ابجديات:بقلم - عائشة سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعض الناس يجدون أنفسهم في مأزق من نوع (ما) خلال شهر رمضان, وبالتأكيد فلا علاقة للشهر الجميل الفضيل بأي شكل من اشكال هذه المآزق . كل ما في الامر هو هذه الاسطوانات المهترئة التي اعتدنا على تشغيلها يوميا في التوقيت نفسه من الصباح وحتى الدقيقة التي نطفىء فيها سراج الغرفة مودعين اليوم واسطواناته بانتظار مسار جديد ليوم اخر من ايام العمر الذي تقتاته هذه الاسطوانات دون ان نشعر. وعندما يأتي رمضان باطلالته المختلفة, بكل طقوسه وتجلياته فان اول ما يحاوله هو ان يدعوك مختارا لكسر تلك الاسطوانات كي لا تنشغل عنه بها, فتعيشه هو وتتنفسه وتأتلق به ومعه فيكون اسطوانتك البديلة على امتداد شهر واحد فقط. هنا يكون مأزق البعض, فالممارسات التي تزحف عليها الرمضانيات اثيرة على القلب والعقل ومن الصعب ان ينسى القلب اثيره والعقل كذلك. انظروا الى حال المدخن ومدمن الشاي والقهوة ودعوا جانبا الطعام والشراب ولوثات البشر الاخرى, لنمعن التفكير في امور بسيطة هي من هواء ودخان, متضائلة في الحجم والوزن ولكن الحرمان منها يثقل على الانسان حياته. فالسيجارة دخان والقهوة ماء ومنبهات والشاي ليس اكثر, ولكن كيف يكون حال مدمنها في اول ايام الشهر الفضيل, مزيج من بؤس وكآبة وصداع متواصل, مع كثير من نفاذ الصبر والعصبية وضيق الصدر. هذه هي الاسطوانات التي يكسرها رمضان صباح كل يوم فيجد الانسان انه في مأزق ليس مع رمضان بل مع نفسه ومع ذلك يصر وبطفولة صاخبة على انه أقوى من مشى على البسيطة. في رمضان تتضح القوة بلا حجب, انظر حولك والى نفسك وكن صادقا.. لاجل رمضان هذه المرة... هل انت قوي فعلا؟؟ نحن نعاني كثيرا مع اسطواناتنا القديمة والغريب ان رمضان هو اكثر المواسم التي تروج فيها موجة الافتاء حيث يرتدي الكل رداء المشايخ وعباءات العلماء, بينما نحن لا نبحث كثيرا عن حل وحرمة لما نمارسه فهناك في دواخلنا اجابات تتولد تلقائيا تستقي اجاباتها من مواريث التربية والتنشئة وتكوين الوجدان والضمير المسلم الذي غرس فينا منذ الصغر قناعات تحولت مع العمر الجميل وغير الجميل الى ثوابت غير قابلة للتغيير او البيع او نقل الملكية. ورمضان كريم.

Email