ماذا يعني لجوء مصر إلى مجلس الأمن في ملف سد النهضة؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

في شهر مايو الماضي تقدمت مصر برسالة لمجلس الأمن بشأن مفاوضات سد النهضة، حيث أعلن وزير الخارجية المصرية، سامح شكري، أمس، عن كون بلاده تبحث خيارات أخرى كاللجوء إلى مجلس الأمن؛ لكي ينهض بمسؤولياته في تدارك التأثير على السلم والأمن الدوليين، عبر الحيلولة دون اتخاذ إثيوبيا إجراء أحادياً يؤثر سلباً على حقوق مصر المائية.

«فماذا يعني لجوء مصر إلى مجلس الأمن؟ وما الإجراءات التي يمكن أن يتخذها المجلس في سبيل حل ذلك النزاع؟ وما طبيعة الموقف المصري من الناحية القانونية؟ وهل ثمة سوابق لمجلس الأمن في حسم قضايا نزاعات مائية كتلك؟»، وغيرها من الأسئلة التي تدور حول واحد من أكثر الملفات التي تثير مخاوف المصريين، إزاء قضية مرتبطة بالأمن القومي بشكل عام.

أستاذ القانون الدولي، عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للقانون الدولي، د.مساعد عبد العاطي، يشرح لـ «البيان» الموقف المصري وماذا يعني اللجوء لمجلس الأمن في تلك الحالة، موضحاً في البداية أن «لجوء مصر إلى مجلس الأمن كان في البداية مجرد تنبيهاً وإخطاراً وإحاطة في صورة عامة بمجريات النزاع، وأيضاً تبصيراً للمجتمع الدولي بحقيقة الموقف الإثيوبي، وأهمية انخراط أديس أبابا في التوقيع على مسودة واشنطن».

أما عودة مصر لمجلس الأمن مرة أخرى فستكون -طبقاً لعبدالعاطي- مختلفة؛ لأنها ستأخذ صورة الشكوى، والدخول إلى مجلس الأمن من زاوية أن التصرفات الانفرادية الإثيوبية تمثل تهديداً مباشراً للسلم والأمن الدوليين، وليس فقط على صعيد الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا) ولكن على صعيد الإقليم كله.

ولذلك فإن «مصر تضع مجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة أمام مسؤولياتهما القانونية والسياسية؛ للتصدي لهذه التصرفات غير المسؤولة من الجانب الإثيوبي».

وأوضح أستاذ القانون الدولي أن «الملف القانوني المصري ممتلئ بالعديد من الحجج والأسانيد، وبالتالي فإن ذهاب مصر لمجلس الأمن هو ذهاب مدروس من الدولة المصرية في إطار من الحشد الدولي والإقليمي، وتتعامل الدولة المصرية مع هذه المعطيات وفقاً لظروفها ونتائجها».

وحول ما يمكن أن يفعله مجلس الأمن ويصدره من قرارات لحل الأزمة، قال عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للقانون الدولي، في معرض حديثه لـ«البيان»، إن «مجلس الأمن يملك من الناحية القانونية أن يصدر توصيات عديدة؛ من بينها وقف إثيوبيا للملء مؤقتاً، وإحالة النزاع لمحكمة العدل؛ لأنه نزاع قانوني، وأيضاً يمكن لمجلس الأمن أن يصدر قراراً ضمن الفصل السابع بإلزام إثيوبيا، ذلك متى تيقن المجلس من أن النزاع يهدد السلم والأمن الدوليين بصفة مباشرة».

وقال، إن «ما يهم الدولة المصرية في الذهاب أنها تضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، وأنها تسلك الطرق القانونية المشروعة، ويبقى في نهاية المطاف حق الدولة المصرية في الدفاع عن وجودها، وأيضاً حق الدفاع هذا تسانده عدة مبادئ قانونية إذا احتاجت الدولة لهذه الإجراءات بعد ذلك».

وحول ما إذا كانت هنالك نزاعات مماثلة مرتبطة بالبحار والأنهار قد أسهم المجلس في حلها من خلال ما يمتلكه من أدوات، لفت عبد العاطي، إلى السابقة الخاصة بالبحار، والمرتبطة بالنزاع بين إنجلترا وألبانيا، عندما أوصى مجلس الأمن الدولتين بالذهاب إلى محكمة العدل الدولية بشأن قضية مضيق كورفو، وأصدرت محكمة العدل حكماً شهيراً في العام 1949 في هذا الشأن.. وأيضاً محكمة العدل أصدرت حكمين شهيرين في مجال الأنهار الدولية؛ الأول في 1997 بين المجر وسلوفاكيا، والثاني في العام 2010 بين أوروغواي والأرجنتين.

ولفت أستاذ القانون الدولي إلى أن «المستفاد من أحكام محكمة العدل الدولية أنها تصب جميعها في مصلحة الموقف المصري الحالي، من الناحية القانونية».

Email