إيران بين صدمة اغتيال زاده وحسابات الانزلاق

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما زالت عملية اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده تلقي بظلالها في المنطقة والعالم، وأبرز تجليات القلق ما يمكن أن يترتّب على الاتهام الإيراني لإسرائيل بالوقوف وراء الاغتيال، وما تعلنه طهران عما يشبه التحلل من التزاماتها في الاتفاق النووي، وبخاصة موضوع تخصيب اليورانيوم، وذلك كله يتزامن مع ترقب لسياسة واشنطن إزاء طهران في الفترة المتبقية لولاية الرئيس دونالد ترامب، حتى العشرين من يناير المقبل. 

حتى الحليف التقليدي لإيران عبّر عن قلقه إزاء تصريحات مسؤولين إيرانيين عن إمكانية الحد من أنشطة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في البلاد رداً على اغتيال زاده.

فمندوب روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف، قال عبر حسابه في «تويتر» إنه على خلفية اغتيال العالم الإيراني، دعا برلمانيو إيران إلى وقف العمل بالبروتوكول الإضافي (الخاص بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية) والحد من عمليات التفتيش التي تنفذها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران، مشيراً إلى أن «العواطف لا تساعد دائماً في إيجاد حل صحيح. البروتوكول الإضافي يتجاوب مع مصالح جميع الأطراف بما فيها طهران»، وفق ما نقلت عنه فضائية «روسيا اليوم».

4 نقاط
وجاء كلام المندوب الروسي بعد تأكيد رئيس لجنة الطاقة في مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني، فريدون عباسي، على حسابه في «تويتر» أن اغتيال زاده «سوف يغير هندسة المجلس الثوري حيال البرنامج النووي»، وأن إرادة المجلس تتركز الآن على أربع نقاط مركزية منها بدء تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 بالمائة وإخراج جميع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من البلاد ووقف التعاون مع الوكالة إطلاقاً والانسحاب من الاتفاق النووي.

وكان البرلمانيون الإيرانيون صادقوا اليوم على إعطاء قانون (الإجراء الاستراتيجي لإلغاء العقوبات) صفة عاجل جداً. وأفادت وكالة تسنيم الإيرانية بأن النواب في الاجتماع المفتوح وافقوا على مراجعة الإجراء الاستراتيجي لرفع العقوبات بأغلبية 232 صوتاً من إجمالي 246 نائباً حضروا الجلسة.

وقال رئيس المجلس محمد باقر قاليباف، إن مناقشة هذا القرار ستدرج على جدول أعمال المجلس هذا الأسبوع، ما سيمكن من تعزيز الصناعة النووية للبلاد.

إشارات مضادة 
لكن إشارات مضادة صدرت عن الجانب الإيراني من شأنها تبريد المخاوف من انزلاقات غير محمودة في المنطقة. صدرت الإشارات عن مستشار كبير للمرشد الأعلى الإيراني ومفادها أن إيران سترد رداً «محسوباً» على مقتل زاده، حسبما نقلت وكالة رويتز عن كمال خرازي، وهو رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية. وفي السياق التبريدي أيضاً نقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن المتحدث الرسمي باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، قوله في بيان نُشر اليوم على الموقع الرسمي للحكومة، إن «سياسات إيران العلمية والدفاعية لن تتغير بسبب اغتيال عالم أو جنرال، مضيفاً أن بلاده «يجب ألا تقع في فخ ربط الاغتيال بالمفاوضات النووية السابقة».

مقولة «الزمان والمكان» التي بدأت تصدر عن طهران بعد مرور يومين على الاغتيال، تبعث إشارة إلى أنه ما من إجراء متوقع صدوره عن طهران، إن على مستوى تحرّك تصعيدي في المنطقة، أو على مستوى الالتزامات الواردة في البرنامج النووي، ربما لعدم قطع الطريق على مقاربة جديدة قد تعتمدها إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن إزاء ملف طهران عموماً، والبرنامج النووي على وجه الخصوص، وفي خلفية المشهد يظهر إرسال واشنطن حاملة بارجية حربية إلى المنطقة، في خطوة قال البيت الأبيض إنها مقررة مسبقاً، لكن مراقبين أصروا على اعتبارها، في الحد الأدنى من حيث التوقيت، رسالة ردع إلى إيران.

Email