الصين تفرض دواءً "تقليدياً" على سكان شينجيانغ المصابين بكورونا

ت + ت - الحجم الطبيعي

تلجأ الحكومة في منطقة شينجيانغ الواقعة في أقصى شمال غربي الصين إلى إجراءات صارمة لمكافحة فيروس كورونا المستجد، بما في ذلك حبس السكان في المنازل، وفرض حجر صحي لفترات طويلة متتالية، واعتقال أولئك الذين لا يمتثلون للأوامر والإجراءات الصحية المطبقة.

وعلاوة على ذلك، فإن بعض السكان يجبرون على تناول أدوية صينية تقليدية، زعماً أنها تكافح فيروس كورونا، الأمر الذي اعتبره الخبراء انتهاكاً لأخلاقيات مهنة الطب، وذلك وفقاً لتقرير نشرته وكالة أنباء أسوشييتد برس، نقلاً عن إشعارات حكومية ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي ومقابلات مع ثلاثة أشخاص في الحجر الصحي في شينجيانغ، وفقاً لموقع "الشرق الأوسط".

وهناك نقص في البيانات السريرية الدقيقة التي تظهر أن الطب الصيني التقليدي يكافح «كورونا»، بل أشار التقرير إلى أن أحد العلاجات العشبية المستخدمة في شينجيانغ، وهو «كينغفاي بايدو» يتضمن مكونات محظورة في ألمانيا وسويسرا والولايات المتحدة ودول أخرى لاحتوائها على مستويات عالية من السموم والمواد المسرطنة.

وتم فرض قيود إغلاق قاسية في شينجيانغ منذ 45 يوماً، بعد إصابة 826 حالة بفيروس كورونا، بل وضعت الحكومة جهاز مراقبة ضخماً بالمنطقة لضمان تطبيق هذه القيود.

وطبقت عمليات إغلاق شديدة أيضاً في أماكن أخرى من الصين، وعلى الأخص في ووهان بمقاطعة هوبي، حيث تم اكتشاف الفيروس لأول مرة. ولكن رغم أن ووهان تكافح مع أكثر من 50 ألف حالة، فإن سكانها لم يجبروا على تناول الأدوية الصينية التقليدية، وسُمح لهم عموماً بالخروج لإجراء التمرينات الرياضية أو شراء البقالة.

بالإضافة إلى ذلك، كانت الاستجابة لتفشي أكثر من 300 حالة في بكين في أوائل يونيو (حزيران) أكثر اعتدالاً، حيث تم إغلاق عدد قليل من الأحياء المختارة لبضعة أسابيع.

وعلى مدى السنوات الماضية، جذبت شينجيانغ الأنظار إليها بسبب التقارير التي أفادت بقيام السلطات باحتجاز مليون أو أكثر من الإيغور والكازاخ والهان والأقليات العرقية الأخرى وتنفيذ حملات قمع ضدهم.

ونقل تقرير «أسوشييتد برس» عن سيدة من الإيغور تم اعتقالها في ذروة تفشي فيروس كورونا في الصين، قولها إن السلطات ألقت بها في زنزانة مع عشرات النساء الأخريات في مركز احتجاز.

وأضافت السيدة، التي رفضت ذكر اسمها خوفاً من التعرض للبطش، أنها أُجبرت هناك على شرب دواء جعلها تشعر بالضعف والغثيان، وكان الحراس يراقبونها وهي تبتلعه.

كما أشارت إلى أنها اضطرت هي والنساء الأخريات إلى خلع ملابسهن بالكامل مرة واحدة في الأسبوع حتى يتمكن الحراس من رشهن بمطهر قالت إنه كان يحرق جسدها وتسبب في تقشير جلدها.

واستمر احتجازها لأكثر من شهر، حسب قولها، إلا أنها أجبرت على البقاء في منزلها. وقالت السيدة: «الظروف الآن أفضل، لكني ما زلت محبوسة بالمنزل رغم الفحوصات المنتظمة التي تظهر عدم إصابتي بالفيروس».

وأكدت السيدة أن السلطات الصحية تجبرها يومياً على تناول دواء تقليدي موضوع في زجاجة بيضاء لا تحمل علامات، قائلين إنها ستحتجز إذا لم تشربه.

