وفضلته على مشاهير آخرين من سياسيين وفنانين وغيرهم. ونترك جروف المغمور الذي كتبنا عنه امس الى الاسكتلندي المغمور بدوره الذي نكتب عنه اليوم, فهذا بالكاد يعرفه احد من الناس امس واليوم خارج نطاق اسرته وزملائه في العمل واصدقائه في الحي, ومع ذلك يستحق بإنجازه المذهل شخصية العام دون منازع. هذا المغمور هو صاحب النعجة دوللي او (مخترعها) ان صح الوصف, ويكفي ان تذكر هذه النعجة لكي يهتف العالم كله مؤكداً انه يعرفها, فهي من الشهرة خلال العام الماضي بحيث لم يعد احد يعرف الخبير الذي يقف وراء استنساخها, او هي من الشهرة بحيث لم يقل ذكرها أو ترديد اسمها عن شهيرة اخرى من طراز الاميرة ديانا, مما سنعود اليه. هكذا غطت دوللي, النعجة البيضاء الوديعة, التي خرجت الى الوجود عن طريق تقنية الاستنساخ, على صاحب هذه التقنية ومبتكرها, عالم الاجنة الاسكتلندي,وفاقته شهرة وسمعة,ذلك لأن استنساخ كائن حي من خلية حيوانية هو إنجاز علمي, كان لسنوات من صنوف الخيال, فأذهل العالم كله, ما يجعل هذا العالم شخصية عام اكثر من غيره من عشرات السياسيين والمشاهير الاخرين, ممن لا إنجاز لهم اكثر من الكلام والثرثرة, هذا إذا لم يكن من بين انجازاتهم ما يعد وبالا على شعوبهم أو على غيرها من شعوب وأمم. طبعا دوللي وحدها تستحق ان تكون غلاف مجلة بوصفها اشهر نعجة في التاريخ, لا في عام واحد, فتنافس في ذلك مشاهير آخرين من طراز الاميرة الراحلة ديانا, لولا أنه لا توجد مجلات للخرفان. فتحظى دوللي بهذا الشرف,مع ان اسمها فيه من الدلع والخفة والموسيقى ما يجعله اسما فنياً على كل شفة, فيتساوى في موسيقاه ورشاقته مع اسم آخر شهير هو ديانا. غير ان دوللي النعجة سوف تنتهي ولن يبقى سوى اسمها في قواميس العلوم, مقابل اسم مخترعها الاسكتلندي الذي سيحظى بشهرة العلماء والمخترعين الكبار الذين يتذكرهم التاريخ على الدوام, ومع ذلك فهي ستظل مقترنة به وباسمه, فيرد ذكرها كلما ورد ذكر له, فتذكرنا مرة اخرى بديانا وموتها, كحدث مهم في العام المنصرم,واقتران ذلك بدودي الفايد . دودي وديانا اقترنا بالموت, فلا يذكر موت الاميرة الشهيرة من دون سيارة دودي مثلا, او دودي نفسه, لذلك فحادث وفاة الاميرة هو من احداث العام المهمة بلا شك, الا ان ديانا نفسها ليست من شخصياته, فهي شخصية الاعوام السابقة كلها, مقابل شخصية دودي, التي كان من انجازها (اذا اعتبرنا ذلك انجازا حب الاميرة له, وهيامها به والموت معه ايضا). لذلك فدودي كان يمكن ان يبقى العمر كله مغموراً فلا يذكره احد,ولو أحب نساء الارض او أجمعت هؤلاء على حبه, لولا ارتباطه بالاميرة الشهيرة وهو ارتباط يدفع به ليكون من شخصيات العام, فينال شهرة لا تقل عن شهرة دوللي, فتكون الاقدار قد جمعت في الصدفة بينهما, بفارق ان دودي بشر مات حباً ودوللي نعجة ولدت استنساخا.

Email