عملية جرابلس استهدفت منع الأكراد من ربط شرقي الفرات بغربه

أردوغان يخاطر بالقتال على ثلاث جبهات

أنقرة بررت تدخلها بالتهديد الوجودي لتقدم الأكراد

ت + ت - الحجم الطبيعي

يرى مراقبون غربيون أن تركيا ما زالت على مسار تصادمي مع الغرب، على الرغم من كل المؤشرات الموحية بخلاف ذلك، وأنها تقاتل على العديد من الجبهات، بما يتجاوز إمكانياتها، في وقت واحد أيضاً.

وهم يتوقعون أن يواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي بدا متجهم الوجه في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، مطالبته الولايات المتحدة بتسليم فتح الله غولين، رجل الدين الإسلامي المقيم في بنسلفانيا، الذي تقول أنقرة إنه مدبر الانقلاب العسكري الدموي الأخير.

وعلى عكس انقلابات تركيا السابقة، عندما قام الجيش و«الدولة العميقة» الأسطورية بإزاحة الأحزاب السياسية جانباً، كان الانقلاب الأخير عبارة عن تمرد فئوي.

وكان غولين على رأس أجندة نائب الرئيس الأميركي، في سعيه لتخفيف التوتر في أعقاب محاولة الانقلاب، الذي تشير الأدلة إلى أن ضباط غولين كانوا وراءه. السلطة الخفية

وكان غولdن حتى 2012 حليفاً لا غنى عنه لحزب العدالة والتنمية، في ظاهرة فريدة من نوعها، ذلك أنه عندما اكتسح حزب العدالة والتنمية السلطة في 2002 بالكاد كان لديه موطئ قدم في الدولة العلمانية التي بناها مصطفى أتاتورك من تحت انقاض الإمبراطورية العثمانية.

لكن حركة غولين أمضت عقودا من الزمن في بناء تجمعات من السلطة الخفية في تركيا، فقامت بإدراج كوادرها في الشرطة والقضاء وأجهزة المخابرات والجيش والسلك الدبلوماسي والأعمال والإعلام والاكاديميا.

شبكات غولين هذه جعلت قائدها مقبولاً كمحدث ومجدد حيث أشادت به المجلات الغربية باعتباره أحد كبار المفكرين في العالم. كل هذا كان مفيداً لأردوغان، حيث إنه نشر ما يدعوه أردوغان الآن بحق «الدولة الموازية الغولينية» في مقابل «الدولة العميقة الكمالية»، لتقليم أظفار جنرالات الجيش بوجه خاص. أما الآن، فإنه يصرح بأنه مصدوم من الحجم الهائل للاختراق الذي أحرزه أتباع غولين.

وقد أرسلت تركيا دبابات إلى سوريا أخيراً في إطار هجوم واسع ضد تنظيم «داعش»، لكن أيضاً من أجل احتواء الأكراد السوريين. وتلت هذه الخطوة محاولة الانقلاب الأخيرة ضد أردوغان والهجوم الإرهابي القاتل داخل بلدة غازي عنتاب في جنوب تركيا.

وتحاول تركيا أيضاً التخويف من الفزاعة من خلال تشبيه غولين بأسامة بن لادن. وللمفارقة، فإن أتباع غولين بإصرارهم على استيطان مؤسسات الدولة، هم أشبه بالإخوان المسلمين. فإذا نجحوا إلى هذه الدرجة التي أظهرتها حملات التطهير لأردوغان، فإن اردوغان وتركيا في ورطة حقيقية.

وفي كلتا الحالتين، من الصعب رؤية كيف يمكن لأردوغان مواصلة القتال في وقت واحد ضد أنصار غولين و«داعش» والتحرك الكردي المتجدد منذ العام الماضي، لا سيما إذا واصلت أنقرة الاصطدام مع حلفائها الغربيين التقليديين.

تصنيف الخطر

وقد تبدو عملية جرابلس، على سبيل المثال، كأنها رد على قصف «داعش» المثير للقلق لحفل زفاف كردي في غازي عنتاب، لكنه كان في الحقيقة لمنع الميليشيات الكردية السورية، المدعومة من قبل الولايات المتحدة والمرتبطة بمسلحي حزب العمال الكردستاني في تركيا، من السيطرة على جرابلس أولا وربط أراضيها في شرق الفرات بغربه.

ومن الصعب تغيير الطريقة التي تصنف أنقرة بها الخطر الذي يهددها: طائفة غولين يمكن القضاء عليها، و«داعش سيزول»، لكن التقدم الكردي على جانبي الحدود مع سوريا سيكون تهديداً وجودياً دائماً لسلامة الأراضي التركية.

لكن الانقلاب الذي حشد ضده كل خصوم حزب العدالة والتنمية بما في ذلك حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، يقدم فرصة للرئيس التركي، لا سيما إذا استخدمت أميركا نفوذها الجديد مع الأكراد الذين كانوا يتحدثون عن السلام مع أنقرة حتى نهاية الصيف الماضي.

وقد يختار أردوغان حتى إلقاء اللوم على محرضي غولين لإشعالهم مجددا تمرد حزب العمال الكردستاني، تماما كما قرر أخيرا أن يحملهم مسؤولية إسقاط الطائرة الروسية التي أدت في نوفمبر الماضي إلى خرق في العلاقات مع صديقه بوتين.

استنتاج متأخر

قال أردوغان إنه يتعين على الولايات المتحدة أن تختار «إما تركيا أو فيتو» أي «منظمة فتح الله غولين الإرهابية»، كما لقب حركة غولين ذات الأذرع كالأخطبوط.

أما بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي ينظر على انه أدار منذ فترة طويلة ظهره لتركيا كمرشح للعضوية قابل للتطبيق، فإن الأتراك، ليس الحزب الحاكم فقط بل أيضا الليبراليين، يشعرون بالسخط من أن الأوروبيين يبدون غاضبين من نطاق الحملة الحكومية بعد الانقلاب أكثر من غضبهم من الانقلاب نفسه.

Email