(فيديو) هيروشيما.. ذكرى جرح "نووي" لم يلتئم منذ 75 عاماً

ت + ت - الحجم الطبيعي

تمر اليوم 75 سنة على إسقاط القنبلة الذرية لأول مرة في تاريخ البشرية على كل من ”هيروشيما“ و”ناغاساكي“ اليابانيتين، إلا أن هذا الجرح التاريخي العميق لم يلتئم بعد.

وأصبح السؤال الآن :كيف يمكن للناس ليس فقط في اليابان بل جميع أنحاء العالم التفكير والتعامل مع تلك الحقيقة؟

الذكري 75 لإسقاط القنبلة الذرية

في ذلك اليوم من صباح الاثنين كان الجو صافياً مشمساً بمدينة ”هيروشيما“ الواقعة غرب اليابان. وجرى إسقاط القنبلة الذرية فوق مدينة هيروشيما في تمام الساعة الثامنة والربع من صباح يوم6 أغسطس 1945، فانفجرت على ارتفاع 600 متر فوق سطح الأرض، وانتشر لظاها على محيط 1.6 كيلومتر مربع، وأدت النيران التي أشعلتها على محيط 11.4 كيلو متر مربع، إلى مقتل 66 ألف شخص على الفور وإصابة 69 ألفا بجروح وحروق مميتة، لينتظروا الموت القريب. كما دمر الانفجار غالبية مباني المدينة وبنيتها التحتية بشكل شبه كامل.

"متحف هيروشيما التذكاري للسلام" الوجهة رقم واحد للسياح الأجانب

أصبح متحف هيروشيما التذكاري للسلام وقبة القنبلة الذرية ”قبة جينباكو“ الوجهتين الأكثر شعبية بالنسبة للسياح الأجانب القادمين لليابان وليس طوكيو أو كيوتو أو غيرهما من المدن السياحية الشهيرة، سيما وأن الناس في كل أنحاء العالم يولون غالبا الاهتمام لرؤية المناظر الطبيعية الخلابة، والظواهر الطبيعية الاستثنائية، والتراث الرائع الذي تركه الأجداد.

وقد تم أدراج قبة القنبلة الذرية في قائمة مواقع التراث العالمي لمنظمة اليونسكو في ديسمبر 1996.

 

لكن شعوب العالم لا تسافر من أجل رؤية المناظر الجميلة الخلابة والتراث العظيم فقط. فمدينة هيروشيما مثل معسكر ”آوس شفيتز بيركينو“ للاعتقال والإبادة الذي أقامه النازيون ببولندا، هي من ”الإرث السلبي“ الذي لا يمكن أن يُمحى من تاريخ وذاكرة البشرية، لتبقى كنداء ومناشدة لقلوب وعقول الجنس البشري كله، بأنه لا ينبغي تكرار نفس الخطأ مرة أخرى.

تحديد أهداف القصف النووي

وفيما يتعلق بتطوير القنبلة الذرية فقد اتفق آنذاك كل من رئيس الوزراء البريطاني ”تشرشل“ والرئيس الأمريكي ”روزفلت“ العام 1943 على اتخاذ الترتيبات اللازمة لاحتكار المعلومات حول القنبلة الذرية، كما أقر الزعيمان في سبتمبر 1944باستخدام القنبلة الذرية حال اكتمالها ضد اليابان.

ومنذ شهر أبريل 1945، عقدت لجنة لاستعراض أهداف القصف اجتماعات لعدة مرات، وقد وقع الاختيار في نهاية المطاف على ٤ مدن وهي ”كيوتو“، و”هيروشيما“، و”يوكوهاما“، و”كوكورا“ كي تكون الهدف، ولكن تم استثناء كيوتو من الاختيارات لوجود البلاط الإمبراطوري الياباني بها وقتها، بحسب موقع (اليابان بالعربي).

وقد صدرت الأوامر بإسقاط القنبلة يوم 25 يوليو من نفس العام بعد نجاح التجارب عليها بتسعة أيام فقط، وفي يوم 26 يوليو صدر إعلان ”بوتسدام“ الذي طلب من اليابان الاستسلام التام وبدون شروط، ولكن لأن اليابان لم تقبله فقد أصبح قصف اليابان بالقنبلة أمراً لا مفر منه.

يوم إسقاط القنبلة... لَحَظَاتٍ لا تنسى

تم إعداد القوات الخاصة من أجل عملية إسقاط القنبلة في سبتمبر 1944. وعين الطيار العقيد ”بول تيبيتس“ قائداً للقوات الخاصة للقيام بعملية إسقاط القنبلة لبراعته الفائقة في قيادة الطائرة بي 29. وقامت القوات بالتدريب بالولايات المتحدة الأمريكية على تلك المهمة. وفي يوليو 1945 انطلقت القوات الخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية إلى قاعدة الإطلاق بجزيرة ”تينيان“ قرب جزيرة ”غوام“.

وفي ٦ أغسطس من نفس العام انطلق ”تيبتيس“ بطائرته بي 29 التي أطلق عليها اسم والدته ”إينولا غاي“ (العضو الأخير من طاقم الطائرة ”إينولا غاي“، وهو ”تيودور فان كيرك“، الذي توفى عن 93 عاما في 5 أغسطس 2014، وهي تحمل القنبلة من قاعدة ”نورث فيلد" في جزيرة ”تنيان“، وكان مصحوباً بطائرتين لتصوير وتسجيل لحظة الانفجار.

