«الاستفتاء».. هل هو جسر تطبيعي بين مادورو وترامب

ت + ت - الحجم الطبيعي

في عالم السياسة، الثابت الوحيد هو «التغيّر». هذا ما تؤكده تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب «الانفتاحية» تجاه عدوّه في فنزويلا، الرئيس نيكولاس مادورو، الذي يخوض معركة سياسية، وأحياناً أمنية، مع خصمه في الداخل، خوان غوايدو رئيس الجمعية الوطنية، والذي سبق أن أعلن نفسه رئيساً بالوكالة، واعترف به ترامب على الفور، متّهماً مادورو بالدكتاتورية وافتقاد الشرعية.. وتجارة المخدرات.

ثمّة تغيير واضح إذن، إن لم نقل انقلاباً. تغيير تلقّفه مادورو، مبدياً استعداده للتباحث «باحترام» مع ترامب، قبل أن يتوّج الرئيس الفنزويلي تصريحاته، بإعلان استعداده لإجراء استفتاء شعبي حول استمراره من عدمه في منصب الرئاسة.

صحيح أن مادورو لم يربط استعداده للاستفتاء، بتصريحات ترامب، بل بوجود مادة دستورية، تتيح مثل هذا الاستفتاء، بعد انقضاء نصف الولاية الرئاسية، في حال تمكن مطالبون بالاستفتاء من جمع تواقيع كافية، لكن الصحيح كذلك، أن مثل هذا الاستعداد، يشير – ربما- إلى كونه واثقاً من وجود أغلبية شعبية تدعمه، السبب نفسه الذي قد يقف خلف التغير في الموقف الأمريكي.

إذا تبنى أحد في فنزويلا فكرة الاستفتاء، سيكون من الممكن اعتباراً من العاشر من يناير 2022، البدء بجمع التواقيع بشأن إجرائه.

صحيح كذلك أن ترامب عاد و«أوضح»، أنّ أيّ لقاء بينه وبين مادورو، سيكون له هدف واحد، هو «التفاوض على شروط تخلّي الرئيس الفنزويلي عن السلطة»، لكن الأصح أن الرئيس الأمريكي، يدرك أن شرطه هذا مستحيل القبول، مثلما يدرك أي مراقب، أن أي تغيير في الموقف السياسي، يتطلب مثل «جس النبض هذا»، مثلما يتطلب امتصاص ردة فعل المندهشين، والتظاهر بأن «لا تغيير في الموقف».

لكن ترامب لم يكتفِ بالاستعداد للقاء مادورو، بل قلل في الوقت نفسه من أهمية المعارض غواديو، الأمر يحمل دلالات أقوى لجهة التغيّر في التوجّه الأمريكي.

هذا يذكّرنا بالتغيّر الذي أبداه الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، تجاه كوبا، التي تربطها مع أمريكا علاقة أشد عداء مما هو الحال بين كركاس وواشنطن. ونتذكر أن أوباما اعترف آنئذ بفشل سياسة العقوبات تجاه هافانا، التي زارها، والتقى رئيسها في حينه، رؤول كاسترو، معلناً نهاية العقوبات، التي جاء ترامب بعد ذلك وأعادها.

إذن، يبدو أن الأمور في هذا الملف، تتجه نحو انفراج أمريكي فنزويلي، سببه أن محاولات إطاحة السلطة في كركاس بالعقوبات، ودعم المعارضة لم تثمر، لا سيما أن السلطة فيها مدعومة من روسيا والصين، ودول وازنة في أمريكا اللاتينية وغيرها. وقد يكون الاستفتاء الذي يقترحه مادورو، مخرجين له ولترامب، فإذا فاز فيه، وهذا مرجّح، سيجدد شرعيّته، ويستطيع ترامب كذلك أن يدعم توجهه الجديد، بالاستناد للاعتبار الديمقراطي.

Email