وأرسلت السيدة الإيغورية لوكالة «أسوشييتد برس» صورة للزجاجة، تتطابق مع صور أخرى تداولها مواطنون بشينجيانغ على مواقع التواصل الاجتماعي الصينية.

ومن جهتها، نشرت امرأة صينية من عرقية «الهان»، تدعى لوانغ، صوراً لها وهي تشرب الأدوية الصينية التقليدية على موقع التواصل الاجتماعي الصيني «ويبو».

وعلقت لوانغ على الصورة بقولها: «لماذا تجبرنا السلطات على شرب الدواء عندما لا نكون مرضى! من سيتحمل المسؤولية إذا حدثت لنا مشاكل صحية بعد شرب الكثير من الأدوية؟ لماذا لا نملك حتى الحق في حماية صحتنا؟».

إلا أن منشور لوانغ تم حذفه من قبل السلطات بعد ساعات قليلة من مشاركته.

وقال رجل أعمال من الهان لـ«أسوشييتد برس» إنه وضع في الحجر الصحي في منتصف يوليو (تموز) لدى سفره من بكين لشينجيانغ، رغم أنه خضع لاختبارات فيروس كورونا خمس مرات وجاءت نتيجتها في كل مرة سلبية.

وأشار إلى أن السلطات لم تسمح له بالخروج، حتى لمجرد المشي، مؤكدا أنه حين اشتكى مما يحدث معه عبر الإنترنت، تم حذف منشوره وطُلب منه التزام الصمت.

كما أكد رجل الأعمال أيضاً أنه يُجبر على تناول الأدوية الصينية التقليدية، بما في ذلك تلك الموجودة في الزجاجة البيضاء التي لا تحمل علامات. كما أُجبر على تناول دواء يسمى «ليانهوا كينغوين»، وهو علاج عشبي يتم ضبطه بانتظام من قبل الجمارك ودوريات الحدود الأميركية لانتهاكه قوانين إدارة الغذاء والدواء من خلال الادعاء الكاذب بأنه فعال ضد «كورونا».

وتقول السلطات إن الإجراءات المتخذة في شينجيانغ تهدف إلى الحفاظ على صحة جميع السكان، رغم أنها لم تعلق على سبب كونها أشد قسوة من تلك التي اتخذت في أماكن أخرى.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليغيان في مؤتمر صحافي يوم الجمعة: «منطقة شينجيانغ ذاتية الحكم تمسكت بمبدأ الناس والحياة أولاً... وضمنت سلامة وصحة السكان المحليين من جميع المجموعات العرقية».

ويزعم بعض الخبراء أن عدد أفراد الشرطة المنتشر في منطقة شينجيانغ هو الأكبر في العالم.

ويقول دارين بايلر، الباحث في شؤون الإيغور في جامعة كولورادو: «شينجيانغ دولة بوليسية، لذا فهي تلجأ إلى تطبيق الأحكام العرفية. إنهم يعتقدون أن الإيغور لا يمكنهم حقاً مراقبة أنفسهم، ويجب إجبارهم على الامتثال للأوامر حتى يكون الحجر الصحي فعالاً».

ومنذ بداية تفشي فيروس كورونا، شجعت الحكومة الصينية استخدام الأدوية الصينية التقليدية. وتم الترويج لهذه العلاجات من قبل الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي دعا إلى إحياء الثقافة الصينية التقليدية.

وعلى الرغم أن بعض الأطباء المدعومين من الدولة يقولون إنهم أجروا تجارب تظهر أن الدواء يعمل ضد الفيروس، لم يتم نشر أي بيانات سريرية صارمة تدعم هذا الادعاء في المجلات العلمية الدولية.

وقال فانغ شيمين، عالم الكيمياء الحيوية السابق والكاتب المعروف بتحقيقاته في الاحتيال العلمي في الصين والذي يعيش الآن في الولايات المتحدة: «لم يثبت علمياً أن أياً من هذه الأدوية فعال وآمن. من غير الأخلاقي إجبار الناس، المرضى أو الأصحاء، على تناول أدوية غير مثبتة علمياً».

يذكر أن حكومة مدينة بكين كانت قد أعلنت في شهر مايو (أيار) الماضي، عن مشروع قانون يجرم «القذف والتشهير» بالطب الصيني التقليدي.

كلمات دالة:
  • الصين،
  • فيروس كورونا ،
  • علاج تقليدي
Email