توقّعات كبيرة بترشّحه للانتخابات الرئاسية المقبلة

ترامب ذاهب و«الترامبية» باقية

ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم مرور قرابة الأسبوعين على الانتخابات الأمريكية، ما زال الجدل سيّد الموقف بسبب المواقف المثيرة لسيّد البيت الأبيض «المهزوم» انتخابياً، دونالد ترامب. لكن ثمّة من يرى أن ترامب هُزم بينما الترامبية قد تعيش طويلاً. الانتخابات في الولايات المتحدة أظهرت أن التيار، الذي نشأ حول ترامب أوسع وأشد تأثيراً مما كان متوقعاً، وسيستمر بعد الانتخابات، بمعزل عن نتيجتها. وقد يكون ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن الصحافية في شبكة «سي إن إن» صوفيا نلسون بأن «تيار ترامب حقيقي، وسيستمر»، فيه كثير من الواقعية.

لم يكن ربح الانتخابات أو خسارتها، في هذه الدورة، موضوعاً محورياً في الولايات المتحدة، إذ أن وجوهاً أخرى للمشهد جديدة بالقراءة والتوقّف. فاللافت للانتباه أن شعبية ترامب واسعة، ومع أنه خسر الانتخابات حصل على ما يناهز السبعين مليوناً من أصوات أصحاب حق الاقتراع - وفقاً للتوقعات ـ وهو ثالث أكبر عدد من الأصوات في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بعد خصمه جو بايدن والرئيس السابق باراك أوباماً، نجح في تحقيق شيء آخر غير مسبوق ولم يحدث في عهد أي رئيس أمريكي آخر، إذ إن ترامب حظي بتيار عريض موال لشخصه وليس بالضرورة لحزبه، كما كان يحصل دائماً، الأمر الذي أوجد ما تسمى «ظاهرة الترامبية»، وهي تتجاوز حدود البعد الحزبي لتمس جوهر حياة الأمريكيين مجتمعياً وبنيوياً.

ظاهرة

وفي هذا السياق، وفي نفس الاتجاه، يعلّق مؤسس جمعية «بيبل فور ترامب» (الشعب من أجل ترامب) جيم وورثينغتون في بنسلفانيا «أنصاره يعبدونه لأنه يضع أمريكا والأمريكيين قبل أي اعتبار آخر»، أي أن أنصار ترامب يعتبرون أنه «يقاتل من أجلهم». ويتوقّع محللون أمريكيون أن يترشّح للانتخابات الرئاسية في 2024، وهي حالة حصلت مرتين في التاريخ الأمريكي.

ورغم أن مظاهرات أنصار ترامب كانت سلمية إلى حد كبير، إلا أن تفاقم الظاهرة وما يرافقها من تصاعد في خطاب التعصّب والتشكيك في الانتخابات والنظام الديمقراطي الأمريكي نفسه، قد ينتقل بها إلى مشهدية مختلفة.

بداية

أحياناً تكون النهايات بدايات لمسارات جديدة. ومن المرجّح ألا يستمر عناد ترامب طويلاً، وأنه سيجد نفسه مضطراً للتسليم بالأمر الواقع والرضوخ للنتيجة حتى لو لم يتقّبلها، أو لم تتقبّلها الطبيعة الشخصية لرئيس يكرّر دائماً أنه يكره «الفاشلين». لكن خلافاً لرؤساء آخرين، من المستبعد أن يغيب عن الأضواء أو ينسحب من الحياة السياسية.

من شبه المؤكد أن الترامبية تتجه للتبلور كتيار ينمو ويتّسع ويتجذّر في المجتمع الأمريكي، وربما خارجه، وهي لها بيئة حاضنة في ظل ما تعانيه العولمة من مصاعب وتحدّيات وانعكاسات حياتية. وقد يكشف قادم الأيام عن مدى تجذّر هذه الظاهرة وانعكاساتها على أمريكا وما بعدها.

Email