الانقسام الأوروبي مؤشر صراع متصاعد في مجلس الأمن

ت + ت - الحجم الطبيعي
وقعت أوروبا ضحية جانبية لاختبار القوة الجاري بين الصين، والولايات المتحدة في مجلس الأمن حول وباء (كوفيد 19)، إذ باتت منقسمة بين مسودتي قرار، تدعوان إلى وقف إطلاق نار في العالم، لمساعدة الدول التي تشهد نزاعات على مكافحة فيروس «كورونا» المستجد، حيث ترى مصادر عدة في الانقسام الأوروبي مؤشراً إلى صراع متصاعد في مجلس الأمن، فمن جهة، تسعى فرنسا جاهدة، منذ شهرين لانتزاع تسوية بين الصين والولايات المتحدة حول نص طرحته مع تونس بهذا الصدد، فيما طرحت إستونيا وألمانيا من جهة أخرى مسودة قرار منافس يتبنى الموقف الأمريكي.

وقال دبلوماسي طلب عدم كشف اسمه، منتقداً النص الثاني «الجميع يعرف من يقف خلف المسودة الجديدة»، في وقت بحث وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مسألة الأمم المتحدة مع نظيره الإستوني أورماس راينسالو.

وقال دبلوماسي آخر إنه إن كان الأمريكيون هم الذين دفعوا إلى انقسام أوروبا «فهم نجحوا في ذلك»، متسائلاً بشأن دور برلين في هذه المناورة.

وأوضح ريتشارد غوان من مجموعة الأزمات الدولية أن «إستونيا وألمانيا تحاولان فقط إصلاح ما أفسدته الولايات المتحدة»، فيما اعتبر دبلوماسي في الأمم المتحدة أن «الأوروبيين موحدون حول جوهر المسألة، ومختلفون حول النهج».

وسعياً للخروج من المأزق، اقترحت إستونيا، التي تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن، مع ألمانيا خلال اجتماع، أول من أمس، نصاً منافساً للنص الفرنسي التونسي، يتمحور حول الدعوة إلى وقف الأعمال الحربية دون أن يتضمن أي ذكر لمنظمة الصحة العالمية.

وهددت الصين على مدى شهرين باستخدام حق النقض ضد أي نص يخلو من أي إشارة إلى منظمة الصحة العالمية، في حين هددت الولايات المتحدة بعرقلة أي نص يذكر الوكالة الأممية، التي تتهمها بقلة الشفافية، ويتضمن النص الفرنسي- التونسي إشارة إلى «وكالات متخصصة في مجال الصحة».

وأثارت مبادرة إستونيا وألمانيا التي طرحت بدون التشاور مسبقاً مع فرنسا بحسب بعض المصادر، استياء العديد من أعضاء مجلس الأمن، على ما أفاد دبلوماسيون عدة، وقال أحدهم إن الأمر سيكون «في غاية الصعوبة» بالنسبة للنص الثاني.
ولا تزال باريس وتونس تؤكدان عزمهما على التوصل إلى اتفاق حول نصهما، لكن هامش المناورة أمامهما يبدو محدوداً بوجه معارضة واشنطن الصريحة.

والحقيقية أن «لا الصين ولا الولايات المتحدة تريدان قراراً» يدعم دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في 23 مارس الماضي إلى وقف إطلاق نار في النزاعات في العالم، برأي دبلوماسي اعتبر أن أياً من البلدين لا يريد منح قسم من نفوذه الواسع للأمين العام للأمم المتحدة، الذي يعتزم البلدان إبقاءه «تحت السيطرة».

وترى مصادر عدة في الانقسام الأوروبي مؤشراً إلى صراع متصاعد في مجلس الأمن بين الأعضاء الدائمين، وبينهم فرنسا، والأعضاء غير الدائمين، ومنهم ألمانيا وإستونيا.
Email