الانقسام يتعمّق بين ضفّتي الأطلسي حول الصين

ت + ت - الحجم الطبيعي

بينما كانت الولايات المتحدة منشغلة بتأمين تشغيل سفن الرد السريع في غرب المحيط الهادي لمواجهة «الأعمال المزعزعة للاستقرار»، في إشارة إلى الصين، وفيما كان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو يجدول زياراته إلى ستة بلدان آسيوية من أجل الحشد لتحالف عالمي ضد الصين، استقبلت العاصمة الأوكرانية كييف أول شحنة تجارية عبر خط شحن حديدي صيني-أوروبي جديد، ليصبح الخط الـ13 بين الجانبين.

يكشف موجز الأحداث الثلاثة السابقة واحداً من مظاهر الشقاق بين ضفتي الأطلسي، الأمريكي والأوروبي. فبينما تصنف الولايات المتحدة الصين كتحدٍّ استراتيجي، تنطلق أوروبا من رؤية مغايرة ترى في التوسع الصيني أحد نتائج العولمة والتداخل بين مصادر رأس المال العالمي الذي بات متشابكاً، لدرجة أن شركات صناعة السيارات الأوروبية تعول على الاستهلاك الصيني لضمان عدم السقوط في سياسات إعادة الهيكلة.

ومن المقرر أن تنقل القطارات من الصين إلى أوكرانيا سلعاً تشمل منتجات الأجهزة الإلكترونية والتجارة العامة والأدوات الكهربائية، فيما ستحمل القطارات العائدة إلى الصين منتجات أوكرانية مثل المواد الخشبية والمعدنية والزراعية.

وأوضحت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أنه في حين أثرت جائحة فيروس كورونا بشكل كبير على النقل الدولي، إلا أن قطارات الشحن الصينية-الأوروبية اضطلعت بدور محوري في النقل البري بين الدول، وهو ما تؤكده الزيادات في أعداد القطارات والخطوط الجديدة المفتوحة وحجم السلع المنقولة.

وغادر أكثر من 300 قطار للشحن بين الصين وأوروبا من جينهوا منذ مطلع هذا العام، ونقلت هذه القطارات 24900 حاوية معيارية. ومن المتوقع أن تطلق جينهوا خطين جديدين للشحن الحديدي إلى فرنسا وبلجيكا هذا العام.

ويأتي هذا الافتراق بين ضفتي الأطلسي رغم المحاولات التي يبذلها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو لإيجاد مساحة مشتركة. وفي هذا الإطار، أطلقت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يوم الجمعة قناة ثنائية مخصصة للحوار بشأن قضايا الصين. وسيتم إجراء «الحوار الثنائي» من خلال خدمة العمل الخارجي الأوروبية ووزارة الخارجية الأمريكية.

وكان بومبيو يضغط على الدول الأوروبية لرفض عملاق التكنولوجيا الصيني شركة هواوي، التي تسعى إلى تنفيذ البنية التحتية لاتصالات الجيل الخامس في أوروبا. ويتهم بومبيو الشركة بأنها تشكل تهديداً للأمن القومي.

وتلائم هذه الآلية في الحوار البيروقراطية الأوروبية التي تتسم بالبطء والتروّي، على عكس الدبلوماسية العاجلة التي يقودها الوزير الأمريكي الذي وصل الهند الاثنين، في مستهل جولة آسيوية تشمل أربع دول قال إنها ستركز على «التهديدات» التي تشكّلها الصين. وتأخذ الجولة بومبيو من الهند إلى سريلانكا وجزر المالديف وإندونيسيا، وكلها بلاد تلعب دوراً رئيسياً في حركة النقل البحري في المحيط الهندي حيث يتزايد نفوذ الصين.

Email