أمريكا تشبّه الصين بشركة الهند الشرقية.. ما وجه المقارنة؟

منصة حفر بحرية لشركة سنووك الصينية بالقرب من هونغ كونغ / أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم التراث الاستعماري لبريطانيا في الولايات المتحدة، فإن مسؤولي البلدين يتفاديان استخدام هذه الحقبة في التعبيرات الدبلوماسية والمقارنات، ويقتصر الأمر على السينما والأعمال الأدبية في الغالب.

لكنّ مسؤولاً أمريكياً كسر هذا التقليد، حيث شبّه مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ ديفيد ستيلويل، شركة النفط الصينية العملاقة «سنووك»، بشركة «الهند الشرقية».

ما وجه المقارنة؟

ساهمت شركة الهند الشرقية في رسم معالم العصر الحديث بدءاً من تأسيسها عام 1600 وحتى حلها في العام 1874. وفتحت خطوط التجارة العالمية وربطتها بشبكة تبادلية عبر مختلف أنحاء العالم، وساهمت كذلك في نمو لندن كعاصمة مالية عالمية ومركز للثورة الصناعية. إلا أنها عبر هذه النشاطات، تسببت بمآسٍ كثيرة عبر العالم. فباتت الهند تحت السيطرة الفعلية لهذه الشركة، كما نشب صراع بين الشركات في جنوب شرق آسيا، دخلتها جيوش الدول، وحسمتها شركة الهند الشرقية لصالحها، بما في ذلك تجارة الأفيون الصينية.

لكنّ للشركة ميراثاً أيضاً على الجانب الآخر من الأطلسي. فقد أدت الاحتكارات الشاملة التي حصلت عليها إلى إعاقة فكرة حرية التجارة. وانطلقت شرارة المقاومة ضد بريطانيا في الولايات المتحدة عام 1773، خلال احتجاج أطلق عليه «حفل شاي بوسطن».

فقد رفض مسؤولون في ميناء المدينة إعادة شحنات من الشاي المجمرك إلى بريطانيا، حيث رفض الأمريكيون تفريغ الشركة شحناتها في الموانئ الأمريكية، وعلى إثرها قام مواطنون يدعمهم تجار الشاي، بتدمير الكمية المخصصة للمستعمرات الأمريكية، وكلف ذلك الشركة البريطانية أموالاً طائلة، وأدى إلى توسع الحركة الاحتجاجية ضد أكبر شركة في العالم في ذلك الوقت.

قبل إفلاسها ببضع سنوات، جنت الشركة أرباحاً كبيرة من احتكار تجارة الأفيون مع الصين، وخاضت حربين مع الصين تحت اسم «حرب الأفيون» في القرن التاسع عشر، ولهذا الغرض قامت بريطانيا باحتلال جزيرة هونغ كونغ، عام 1843، لتصبح مستعمرة بريطانية حتى عام 1997.

وجاءت تصريحات المسؤول الأمريكي بخصوص شركة الهند الشرقية والصين، ضمن حملة التنديد الأمريكية لمساعي الصين الهيمنة على مسارات التجارة العالمية، وتوسيع نفوذها في بحر الصين الجنوبي، وهي مسألة مصيرية بالنسبة للولايات المتحدة.. فبحسب مساعد وزير الخارجية الأمريكي فإن «المصالح الأمريكية على المحك بوضوح» في هذه المنطقة.

وتتولى شركة سنووك المملوكة للدولة الصينية (المؤسسة الوطنية الصينية للنفط البحري) عمليات الاستكشاف في المنطقة البحرية المتنازع عليها جنوب شرق آسيا، وهي شركة ترافق الاستثمارات الصينية على المسارات البحرية في أنحاء العالم، لتسلك مساراً معاكساً للمسار الذي سلكته شركة الهند البريطانية التي بنت استثماراتها بالاتجاه شرقاً وصولاً إلى الصين. فبكين تشق طريقها نحو الغرب، ولا يعيقها على ما يبدو سوى حسم صراع النفوذ في بحر الصين الجنوبي.

Email