وفي تمام الساعة 08:15 بتوقيت هيروشيما تم إسقاط القنبلة فوق جسر أيوي. وبعد مرور 43 ثانية فقط من إسقاطها انفجرت القنبلة على ارتفاع 600 متر فوق مستشفى الجزيرة التي تبعد 300٠ متراً جنوب شرق جسر أيوي.

إبادة 140ألف ياباني بضربة واحدة

جدير بالذكر أنه كان يعيش في هيروشيما ما يقرب من 350 ألف نسمة عند إسقاط القنبلة، من بينهم العسكريون أو من لهم علاقة بالجيش أيضاً وعند انفجار لقنبلة اندلعت ألسنة اللهب وتكونت كرة مخيفة من النار ثم صعدت سحابة ذرية للسماء على شكل نبات الفطر/المشروم.

وقُدِّرَت درجات الحرارة بأنها قد وصلت داخل تلك الكرة الهائلة من النار إلى مليون درجة مئوية، ودرجة حرارة سطح الأرض حول المكان الذي أسقطت فيه القنبلة تراوحت بين 3000 و4000 درجة مئوية.

وفي الوقت نفسه، فإن الانفجار الشديد ولد موجات من الرياح ناتجة عن الضغط العالي وانتشرت الأشعة الحارة الشديدة وتطاير الإشعاع في كل الاتجاهات، ودمرت مدينة هيروشيما عن بكرة أبيها من دون أن تترك أثرا، وصارت مدينة الأشباح.

وحتى الآن لا يوجد هناك أي حصر دقيق لعدد الضحايا الشامل الناتج عن هذا الانفجار، لكن وفقا لتقديرات مدينة هيروشيما فقد قدر عدد الضحايا بحوالي 140 ألف شخص ممن لقوا حتفهم حتى نهاية ديسمبر من نفس العام، وبعد أن هدأت الأضرار الناتجة عن إصابات متلازمة الإشعاع الحادة.

والآن وبعد 75 عاماً على تلك الأهوال، يشعر كثيرون - من الذين نجوا من نيران الجحيم - ويُسَّمون في اليابان ”هيباكوشا“ - بأنهم مذنبون لأنهم ما زالوا على قيد الحياة، فيما اختفى كثيرون آخرون ولم تتح لهم فرصة الإدلاء بشهادتهم على وحشية الحرب.

الحفل التذكاري للسلام

يقام في يوم 6 أغسطس من كل عام بمدينة ”هيروشيما“ الحفل التذكاري للسلام للصلاة والدعاء لأرواح الضحايا، والدعوة للقضاء والتخلي عن الأسلحة النووية، وكذلك الدعوة لتحقيق السلام العالمي.

ويشارك في الحفل ما يقرب من 50 ألف شخص كل عام يأتون من داخل وخارج اليابان وكان أول احتفال بهذه المناسبة قد أقيم في أغسطس1948، حيث شارك فيه عندئذِ ما يقرب من 2000 شخص. وقام محافظ هيروشيما آنذاك بقراءة ”بيان السلام“، واستمرت تلك العادة من بعدها حتى الآن.

وبالإضافة إلى ذلك، افُتتح متحف السلام التذكاري في أغسطس 1955، حيث تستمر عملية جمع الوثائق والمعلومات التي تعكس الواقع الحقيقي وتأثير القصف على الضحايا لنقل الصورة الكاملة من دون رتوش للأجيال القادمة.

"قبة القنبلة الذرية" على قائمة التراث الثقافي العالمي

ومن المعلوم أن قبة القنبلة الذرية، التي يقوم العديد من السياح في الداخل والخارج بزيارتها، كان قد تم افتتاحها عام 1915 كقاعة معارض للمنتجات الصناعية الخاصة بهيروشيما، حيث كانت تتم به عمليات مختلفة من عرض المنتجات وبيعها.

لكن في يوم 6 أغسطس 1945 تم تدمير المبنى نتيجة للقصف النووي، ونظرا لانفجار القنبلة فوقه تماما فقد ظل جزء منه قائماً، وهما واجهته المحطمة والهيكل المعدني للقبة الذي كان يُزَّينه من أعلى. وقد بقيا ليشهدا على الحادث الرهيب الذي لن تنساه البشرية أبدا، ومع مرور الوقت أصبح يطلق على المبنى ”قبة القنبلة الذرية“.

وقد تمت عمليات ترميم مختلفة عدة مرات من أجل المحافظة على بقايا المبنى التاريخي من خلال أنشطة عدة كجمع التبرعات، ثم تركت كما كانت وقتها في ركن من أركان الحديقة التذكارية للسلام.

وتوجد داخل هذا الموقع المحاط بسياج حديدي بقايا من الطوب متناثرة تحت الأنقاض، حيث ظلت الأضرار الناجمة عن القصف النووي شاهدا على بشاعة ما حدث.

كلمات دالة:
  • اليابان ،
  • هيروشيما،
  • ناغاساكي ،
  • القنبلة الذرية،
  • الولايات المتحدة،
  • بريطانيا
Email