لليابان أفكار أخرى لمحاربة "كوفيد-19"

ت + ت - الحجم الطبيعي

في ظل انتقال عدد من الدول لاتباع الفحوصات الدورية بسبب الوباء الذي اجتاح العالم، برز "النموذج الياباني" ليرسم ملامح طريق خروج آمن من أزمة الوباء العالمي، ولكن بشكل مغاير.

سارت طوكيو على طريقتها واعتمدت سبيلاً متفرداً في مواجهة "كوفيد 19" فحدّت عدد الفحوصات التي اقتصرت على الحالات الحرجة وكانت بالرغم من ذلك الدولة التي سجلت أقل عدد وفيات دون أن تعمد حتى إلى إجبار الشركات على الإغلاق ودون أن يصاب النظام الطبي لديها بالإرباك.

وفيما تسابقت الدول لإجراء فحوصات لأكبر عدد من الناس، سارت اليابان في اتجاه معاكس. ومع أن الخبراء الطبيين أعربوا عن خشية من أن يحجب هذا التوجه حقيقة تفشي الوباء، ويفجّر عدد الحالات ويجعل المستشفيات تغصّ بالمصابين إلا أن ذلك لم يحدث. إذ أعلن رئيس وزراء اليابان شينزو أبي أن معركة بلاده ضد الوباء سطرت نجاحاً ساحقاً وانتشلتها من براثن الطوارىء بالرغم من تدابير "الإغلاق التام المخففة" التي لم تتخط مدة الشهر والنصف.

شكك بعض المنتقدين بإعلانات النصر الرسمية اليابانية فيما عزا البعض نظريات انخفاض معدل الوفيات للحظ المطلق، علماً أن ثقافة البلاد تفرض وضع الكمامات واعتماد غسل اليدين بانتظام وشبه غياب تام للتحيات الحميمة والمصافحة والعناق.

بالمقابل، ألمح البعض إلى ما كان على الدول أن تتعلم من دروس اليابان التي لم تسارع إلى اعتماد الفحوصات المفرطة وركزت على احتواء حالات التفشي البسيطة عبر تعقب التواصل. وبدلاً من فرض تدابير صارمة على الحياة اليومية، صبت اليابان اهتمامها على تثقيف الناس حول أهمية اتباع الإجراءات الاحترازية متمثلة بالتباعد الجسدي وحضهم على الالتزام الصارم بها.

"الأفعال الفردية قد تبدو تافهة أو عادية، إلا أن التأثير التراكمي للمساعي عبر أنحاء البلاد للالتزام بمعايير التباعد أمر جوهري"، هذا ما أكده كيجي فوكودا، اختصاصي الوبائيات في معهد الصحة العامة بجامعة هونغ كونغ. لكن مهما كانت الصيغة فقد أفلحت اليابان بالحفاظ على معدلات وفيات منخفضة حيث سجلت أقل من 900 حالة مقابل عشرات آلاف الحالات في أميركا ودول أوروبا.

وقد أبلغت اليابان أنه من يشك في إصابته بالفيروس فليمتنع عن طلب المساعدة إلا بعد أربعة أيام من الحمى أو إذا كان عمره أكثر من 65 عاماً. كما أنها رفضت استقبال أشخاص تبدو عليهم عوارض حادة، وأصدرت قانوناً يسن على وضع كل من تأتي نتيجته إيجابية حتى دون ظهور عوارض أن يقبع في أحد أجنحة العزل القليلة، فشكل ذلك مثبطاً للأطباء المتحمسين لفحص أصحاب الحالات المتوسطة.

ومع ذلك أعلن آبي مؤخراً في خطاب له بأن نهاية حالة الطوارئ لا تعني العودة للحياة الطبيعية، وقال:" ما نحتاج أن نطمح له هو تأسيس طبيعة جديدة".

Email