تبعات «كورونا» تخنق واشنطن.. والاحتجاجات «انفجار مجتمعي»

ت + ت - الحجم الطبيعي

«لا أستطيع أن أتنفس»، قالها فلويد بينما كان الشرطي شوفين يجثو بقدمه على رقبته، كما قالها كثيرٌ من الأمريكيين أيضاً بينما كانت تبعات فيروس كورونا تخنقهم، وترفع معدلات البطالة بشكل خطير.. والمحصلة «انفجار مجتمعي»، ظاهره انتقام لفلويد، ومناهضة العنصرية في الولايات المتحدة، بينما أيضاً لا يمكن إغفال تداعيات الضغوطات التي يعيشونها في ظل آثار كوفيد 19 على الصُعد كافة.

جريمة مقتل المواطن الأمريكي من أصول أفريقية، جورج فلويد، خنقاً من قبل الشرطي ديريك شوفين، في ذلك المشهد الصعب الذي تناقلته وسائل الإعلام المختلفة مؤخراً، وإن كانت مؤشراً على جانب من أمراض المجتمع الأميركي، وتأكيداً صريحاً على ما هو مؤكد فعلاً لناحية عنف الشرطة في الولايات المتحدة، فالاحتجاجات التي اندلعت في عديد من الولايات الأميركية جاءت كذلك عاكسة لحجم «الاختناق» الذي يعيشه المجتمع.

انتفض الأمريكيون في غالبية الولايات ضد الشرطة بعد الحادث، وشهدت الأوضاع تطورات دراماتيكية تضمنت أعمال عنف وشغب، وفرض حالة حظر التجوال في عديد من الولايات، حتى استدعاء الحرس الوطني، وحملة الاعتقالات الواسعة التي شملت أكثر من أربعة آلاف شخص في مختلف أنحاء الولايات المتحدة.

تلك الانتفاضة وتعامل الولايات المتحدة معها، وإن كانت قد عرّت واشنطن ومبادئها المدافعة عن حقوق الإنسان حول العالم، اعتبرّها الكاتب الصحافي المتخصص في الشؤون الدولية، أسامة الدليل، من تبعات فيروس كورونا أيضاً؛ ذلك أن «الناس تعيش في ضغط، وما حدث ضمن تبعات حادث مقتل فلويد هو تعبير عن انفجار مجتمعي بسبب سوء الأحوال الداخلية، وجراء التداعيات الصعبة التي فرضتها الجائحة على كثير من الناس هناك، مع حجم الوظائف التي فُقدت وتنامي معدلات البطالة، وغيرها من العوامل المجتمعية التي خنقت الأمريكيين، فخرجوا كتعبير عن الانفجار المجتمعي».

مجموعة من العناصر والضغوطات الناجمة عن أزمة فيروس كورونا، قادت بشكل أو بآخر إلى ذلك المشهد، في تقدير الدليل، الذي يعتقد بأن «ما شهدته البلاد بعد حادث مقتل فلويد كان انفجاراً معبراً عن حجم كل تلك الضغوطات المجتمعية بعد كورونا، ولاسيما أنها ليست المرّة الأولى التي ترتكب فيها الشرطة مثل تلك الحوادث»، لكنها واحدة من أعنف ردات الفعل.

الإحصاءات تشير إلى مقتل 1099 شخصاً على يد الشرطة الأميركية في مختلف الولايات في العام 2019 وحده، أي بمتوسط ثلاثة قتلى يومياً على يد الشرطة، وفق موقع Mapping police violence.

وهذا الحادث، ورغم أنه معبر عن أحد الأمراض المزمنة في المجتمع الأميركي الخاصة بالتمييز، كما يعري واشنطن في طريقة تعاملها مع الاحتجاجات ويضعها في موضع تناقض فيه نفسها وتكيل بمكيالين، يعكس في الوقت ذاته عدداً من المؤشرات والعوامل الداخلية، من بينها التناحر بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي قبل الانتخابات، فضلاً عن ما يمكن وصفه بالحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، بعد أزمة كورونا بشكل خاص.

Email