المهاجرون قسراً.. معاناة مستمرّة فاقمها «كورونا»

ت + ت - الحجم الطبيعي

أجبر فيروس «كورونا» ملايين الناس للبقاء في بيوتهم في سياق إجراءات الوقاية والمكافحة للوباء. لكن ثمة ملايين من اللاجئين أو المهجرين حول العالم ليس لديهم منازل، وهم في خيام أقل من ملائمة لحياة عادية حتى قبل الجائحة، أو أنهم في بحثهم عن مكان يؤويهم، يركبون البحر.. يصل بعضهم إلى مكان ويستقر البعض الآخر في بطون القرش والحيتان.

مطلع الشهر الجاري، اتهمت أفغانستان إيران بالمسؤولية عن غرق عدد من اللاجئين بعد إجبارهم على العودة عبر نهر.

وسائل إعلام أفغانية والعديد من المسؤولين الأفغان، قالوا إن مجموعة مؤلفة من أكثر من 50 شخصاً، معظمهم من سكان ولاية هرات، دخلت إيران بشكل غير قانوني، عبر معبر ذو الفقار الحدودي. وقامت دوريات الحدود الإيرانية بعد يوم واحد باعتقالهم، وأجبر الحراس المعتقلين على القفز إلى النهر في منتصف ليل 2 مايو، على حد قولهم.

وفيما نفى مسؤولون إيرانيون تعذيب وإغراق المهاجرين الأفغان، أطلقت السلطات الأفغانية والإيرانية اليوم الخميس تحقيقات مشتركة في الواقعة. وقالت وزارة الخارجية الأفغانية، إن التحقيق سوف يجريه المفوضون الحدوديون للبلدين المتجاورتين في موقع الحادث لضمان أن تأخذ العدالة مجراها.

وتجبر الصراعات الحالية والفقر المدقع ومعدلات البطالة المرتفعة آلاف الأفغان إلى العبور بشكل غير قانوني الحدود إلى إيران سنوياً. وبحسب تقارير الأمم المتحدة، يوجد حالياً ما يقرب من المليون لاجئ أفغاني مسجّلين يعيشون في إيران، بينما تستضيف البلاد مليوني مهاجر آخر غير موثّق.

  • محكمة أوروبية

لكن مشكلة الهجرة التي يسمونها «غير شرعية» ليست مقتصرة على مكان بعينه، إنما هي مشكلة عالمية تفاقمت في السنوات الأخيرة، وتتسبب بخلافات فيما بين الدول وداخل الدول نفسها بشأن استقبالهم أو استيعابهم وطرائق التعامل معهم.، وتفاقمت معاناتهم أكثر في ظل انتشار وباء «كورونا».

في المجر، يعيش لاجئون آسيويون بمنطقة روسزكي الحدودية وهي محاطة بسور مرتفع وأسلاك شائكة، بينما هناك قيود صارمة مفروضة على حرية حركة الأشخاص، وفي ظل خلاف مجري أوروبي ومجري صربي بشأنهم.

محكمة العدل الأوروبية قضت اليوم بأن احتجاز المجر لهؤلاء اللاجئين ربما يرقى لأن يمثل خرقاً لقانون الاتحاد الأوروبي. وخلصت إلى أن عمليات الاحتجاز مثل هذه تعد غير قانونية في الاتحاد، في حال لم تتم دراسة الحالات الفردية أولاً.

وكتبت المحكمة «الأحوال السائدة في روسزكي ترقى إلى الحرمان من الحرية بين أمور أخرى، لأن الأشخاص المعنيين لا يمكنهم مغادرة المنطقة بصورة قانونية بإرادتهم في أي اتجاه». وأشار القضاة إلى أنه في قضايا احتجاز طالبي اللجوء في مناطق مرور أثناء النظر في طلبات لجوئهم، لا يجب احتجاز طالب اللجوء أكثر من أربعة أسابيع بعد تقديم طلباتهم.

وكانت بودابست تعرضت لانتقادات من بروكسل لموقفها المتشدد تجاه المهاجرين، الذين تم الطعن عليه أكثر من مرة أمام محكمة العدل الأوروبية. وأقام الدعوى الحالية أربعة من طالبي اللجوء من إيران وأفغانستان، والذين جرى احتجازهم في منطقة روسزكي الحدودية بعد وصولهم عبر صربيا.

  • عبور الصحراء

ويواصل أفارقة عبور الصحراء عن طريق شمال النيجر وليبيا، بهدف بلوغ الشواطئ المتوسطية ثم أوروبا. وتنقل قناة «فرانس 24» عن الحسن ماماني الموظف المتقاعد المقيم في أغاديز في الصحراء نقطة انطلاق المهاجرين إلى ليبيا «غامبيون وسنغاليون وماليون... مصممون على التوجه إلى أوروبا. قال لي مهاجر: أفضّل الموت بـ«كورونا» على العيش في البؤس». وباتت عملية العبور أكثر تعقيداً، بالإضافة إلى خطة مكافحة الهجرة المطبقة منذ 2015 مع تعزيز الدوريات «كثفت قوات الأمن المراقبة لفرض احترام تدابير إغلاق الحدود للتصدي لـ «كورونا».

وفي ليبيا نفسها، تسببت الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطات لمنع تفشي «كورونا»، إضافة إلى المعارك الدائرة منذ أشهر، في تضييق الخناق على المهاجرين. وبعد عدة محاولات فاشلة للخروج من ليبيا إلى إيطاليا وقضاء فترة طويلة رهن الاحتجاز، يعلّق المهاجر النيجيري أولو آماله على إجلائه مع أسرته من مدينة طرابلس التي يحاصرها الجيش الوطني الليبي منذ أشهر ضمن عملية عسكرية ضخمة أطلقها في نيسان 2019 لتطهير العاصمة من الإرهاب. ومع تعثر عمليات إعادة توطين اللاجئين وإغلاق المجال الجوي بسبب «كورونا»، وجد أولو نفسه بدلاً من ذلك عالقاً في طرابلس مع احتدام القتال، وغير قادر على العمل بسبب قيود الوباء.

وحتى الآن لا توجد تقارير تفيد بتفشي الفيروس بين المهاجرين في ليبيا، لكن هناك مخاوف من أنه قد يكون له أثر مدمر إذا حدث ذلك.

  • خيام مزدحمة

وفي جنوب السودان، يعاني اللاجئون في ظل الأوضاع الصعبة في خيام مزدحمة، وعلى وقع الخشية من فيروس «كورونا» الذي أربك دولاً تعتبر متقدّمة. في مخيم اللاجئين هناك، يعيش ما يصل إلى 12 فرداً في خيمة صغيرة، مع القليل من المياه والصابون. وحسب منظمات دولية، فإن إجراءات النظافة مثل غسل اليدين بانتظام أمر مستحيل عملياً، في واقع هؤلاء. لذلك، يعاني الكثيرون من الأمراض مثل الملاريا، وسوء التغذية وفيروس «إتش إي في» المسبب للإيدز، ما يجعلهم أكثر عرضة للخطر إذا ما أصيبوا بفيروس «كورونا».

منظمة أطباء بلا حدود تحدثت اليوم الخميس عن تسجيل حالات إصابة بفيروس «كورونا» في مخيمين كبيرين للاجئين في جنوب السودان. وقالت المنظمة: إنها «قلقة للغاية» بشأن رصد الفيروس في مخيم عند قاعدة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في بلدة بينتيو، بالإضافة إلى مخيم آخر في العاصمة جوبا.

Email