النوافذ.. سيدة المنازل والأبراج السكنية في زمن الوباء

ت + ت - الحجم الطبيعي

بينما يودّع العالم الإغلاق الكامل الذي تم فرضه في دول يتفشى فيها وباء «كورونا»، عادت الحركة إلى شوارع المدن الكبرى، خصوصاً أوروبا التي عاشت نحو شهرين من القيود المشددة على التنقل، فلازم مئات الملايين من السكان منازلهم، وخلال هذه الفترة حدثت سلسلة تغيرات سلوكية، من بينها أن الجائحة أعادت للعالم تعريف النوافذ والأبواب داخل الأبنية السكنية.


قبل الجائحة، كانت علاقة سكان المدن بشرفات النوافذ هامشية، ولا تتعدى دقائق، أو أكثر في حالات استثنائية، ذلك أن النوافذ والشرفات ليست مكاناً للتلاقي الاجتماعي، إلا في فترات مسائية خلال الطقس المعتدل. لكن مع تفشي الفيروس، وحرمان الناس من الأماكن الاستهلاكية الشائعة، كالمقاهي والمراكز التجارية، ارتفعت أهمية شرفات المنازل حول العالم، ولم تعد النافذة أداة لتهوية الغرفة، بل متنفساً ومنصة للإطلال على العالم الخارجي.


ومن المظاهر الدالة على إعادة توظيف العالم للنوافذ والشرفات، تنامي ظاهرة إيصال الوجبات للمحتاجين عبر النوافذ. فقد بدأ عدد متنامٍ من السكان في المدن الإيطالية تعليق سلال صغيرة من المكرونة والبسكويت وغيرها من البضائع من نوافذ منازلهم.

كما تحولت شرفات المنازل إلى مكان للاحتجاج السياسي، حيث شهدت بلدان عديدة تعليق لافتات سياسية وحقوقية، بدلاً من النزول إلى الشارع.


وفي ألمانيا، لجأ الرسامون المحرومون من وسائل عرض أعمالهم، إلى تعليق أعمالهم من الشرفات. وعلق 50 رساماً أعمالهم في الشرفات وفي النوافذ خلال عطلة عيد الفصح. رأى المنظمون الفن في الشرفات على أنه رسالة تضامن ضد العزلة وضد فيروس «كورونا» والخوف المرتبط به.

وفي تركيا، أحيا الفيروس عادة عثمانية قديمة، وهو الشراء من البقالة عبر سلال تتدلى من الطوابق العلوية ويتولى صاحب البقالة ملأها باحتياجات زبائنه في المبنى نفسه أو المباني المجاورة.


لقد أظهر فيروس «كورونا» عيوباً في مجالات عديدة في العالم، ونمط العمران ليس استثناء. فقد تبين أن المنازل الصغيرة المصممة أساساً للنوم وليس قضاء وقت فيه، لا يصلح لقضاء وقت ممتع خلال أوقات الطوارئ الطويلة كما في حالة تفشي الوباء.


وعلى هذا الأساس، تحدث المهندسان المعماريان السويسريان، جاك هيرتسوج و بيير دي مورون عن الحاجة لبناء المزيد من المدن الصالحة للعيش، وأنه لا يتعين أن يدفع وباء فيروس «كورونا» إلى تحرك السكان من المدن إلى الريف، لكن يجب توفير مساحات خضراء واسعة وبناء شقق يغمرها الضوء داخل المناطق الحضرية: «يتعين أن نجلب الريف إلى المدينة وليس العكس».

Email