كلوروكين.. العقار الذي تداخل فيه الطب مع السياسة

ت + ت - الحجم الطبيعي

 لا تزال ارتدادات الجدل العالمي بشأن عقار هيدروكسي كلوروكين تتواصل، جدل تحول لفضائح تداخلت فيها الاعتبارات العلمية بالمصالح السياسية والمالية.

هيدروكسي كلوروكين ـ من الملاريا إلى كورونا، جعلت البروفيسور الفرنسي راوولت نجم الأطباء بلا منازع، لكن سريعاً ما طفى نجمه بتأكيد أن الدواء مميت، لكن دول أفريقيا لا تزال مصرة على استخدام هذا العقار رغم تحذيرات الصحة العالمية، وأكدت أنه سبب تعافي آلاف المصابين، ورجحت، ما أسمته «وجود ضغوط سياسية تمارس على منظمة الصحة العالمية من سياسيين ولوبيات، لإجبارها على تعليق استعمال الكلوروكين، قبل طرح أدويتها الجديدة في الأسواق العالمية».

دول عدة اعتمدت هذا العقار في ظل انعدام الخيارات أمام سرعة انتشار الفيروس وازدياد أعداد المصابين وحالات الوفاة بسرعة مذهلة.. دول عربية وأوروبية اعتمدت هذا البروتوكول، كما أن الرئيس الأمريكي دعا بنفسه إلى استخدامه في علاج المصابين. لكن منظمة الصحة العالمية حذرت مراراً من مغبة استخدام عقاقير لم تثبت فعاليتها للمصابين بكورونا، كما حذر كثير من الخبراء من الآثار الجانبية للدواء ومن إعطاء أمل زائف للمرضى.. ولكن شهادات الكثير من الأطباء والمرضى حول فعاليته بعد تجريبه سريرياً.. تصف نتائجه بالواعدة.

 وكان يمكن أن يشكل تعليق منظمة الصحة العالمية التجارب على الهيدروكسي كلوروكين، نهاية هذا العلاج المحتمل لكوفيد-19. لكن الدراسة التي دفعت المنظمة إلى اتخاذ هذا القرار، تتعرّض لهجمات من كل حدبٍ وصوب، ما يعيد إحياء النقاش حول هذا العقار المثير للجدل.

وتستند الدراسة المذكورة التي نُشرتها مجلة «ذي لانسيت» في 22 مايو، إلى بيانات حوالى 96 ألف مريض أدخلوا إلى المستشفيات بين ديسمبر وأبريل في 671 مستشفى، وتقارن حالة أولئك الذين تلقوا العلاج بحالة الذين لم يُعط لهم.

 تمّ تعليق تجارب سريرية أخرى، وحظّرت بعض الدول من بينها فرنسا استخدام الهيدروكسي كلوروكين، لعلاج كوفيد-19، وسط استياء كبير لدى المروّجين له.

وأولهم كان البروفيسور ديدييه راوول الذي اعتبر فوراً أن دراسة ذي لانسيت «لا قيمة لها». وتعرضت أعماله التي خلصت إلى فعالية تناول الهيدروكسي كلوروكين مع مضاد حيوي الأزيتروميسين، للانتقاد.

لكن حتى باحثين مشككين في فعالية العقار ضد كوفيد-19، عبّروا عن شكوكهم بدراسة «ذي لانسيت».

 وأمس ظهرت دراسة برازيلية تعتبر أن هيدروكسي كلوروكين له تأثيرات جانبية مضرة غير أن الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو المصاب بالفيروس يروج له في العلن.

وأجريت التجربة السريرية في 55 مستشفى في البرازيل ونشرت نتائجها مجلة «نيو انغلاند جورنال أوف ميديسين». وكان الهدف منها معرفة إن كان هذا العقار الذي أثار جدلاً يمكنه إذا ما أخذ مع المضاد الحيوي أزيترومايسين، تحسين حالة مرضى مصابين بشكل طفيف أو معتدل من وباء كوفيد-19.

وفي مواجهة الجائحة، توصي حكومة بولسونارو منذ مايو الفائت باستخدام هيدروكسي كلوروكين أو الكلوروكين المضاد للملاريا بالاشتراك مع أزيترومايسين. إلا أن تجارب عشوائية عدة أظهرت أنه غير فعّال وقد تكون له تأثيرات جانبية مضرة. وخلصت الدراسة البرازيلية التي أجرتها مجموعة من الباحثين والأطباء تنضوي تحت ما يعرف بـ«ائتلاف كوفيد-19 البرازيل»، إلى النتيجة نفسها.

وأجريت الدراسة على 667 مريضاً، واستنتجت أن الذين عولجوا بهيدروكسي كلوروكين كانوا معرضين أكثر لمشكلات في القلب والكبد.

Email