تقارير "البيان"

مقتل فلويد يسخّن المشهد السياسي في أمريكا

ت + ت - الحجم الطبيعي

الزلزال الذي أحدثته جريمة قتل المواطن الأمريكي من أصول أفريقية، جورج فلويد، على يد شرطي أمريكي، جثا الأخير بقدمه على رقبة الأول في مشهدٍ حرّك العالم ضد مرض العنصرية المزمن الذي تعاني منه الولايات المتحدة الأمريكية، يُعمّق التحديات السياسية والاقتصادية أمام إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كما أن «التداعيات السياسية (لحادث مقتل فلويد والاحتجاجات التي تلته)أدت إلى تزايد التجاذبات الحزبية بين الطرفين الجمهوري والديمقراطي قبيل الانتخابات».

ولا يُعرف على وجه الدقة مدى الأثر الذي يُمكن أن تتركه تداعيات حادث مقتل فلويد، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً على الأقل في الولايات المتحدة، وإن كانت ثمة استقراءات وتحليلات تلوكها ألسن عديد من السياسيين والمحللين، بعضها يستند إلى رؤية منطقية للمجتمع الأمريكي تضع الأمور في نصابها، والبعض الآخر لم يتجاوز عتبة التخمينات المدفوعة بـ «أمنيّات أصحابها»، بما تنطوي عليه من مبالغات في تقدير الموقف والبناء عليه.

تأتي تلك الأحداث في وقتٍ تواجه فيه الولايات المتحدة الأمريكية وقيادتها للعالم تحديات مختلفة، في ظل رئيس استثنائي قاد واشنطن لعديد من المتغيرات الداخلية والخارجية، بشخصية مثيرة للجدل وقرارات غير مسبوقة، حتى في تعامله مع الاحتجاجات الأخيرة، والذي كشف من خلالها ازدواجية المعايير الأمريكية، بعد أن دأبت واشنطن على انتقاد الدول التي تسير على النهج نفسه من العنف والقمع اللذين سارت فيهما الشرطة الأمريكية لدى تعاملها مع فلويد والاحتجاجات على مقتله مؤخراً.

«أمريكا لديها رئيس لا يريد أن يقود بل يحرض»، هكذا يصف الباحث في مؤسسة نيو أمريكا للدراسات من ديترويت، باراك بارفي، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لدى حديثه مع «البيان» بشأن تداعيات مقتل فلويد وتعامل السلطات الأمريكية مع الاحتجاجات التي تبعت مقتله.

يشير بارفي إلى أن «التوترات العرقية وصمة في التاريخ الأمريكي.. كانت الاحتجاجات ضد تجاوزات الشرطة إحدى الطرق للتعبير عن هذه الإحباطات.. الأمر المختلف هذه المرة هو أن الولايات المتحدة لديها رئيس لا يريد أن يقود، بل يحرض، وهذا الأمر يترك البلاد بلا قيادة في وقت الأزمات التي تخلق المزيد من عدم الاستقرار للناس».

لكنّ الباحث لا يعتقد بأن تكون هنالك ثمة تأثيرات كبيرة على الاقتصاد الأمريكي ضمن تداعيات المشهد الراهن، ويرجع ذلك إلى تراجع الإنتاج حالياً في ضوء تداعيات «كورونا»، ويقول: «من غير المحتمل أن يكون للاحتجاجات تأثير كبير على الاقتصاد؛ نظراً لقلة الإنتاج الآن»، لكنه في المقابل تحدث عمّا يواجه ترامب سياسياً.

«على الصعيد السياسي، قرر الناس منذ فترة طويلة رأيهم في ترامب (..) أفعاله الآن لن تغير معتقداتهم»، يقول فلويد، في إشارة إلى اللغط الشعبي الدائر حول إدارة ترامب.

ويعتقد محللون بأثر تلك الاحتجاجات على صعيد التجاذبات-قبل الانتخابات- بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، كأحد أبرز الملفات التي تزيد التجاذبات سخونة، وهو ما ذهبت إليه المستشارة السياسية مرح البقاعي، من واشنطن، في تصريحات لـ «البيان» عبر الهاتف، شددت خلالها على أن «التداعيات السياسية (لحادث مقتل فلويد والاحتجاجات التي تلته) تتعلق بالتجاذبات الحزبية بين الطرفين الجمهوري والديمقراطي قبيل الانتخابات».

واستطردت: «بايدن يستغل العنف، من أجل تقويض حملة ترامب الانتخابية وتشويه سمعته.. كان الأجدر به أن يضع حلولاً حسب ما يرى من أن يروّج بشكل غير مباشر لاستمرار العنف لأغراض حزبية خاصة به وبحزبه»، مشيرة إلى أن «مقتل المواطن الأمريكي باستخدام العنف المفرط من قبل شرطي في مينيابوليس هو عمل مدان بكل المقاييس، وكذلك العنف المضاد الذي ظهر على شكل هجمات لمجموعات عنفية قامت بعمليات نهب وحرق للمرافق العامة والخاصة، مدان بشدة أيضاً».

كما تحدثت أيضاً عن تداعيات اقتصادية وصفتها بأنها «لا تسر»، وقالت البقاعي: «اقتصادياً، الحال لا يسر، فإلى جانب الخسائر المترتبة على الغلق التام للأعمال بسبب الجائحة يأتي الآن ما نشاهده من أعمال سلب وتدمير للمحال التجارية والمرافق العامة وخسائر بملايين الدولارات».

Email