«الاحتجاج السياسي» يعود إلى ما كان عليه.. في الشوارع والساحات

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في بدايات تفشي كورونا، بدأ خبراء السياسة وعلم الاجتماع في أنحاء العالم بالانهماك في إعداد تصورات لما سيكون عليه شكل «الاحتجاج السياسي» مستقبلاً، خصوصاً أن التباعد الاجتماعي ما زال السمة الأبرز لمظاهر مكافحة تفشي الوباء، وتكاد هذه التصورات تتجاوز الرصد والتنبؤ وتتحول إلى «هندسة سلوكية» تتدخل في تشكيل صيغة اللقاء الاجتماعي والتعبير السياسي.

فاقمت العديد من الأزمات الملتهبة قبل ثلاثة شهور انعدام الثقة بالاحتجاج السياسي التقليدي، المتمحور حول الحيز المكاني، مثل الساحات العامة التي يحولها المحتجون إلى أماكن للاحتجاج، فقد كان تأثير الفيروس مدمراً لساحات احتجاجية شكلت تحدياً للنظام السياسي، كما جرى في العراق ولبنان والجزائر، وباتت الشوارع والساحات خالية من أي تجمع، وانقلبت الأولويات في بعض البلدان، مثل إيران، التي تشهد احتجاجات شعبية بين فترة وأخرى تفصل بينها شهور قليلة.

في موازاة هذا المشهد غير المسبوق لاختفاء الحيز المكاني من الاحتجاج، برزت أساليب تجريبية جديدة لم تلقَ استجابة، مثل حمل لافتات من على شرفات المنازل، والحملات الإلكترونية عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

وفي إحدى الاحتجاجات في برلين، الشهر الماضي، التزم المحتجون المطالبون بتخفيف القيود بترك مسافة فاصلة بين كل شخص وآخر، وهذا ما دفع بعض الخبراء إلى وضع احتمالية أن تتطلب الاحتجاجات في المستقبل ساحات أكبر، أو لجوء المنظمين إلى تقليل عدد المحتجين لمنع التلامس الجسدي.

إلا أن ما حدث خلال الأسبوع الماضي وجه ضربة كاسحة لتصورات «العالم الجديد» بعد كورونا، فقد أظهر احتجاجات في عدد من البلدان العودة إلى الشكل التقليدي من التعبير السياسي في الشارع، وهو التجمع وتشكيل حشود ثم السير والهتاف حتى الوصول إلى ساحة كبيرة للتجمع أو إنهاء التظاهرة مؤقتاً والعودة في اليوم التالي بالطريقة نفسها.

وفي الولايات المتحدة تسير التظاهرات وفق هذا النهج في التعبير الاحتجاجي، وكذلك أزهرت تجمعات في اليومين الماضيين في ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، تقارب الأجساد خلال الاحتجاجات.

وخالف أعضاء أحزاب المعارضة الإيطالية ومئات من أنصارهم قواعد التباعد الاجتماعي الثلاثاء عندما تدفقوا على الشوارع في وسط روما في احتشاد مناهض للحكومة.

وأظهر بث مباشر على مواقع التواصل الاجتماعي المتظاهرين يسيرون متجاورين ويحملون علم إيطاليا في شارع فيا ديل كورسو الذي يقود إلى ميدان بياتسا ديل بوبولو في المركز التاريخي لروما، ولم يضع بعض المتظاهرين الكمامات التي أصبح وضعها إجبارياً في إيطاليا عندما لا يمكن الالتزام بالتباعد لمسافة كافية.

ولم يختلف الأمر في عدد من مجن العالم خلال تنظيم تظاهرات تضامنية مع الأمريكي جورج فلويد، الذي قتل على يد شرطي أمريكي وأثار موجة احتجاجات في أمريكا وخارجها.

وكما عاد الاحتجاج السياسي إلى ما كان عليه، فإن العديد من التوقعات والتصورات حول «العالم ما بعد كورونا» سينضم لقائمة الأوهام، وبعضها سيجد طريقه إلى الواقع ويسبب آلاماً لفئات بعينها، لكن يبدو أن من الخلاصات المهمة التي خرج بها العالم من هذه الجائحة المستمرة، عدم تكرار الكارثة التي ستدفع البشرية ثمنها سنوات طويلة، وهو الاستسلام للذعر.

Email