«كورونا».. غياهب الإغلاق تفجّر غضب الأوروبيين

إغلاق كامل في كبرى ساحات كولونيا غرب ألمانيا تخوفاً من تفاقم تفشي فيروس «كورونا» أ.ف.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكد الأوروبيون يخرجون من الإغلاق الذي فرضه تفشي فيروس «كورونا» منذ مارس الماضي، وتنفّس الجميع الصعداء بعد شهور طوال من الحجر وملازمة المنازل، الأمر الذي أثمر عن تراجع الوباء إلى حد كبير بفضل الالتزام بإجراءات الإغلاق بشكل كامل وحرفي، ما مكّن القارة العجوز من استعادة عافيتها والخروج التدريجي من نفق الإغلاق بل وفتح الأعمال ومختلف أوجه الحياة على نحو واسع في عدد كبير من الدول، بعد أيام كالحة وشهور مريرة عاشتها القارة تحت ضغط الوباء إصاباته ووفياته على حد سواء.

تحمّل الأوروبيون الإغلاق الأول في صبر وجلد كبيرين، قبل أن تدهمهم من حذرته منه السلطات كثيراً والمتمثّل في موجة ثانية من الوباء تستدعي إغلاقاً جديداً ربما يكون أكثر قسوة، لا يبدو الأوروبيون على استعداد لتحمّله على الرغم من التحذيرات التي تصدرها السلطات من هنا وهناك بأنّ الخطر لا يزال متربصاً وأنّ الناس قد يجدون أنفسهم وجهاً لوجه أمام موجة أخرى عاتية. تتباين تعامل الدول الأوروبية مع الطارئ الجديد وضرورة الإغلاق، بين من تسعى لتطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي دون إرغام الأعمال التجارية على الإغلاق، فيما تفرض أخرى إجراءات إغلاق جزئية.

يسعى خبراء صحة أوروبيون إلى التحذير من مغبة ارتفاع أصوات المعترضين على إجراءات الإغلاق، وتبيان أنّ المعركة ضد الوباء لا تزال مستمرة على الرغم مما أحرز من تقدّم، مشيرين إلى أنّه وفي حين أنّ الإغلاق سيعرقل النشاط الاقتصادي، فإنّ من شأن ارتفاع المخاطر الصحية وما يترتب عليها من خوف وذعر سيمنع الأفراد والشركات من ممارسة الأنشطة الاقتصادية.

ومع تخطي أعداد المصابين في القارة الأوروبية عتبة الـ 11 مليوناً، لم تجد الكثير من الدول بداً من العودة إلى الإغلاق غير آبهة بضيق وتبرّم الكثير من مواطنيها على الخطوة، ففيما فرضت النمسا قيوداً اجتماعية ليلية، بعد أقل من 24 ساعة على هجوم إرهابي أسقط قتلى وجرحى تستمر حتى نهاية نوفمبر، تتأهّب العاصمة البريطانية لندن لتطبيق إغلاق جديد يستمر أربعة أسابيع، بينما أغلقت اليونان المناطق الأكثر اكتظاظاً والمتمثلة في المتاجر غير الأساسية والمطاعم.

في المقابل، لا يرى أوروبيون آخرون في الإجراءات الصحية التي فرضتها السلطات كافية لاسيّما فرنسا التي اضطرت شرطتها لمكافحة الشغب، إلى استخدام رذاذ الفلفل بعدما أغلقوا مدرسة ثانوية في باريس. ولم تسلم إيطاليا من تظاهرات عنيفة، ضد تدابير الإغلاق، أسفرت عن اشتباكات عنيفة في مدن مثل تورينو وميلانو. لم تجد السلطات في مختلف الدول الأوروبية، وفق مراقبين، من سبيل لوقف الموجة الثانية العاتية من وباء «كورونا» سوى بتطبيق جديد لإجراءات الإغلاق لن يكون كما سابقه بطبيعة الحال، إلّا أنّه وفي الحالتين يلقى سخط وتذّمر المواطنين الذين لم يصدقوا بعد أنّهم خرجوا من نفق العزلة.

Email