لماذا تأخر بوتين في تهنئة بايدن؟

استقبال بوتين لبايدن في موسكو سنة 2011 | أ.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكن من فراغ أو على سبيل الترف اهتمام وسائل الإعلام بمجملها بتهنئة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن بفوزه بأغلبية أصوات المجمع الانتخابي. ولم يكن الأمر مرتبطاً فقط بكون بوتين آخر رئيس في العالم يهنئ بايدن، أو لأنها تعني تأكد فوز بايدن نهائياً، إنما للدلالات التي تكمن وراء كون تأخر التهنئة أهم من إرسالها.

ومثلما لم يكن الاهتمام بالتهنئة كونها متأخرة من رئيس دولة عظمى منافسة، فإن التأخر فيها لم يكن في حقيقة الأمر للسبب البروتوكولي الذي أعلنه بوتين حين عزاه إلى كون الإعلان عن الفوز صدر عن وسائل الإعلام الأمريكية، وليس عن جهة رسمية، لاسيما إذا تذكرنا أن بوتين سبق له أن هنأ ترامب بفوزه على المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون سنة 2016، قبل أن تعلن الجهات الرسمية فوزه.

وراء الأكمة

إذاً، تبدو وراء الأكمة ما وراءها، إذ يتعلق الأمر بالعلاقات الأمريكية الروسية المتوترة، وبمواقف بايدن نفسه سواء حين كان نائباً للرئيس الأسبق باراك أوباما أو في حملته الانتخابية. ولعل مضمون برقية التهنئة من الرئيس الروسي تبوح بشيء من هذا القبيل، إذ يعرب فيها عن أمله بأن «ينحي البلدان خلافاتهما جانباً لتعزيز الأمن العالمي». يقول بوتين في برقيته «من طرفي، أنا مستعد للتعاون والتواصل معك».

وفي تعبير أوضح، ورد في البرقية أنه على موسكو وواشنطن «رغم خلافاتهما، المساهمة حقاً في حل العديد من المشكلات والتحديات التي يشهدها العالم حالياً».

ويتوقع مراقبون أن يتخذ بايدن موقفاً أكثر تشدداً حيال روسيا مقارنة بترامب. وسبق أن انتقد بايدن سلفه خلال الحملة الانتخابية لـ«تقربه» من بوتين، واصفاً الرئيس الروسي بـ«المستبد».

تحسين العلاقات

في الوقت الحالي، يسمح تراجع بوتين بالتأخير في معالجة السؤال المشحون حول كيفية تحسين العلاقات. وعلى الرغم من أن السياسيين الروس أشادوا على نطاق واسع بانتخاب ترامب في عام 2016، وتوقعوا منه الوفاء بوعوده بتحسين العلاقات، فإن إدارة ترامب أحبطت موسكو بفرض عقوبات وطرد عشرات الدبلوماسيين الروس في مناسبات مختلفة، فضلاً عن إلغاء عدد من الاتفاقات العسكرية الثنائية والدولية، تبدو روسيا حذرة بشكل خاص من الإدارات الديمقراطية للولايات المتحدة لأنها تميل إلى أن تكون أشد انتقاداً لروسيا بشأن ملفات داخلية ودولية عديدة.

وقد لخّص بايدن، في رحلة إلى روسيا عام 2011 كنائب للرئيس، هذا النهج في خطاب ألقاه بجامعة موسكو ستاتيو، بقوله: «لا مساومة على العناصر الأساسية للديمقراطية».

رجل أوباما

كما أن موسكو لا تنسى أن بايدن كان رجل إدارة أوباما في أوكرانيا بعد الاحتجاجات التي أطاحت بأصدقاء الكرملين من السلطة سنة 2014. واتهمت واشنطن حينها أن الولايات المتحدة أججت الاحتجاجات.

وكثيراً ما ألقى المسؤولون الروس باللوم في الصعوبات التي واجهتها العلاقات بين موسكو وواشنطن خلال إدارة ترامب على «الخوف من روسيا» المزعوم الذي انتقل من سنوات أوباما، ويتوقع بعض السياسيين أن يزداد ذلك في عهد بايدن.

ويعتقد محللون روس أن إدارة بايدن قد تعود إلى سياسة أكثر حزماً في الفضاء ما بعد الاتحاد السوفييتي، وهو أمر يثير قلق موسكو دائماً. وفي نفس الوقت يرجّحون أن تكون إدارة بايدن أكثر قابلية للتعاون الدولي، لا سيما في مجال الحد من الأسلحة، مثل تجديد معاهدة ستارت الجديدة بين روسيا والولايات المتحدة، ويرون أن من شأن انتخاب بايدن أن يقضي إلى حد كبير على الشكاوى المتعلقة بالتدخل الروسي في الانتخابات، وبالتالي تمهيد الطريق لاتفاقيات التسلح.

Email