الحرائق السياسية تقترب من روسيا

بيلاروس

ت + ت - الحجم الطبيعي

باتت النيران المشتعلة قريبة من حدود روسيا، بل على أراضي جيران كانوا بالأمس القريب شركاء معها في دولة واحدة طيلة 70 عاماً. بعض الجمهوريات التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي السابق، باتت اليوم تجلس في مقاعد عضوية حلف الناتو، أما البعض الآخر فقد بدأ يشهد حركات معارضة تسعى لجذب بلادها نحو الغرب بعيداً عن روسيا.

أقرب تلك الجمهوريات إلى موسكو، سياسياً فضلاً عن جغرافياً، بيلاروسيا التي تشهد احتجاجات واسعة ضد إعادة انتخاب رئيسها ألكسندر لوكاشينكو الذي يحكم بيلاروسيا منذ أكثر من ربع قرن. واليوم، ألقت السلطات البيلاروسية القبض على نحو 300 شخص في أحدث احتجاجات حاشدة في مينسك. هذه الاحتجاجات تتكرّر في كل عطلة أسبوعية منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر.

وسواء كانت الاحتجاجات تنطلق من غضب شعبي أم بفعل دعم خارجي، كما يقول لوكاشينكو وموسكو، فإن استمرارها وتوسّعها يهدّد بفتح ثغرة جديدة في الجدار المحيط بروسيا، إذ إن أياً من هؤلاء الحلفاء يسقط، يخلي مكانه لزعماء جدد قريبين من الغرب وحلف الناتو الذي بات على مرمى حجر من الحدود الروسية.

مولدافيا على الطريق

في مولدافيا، وهي جمهورية سوفييتية سابقة أيضاً، تصدّر الرئيس المنتهية ولايته إيغور دودون نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت الأحد الماضي، وسيُواجه في الدورة الثانية المرشحة الموالية لأوروبا مايا ساندو، وفق أرقام جزئية نشرتها اللجنة الانتخابية اليوم.

وحصل دودون على 35% من الأصوات بعد فرز 81% من صناديق الاقتراع، متقدّماً على ساندو التي حازت 31% من الأصوات في انتخابات رصدتها موسكو. وتجري الدورة الثانية في 15 نوفمبر.

دودون المدعوم من موسكو يسعى للفوز على المرشحين الداعمين للتقارب مع الاتحاد الأوروبي، وسط مخاوف من اضطرابات على خلفيّة النتائج.

يقول فاليريو باشا من مركز الأبحاث «ووتشدوغ مولدوفا» إن «هذه الانتخابات أقرب إلى استفتاء على تفويض دودون»، موضحاً أنّ الناخبين سيتمكّنون من الاختيار بين طريق تكامل أوروبي أقوى، أو إبقاء النظام الحالي المرتبط بالكامل بالكرملين.

بعد ستّ سنوات وعلى الرّغم من رفع تدريجي لهذه العقوبات، تفوّق الاتحاد الأوروبي على روسيا وأصبح الشريك التجاري الأوّل لمولدافيا.

وشهدت انتخابات سابقة اتّهامات بالتزوير، ويخشى عدد من الناخبين حصول سيناريو شبيه بما حدث في بيلاروس.

«سيناريو ثوري»

وبينما تهزّ أزمة سياسيّة جمهوريّة قرغيزستان السوفييتيّة السابقة، اتهم رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي سيرغي ناريشكين واشنطن الأسبوع الماضي بتدبير «سيناريو ثوري» قبل الانتخابات الرئاسية في مولدافيا.

جورجيا على حافة أزمة سياسية بعدما دعت المعارضة إلى تظاهرات احتجاج على نتائج الانتخابات التشريعية التي فاز فيها الحزب الحاكم بفارق ضئيل. وكانت هذه الانتخابات تهدف إلى تجديد كل مقاعد البرلمان البالغ عددها 120 في البلد الواقع في القوقاز والذي يبلغ عدد سكانه حوالى أربعة ملايين نسمة.

ويعتقد الخبير الجورجي غيلا فاسادزي أن البلاد قد تواجه عدم استقرار سياسي، حتى لو فشلت المعارضة في تجميع حشود كبيرة في ظل تفشي فيروس كورونا. وقال: «في كل الأحوال، سيكون لـ«الحلم الجورجي»، وهو الحزب الحاكم، غالبية غير مستقرة في البرلمان الجديد».

قرغيزستان

وكانت لجنة الانتخابات المركزية في قرغيزستان قد أعلنت إلغاء نتائج الانتخابات التشريعية التي أجريت مؤخراً. وتسبب فوز حزبين مقربين من الرئاسة فيها باندلاع موجة احتجاجات شعبية. وقبل ذلك أكد الرئيس سورونباي جينبيكوف أنه لا يزال يسيطر على الوضع في البلاد بعد اقتحام متظاهرين مقر الرئاسة والبرلمان ولجنة الأمن القومي، وإطلاق سراح منافسه الرئيسي الرئيس السابق ألماظ بك أتامباييف.

وأدت النتائج المثيرة للجدل للانتخابات التشريعية التي جرت في الأسبوع الأول من الشهر الماضي إلى نزول آلاف الأشخاص من معارضي السلطة إلى شوارع العاصمة بشكيك ثم إلى مواجهات ليلاً مع الشرطة أدت إلى سقوط 120 جريحاً على الأقل.

طريق أوكرانيا

ويبدو أن هذه الدول تسير في طريق أوكرانيا التي تشهد صراعاً بين نهجي التقارب مع الغرب والتقارب مع موسكو. أوكرانيا كانت جمهورية مهمّة في الاتحاد السوفييتي السابق، وخلال الحرب الباردة. وكانت ثاني أكبر جمهوريات الاتحاد السوفييتي من حيث عدد السكان، وكانت تضم كثيراً من الإنتاج الزراعي والصناعات العسكرية الدفاعية، بما في ذلك أسطول البحر الأسود وترسانة نووية.

في عام 2014 أصبحت أوكرانيا ساحة للصراع عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم، وكان ذلك بمثابة تحوّل واضح في المشهد الأمني الدولي من نظام أحادي القطبية تهيمن عليه الولايات المتحدة إلى نظام متعدد الأقطاب.

Email