القصف الروسي لمُوالي تركيا.. التوقيت والأهداف

ت + ت - الحجم الطبيعي

قد يكون الطيران الروسي هو الذي قصف اليوم صباحاً، أو ساعد الطيران السوري في قصف معسكر «فيلق الشام» الموالي لتركيا في منطقة إدلب، وهي المنطقة الوحيدة التي ما زالت خارج سيطرة الدولة السورية، في إطار سياسة طول النفس التي اختارتها موسكو إزاء الاحتلال التركي في شمال سوريا، ذلك أن موسكو مستفيدة من التناقضات بين أنقرة والغرب، وتشعر بأن من مصلحتها أن تبقي تركيا على المسافة الأبعد من العواصم الغربية.

لكن تدخّل تركيا في الصراع الأرميني الأذربيجاني من خلال إرسال مرتزقة سوريين إلى إقليم ناغورني قره باغ، دفع موسكو لتوجيه رسالة شديدة اللهجة والقصف إلى المعنيين في النظام التركي بأن «تناقل الكرات» في الملعب الروسي قد تجاوز الحدود، وبخاصة أن التدخّل التركي في ليبيا، عبر نقل المرتزقة، يتناقض كذلك مع مصالح روسيا.

إشارات

صحيح أن الإعلام الروسي نسب الغارات على معسكر «فيلق الشام» وقتل العشرات والتدمير الواسع الذي نجم عنها، إلى الطيران الحربي السوري، إلا أن هذا الإعلام ضمن روايته إشارات إلى المغزى السياسي، إذ إنه ضمّن الإشارة إلى الضربات الجوية المكثفة التي استهدفت معسكراً لتدريب مسلّحي تنظيم «فيلق الشام» في منطقة الدويلة بريف إدلب الشمالي الغربي عبارة (الإرهابي المحظور في روسيا). كما أشارت وكالة «سبوتنيك» الروسية إلى أن «فيلق الشام» هو أحد أبرز التنظيمات المسلّحة المتهمة بتصدير مرتزقة إلى جبهات ليبيا وأذربيجان.

وتجدر ملاحظة أن كثافة الغارات ونتائجها تؤكد أن روسيا أرادت فعلاً ضرب إحدى الأدوات التركية لتغذية القتال في ناغورني قره باغ. فلقد نقل مراسل «سبوتنيك» عن مصدر ميداني قوله إن «الطيران الحربي تعامل مع أهداف معادية تم تحديدها بدقة عبر سلسلة من الغارات الجوية المركّزة، والتي أسفرت عن تدمير 8 مقرات بينها مستودع ذخيرة وأسلحة وعدد من الدبابات والعربات المصفحة»، بالإضافة إلى مقتل ما يقارب 75 مسلحاً وإصابة أكثر من 100 آخرين بجروح جراء الغارات.

لا مدنيين

المصدر الميداني قال لوكالة «سبوتنيك»، إن المواقع التي تم استهدافها تقع على سفح جبلي في منطقة الدويلة كانت المجموعات المسلّحة قد حوّلته إلى معسكر تدريب ومستودع يحوي كميات ضخمة من الأسلحة والذخائر.

صحيح أن موسكو تريد فرملة التدخّل التركي في الصراع القوقازي القريب من حدودها، لكن المشهد السوري نفسه ليس غائباً عن أذهان الروس، إذ إن تركيا لم تفعل شيئاً فيما يتعلق بالفصل بين الإرهابيين وما تسمى المعارضة المعتدلة، وكلهم موجودون في المنطقة ذاتها الواقعة تحت الاحتلال التركي وخارج سيطرة دمشق التي اقتربت في كثير من الأحيان من شن عملية واسعة لاستعادة المحافظة الأخيرة، لولا دخول موسكو على خط التأجيل، وفق تقارير عديدة.

هل تعيد أنقرة حساباتها في ظل الكم الهائل من المشاكل التي تحيطها من كل جانب؟ قد نحتاج بضعة أسابيع لمعرفة الجواب.

Email