أمريكا تواجه عقبات في حشد أوروبا ضد الصين

بومبيو في حديث مع رئيس وزراء الدنمارك في كوبنهاغن / أ.ف.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

حين غضبت الصين من التعليقات الفرنسية بخصوص ملف أقلية الأويغور المسلمة في إقليم شينجيانغ، فإنها عملت على تصوير الأمر وكأن فرنسا وقعت ضحية للتضليل الإعلامي، ذلك أن بكين تدرك جيداً أن المساعي الأمريكية لتأسيس تحالف ليبرالي بهدف تحجيم الصين، يواجه صعوبات كبيرة، ولم تجد السفارة الصينية حاجة سوى إلا إحالة التضليل الذي وقعت فيه فرنسا إلى ثلاث دول فقط تشكل معاً ركائز المواجهة ضد النفوذ الصيني المتصاعد في أرجاء العالم، وهي أمريكا وبريطانيا وأستراليا.

واليوم، ضمت أستراليا صوتها لصوت الولايات المتحدة وقالت إن حديث الصين عن حقوقها في بحر الصين الجنوبي لا يتفق مع القانون الدولي، كما أنها ترفض أيضاً مزاعم الصين بأحقيتها في السيادة البحرية حول جزر متنازع عليها. وتحاول أستراليا أن تضمن تأييد الفلبين وفيتنام، وهما دولتان معنيتان بشكل مباشر ومتضررتان من المساعي الصينية.

وتتحدث بكين عن حقها في السيادة على 90 في المئة من مياه بحر الصين الجنوبي التي ربما كانت غنية بموارد الطاقة، لكن بروناي وماليزيا والفلبين وتايوان وفيتنام تطالب أيضاً بالسيادة على أجزاء منه.

من المرجح أن تشكل هذه الدول الثلاث الجبهة المتقدمة في محور المواجهة ضد الصين، وفي الدائرة الثانية الدول الأخرى. لكن ماذا عن الضفة الأخرى من العالم؟ الضفة الأوروبية؟

تواجه مساعي الدبلوماسية الأمريكية صعوبات في حشد الحلفاء لهذا المسعى الجديد في العلاقات الدولية. ويبدو أن أوروبا استحضرت براعتها التاريخية في الدبلوماسية، وباتت منخرطة بشكل جزئي في ممارسة الضغوط على الصين، بشكل محصور في ملفين، هما هونغ كونغ وشركة هواوي. وتقود ألمانيا وفرنسا هذا المسار المستقل في إدارة أزمة حقوقية وأمنية مع الصين، هي في الوقت نفسه تتقاطع مع الولايات المتحدة جزئياً، لكنها لا تتحد مع استراتيجية واشنطن الشاملة.

ويعود هذا النأي بالنفس عن الاستراتيجية الأمريكية، في جزء كبير منه، إلى ما ذكره خبير الشؤون الخارجية في الحزب المسيحي الديمقراطي الألماني، يورجن هارت، أنّ «الرئيس الأمريكي فضّل التصدي للصين بمفرده وبدون تنسيق، وفي الوقت نفسه فرض قيوداً جمركية على الاتحاد الأوروبي»، في إشارة إلى إطلاق واشنطن الحملة ضد بكين بينما كانت تمارس ضغوطاً كبيرة على أوروبا.

ويأتي التحرك الأخير لبومبيو في جولته الأوروبية والآسيوية، لتصحيح هذا المسار المتناقض. وقد أوشك على الاعتراف بذلك في كوبنهاغن الأربعاء الماضي بخصوص عرض ترامب شراء جزيرة غرينلاند، لكن بومبيو ترك نظيره الدنماركي يتحدث عن الأمر مع إلحاح الصحفيين: «ما قلناه في الماضي وما نقوم به اليوم شيئين مختلفين. وما يهم هو ما نقوله اليوم».

مطلب الأمريكيين التواجد في غرينلاند جزء من مسار استراتيجي، لكن طريقة طرح الأمر من قبل ترامب على شكل شراء الجزيرة الشاسعة، كان يفتقر إلى الدبلوماسية والاحترام لدولة حليفة. لذا، كان بومبيو حذراً في عباراته الأربعاء الماضي، في محاولة منه لضمان كسب الدنمارك ضد الخطط الصينية في القطب الشمالي.

وتعتبر الصين، العضو المراقب في مجلس القطب الشمالي منذ 2013، نفسها قوة «قريبة من القطب الشمالي» وترغب في تطوير «طرق حرير قطبية».

وقدمت شركات صينية عروضاً لبناء أو تجديد مطارات في غرينلاند، وهي منشآت لها أهمية كبرى في هذه المنطقة المغلقة. وتوجه رئيس وزراء غرينلاند كيم كيلسن إلى بكين لمناقشة هذه العروض. ووافقت الدنمارك أخيراً على مشروع مطارات ضخم أواخر عام 2018، في ملف تتابعه واشنطن من كثب.

Email