ماكلوهان رائد علوم الاتصال

ت + ت - الحجم الطبيعي

رتبة المارشال العسكرية الرفيعة يحملها أفراد عديدون في جيوش العالم.. لكن «مارشال» هو الاسم الحقيقي للمفكر الكندي الذي مازال يعد من رواد علوم الاتصال والإعلام في عصرنا. ولهذا يحتفل الإعلاميون، ما بين ممارسين أو أكاديميين بالذكرى المائة لمولده بعد أن رحل عن العالم منذ نحو 30 سنة تاركا تراثا من الدراسات والطروحات التي مازالت تشكل جانبا لا يستهان به من الوعي بالتطور الإعلامي في زماننا، خاصة من حيث ارتباط هذا التطور في وسائل وعمليات الاتصال بحياة الناس وبأنماط الحضارة الإنسانية على اختلاف الأمم وتباين الأجيال.. ومن عجب أن البروفيسور «مارشال ماكلوهان» لم يبدأ متخصصا في عالم الاتصال ولكن ربما أعانه على اقتحام هذا التخصص الذي كان وليدا خلال مرحلة اليفاعة العلمية للمفكر المذكور، أن «ماكلوهان» كان أستاذا للأدب الإنجليزي في جامعات أميركا وكندا وقد ساندته دراسته المتأنية للتاريخ على أن يتبع مسارات تطور الاتصال ما بين عصر الطباعة الذي رأى «ماكلوهان» أنه أضفى طابع الفردية على الحضارة الأوروبية إلى عصر الراديو ومن ثم التليفزيون الذي جاء، كما يقول المفكر المذكور فيما يشبه التبشير، بتحولات أعادت البشر إلى عصر الجماعية الأسرية أو حتى التجمع القبلي وهو ما أوصل العالم في تصوراته الرائدة إلى أن أصبح أقرب إلى قرية الكترونية لا بفضل مضمون الرسائل الإعلامية ولكن بفضل وجود، مجرد وجود، الوسائل الإعلامية التي تُطبع المتلقي بطابعها وتكاد تكون امتدادا لأجسامنا وملكاتنا وجوارحنا ابتداء من الهاتف الذي يشكل امتدادا لأسماعنا وليس انتهاء بالحاسوب وهو امتداد لملكاتنا الذهنية.

تُعَد النظرية التكنولوجية لوسائل الإعلام، من النظريات الحديثة التي ظهرت عن دور وسائل الاعلام وطبيعة تأثيرها على مختلف المجتمعات، ومبتكر هذه النظرية (مارشال ماكلوهان) كان يعمل أستاذاً للغة الإنجليزية بجامعة تورنتو بكندا، ويعتبر من أشهر المثقفين في النصف الثاني من القرن العشرين.

يقول مارشال ماكلوهان ان (مضمون) وسائل الاعلام لا يمكن النظر إليه مستقلاً عن تكنولوجية الوسائل الإعلامية نفسها. فالكيفية التي تعرض بها المؤسسات الإعلامية الموضوعات، والجمهور الذي توجه له رسالتها، يؤثران على ما تقوله تلك الوسائل، ولكن طبيعة وسائل الإعلام التي يتصل بها الإنسان تشكل المجتمعات أكثر مما يشكلها مضمون الاتصال، فحينما ينظر ماكلوهان إلى التاريخ يأخذ موقفا نستطيع أن نسميه (بالحتمية التكنولوجية) فبينما كان كارل ماركس يؤمن بالحتمية الاقتصادية، وبأن التنظيم الاقتصادي للمجتمع يشكل جانباً أساسياً من جوانب حياته، وبينما كان فرويد يؤمن ان الجنس يلعب دوراً أساسياً في حياة الفرد والمجتمع، يؤمن ماكلوهان بأن الاختراعات التكنولوجية المهمة هي التي تؤثر تأثيراً أساسياً على المجتمعات. ويقول ماكلوهان ان التحول الأساسي في الاتصال التكنولوجي يجعل التحولات الكبرى تبدأ، ليس فقط في التنظيم الاجتماعي، ولكن أيضا في الحساسيات الإنسانية. والنظام الاجتماعي في رأيه يحدده المضمون الذي تحمله هذه الوسائل. وبدون فهم الأسلوب الذي تعمل بمقتضاه وسائل الأعلام لا نستطيع أن نفهم التغيرات الاجتماعية والثقافية التي تطرأ على المجتمعات.

ويعرض ماكلوهان أربع مراحل تعكس في رأيه تطور التاريخ الإنساني:

1 ــ المرحلـة الشفوية كلية، مرحلة ما قبل التعلم، أي المرحلة القبلية.

2 ــ مرحلة كتابة النسخ التي ظهرت بعد هومر في اليونان القديمة واستمرت ألفي عام

3 ــ عصر الطباعة: من سنة 1500 إلى سنة 1900 تقريباً

4 ــ عصر وسائل الاعلام الإلكترونية: من سنة 1900 تقريباً، حتى الوقت الحالي.

Email