الشرفات بدل الساحات والكمامات بدل الرايات

عيد عمّال عالمي غير مسبوق بسبب كورونا

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

احتفل سكان العالم المعزولون  اليوم بعيد العمّال بشكل غير مسبوق من دون أي تظاهرات ولا تجمّعات منتظرة، بسبب تفشي وباء كورونا الذي أضر بالأعمال ويدفع العمال ليكونوا الطبقة الأكثر دفعاً للثمن. وبحسب منظمة العمل الدولية، فإن 1,6 مليار شخص على الأقل قد يخسرون موارد رزقهم بسبب العزل والركود التاريخي الناجم عن هذا الإجراء.

ولمناسبة عيد العمال وهو يوم عطلة رسمية في عدد كبير من دول العالم، لن تُقام أية مسيرات تقليدية للنقابات ما أرغم هذه الأخيرة على ابتكار أشكال أخرى من التحرك: تعبئة افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي أو الوقوف على الشرفات، وقد سادت الكمامات بدل الرايات الحمراء التي كان يرفعها اليساريون في هذه المناسبة.

في مثل هذه المناسبة، كانت الأنظار تتوجه إلى موسكو التي تعود العالم على مشاهدة احتفالات مميزة منذ أيام العهد السوفييتي الشيوعي. لكن روسيا اليوم تشهد أرقاماً متزايدة من الإصابات بـ «كورونا»، ومدد رئيسها العزل أسبوعين إضافيين.

في أثينا، اصطف عمال وطلبة يونانيون يرتدون كمامات حمراء وقفازات خارج مبنى البرلمان احتفالاً بعيد العمال. وباستخدام علامات بلاستيكية ملونة موضوعة على الأرض لمساعدتهم في الحفاظ على قواعد التباعد، شارك مئات المحتجين في تجمع نظمته جماعة بامى الشيوعية. ولوح المحتجون بالرايات ورددوا هتافات.

وطالب المشاركون بألا يدفع العمال ثمن الركود الاقتصادي العالمي الناجم عن جائحة كورونا. كما خرج مئات العمال إلى الشوارع في مدن يونانية أخرى. وقد التزم المشاركون في جميع التجمعات، تقريباً بالتباعد الاجتماعي. وألغت جميع اتحادات نقابات العمال الأخرى تظاهراتها بسبب الوباء.

اعتقالات بفرنسا

في باريس، اعتقلت الشرطة الفرنسية عشرة أشخاص، بعد محاولتهم التظاهر بمناسبة اليوم العالمي للعمال، وخرق قرار حظر التجمعات والمظاهرات في البلاد على خلفية إجراءات الإغلاق والحجر الصحي المفروض حتى الـ11 من الشهر الجاري.

وتوافد صباح أمس بعض المتظاهرين يحملون لافتات وصوراً.. على ساحة «الجمهورية» وسط العاصمة الفرنسية بغية تنفيذ مظاهرة تطالب بفتح البلاد وإنهاء الإغلاق، لكن الشرطة منعتهم من مواصلة الاحتجاج واعتقلت أغلبهم.

واختفت مظاهر الاحتفالات التقليدية التي ترافق تخليد اليوم العالمي للعمال هذا العام في فرنسا، بسبب الظروف الصحية التي تجتازها البلاد مع ارتفاع غير مسبوق في أعداد الوفيات والمصابين رغم تراجع الأرقام خلال الأسبوعين الأخيرين.

وبدل الخروج إلى الشارع تظاهر كثير من العمال والنقابات في شرفات البيوت والمنازل، وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، فيما أصدرت الاتحادات النقابية الفرنسية بيانات ذكرت فيها بدور العمال الرئيسي في الحرب على وباء كورونا في البلاد.

في برلين، تحث الجماعات اليسارية المتظاهرين على المشاركة في احتجاج عفوي مساء أمس الجمعة، رغم إلغاء الفعاليات التقليدية بمناسبة عيد العمال على خلفية جائحة كورونا. ودعا ناشطون يساريون عبر موقع «تويتر» المتظاهرين للانضمام إليهم في شوارع حي كرويتسبرغ في برلين مساء، في احتجاج متباعد اجتماعياً.

وتفرض السلطات الألمانية حظراً على التجمعات لأكثر من 20 شخصاً خلال المظاهرات، في حين يتوقع المنظمون مشاركة أكثر من ألف متظاهر، ويخططون للانقسام وإعادة التجمع بشكل متكرر طوال المساء.

اعتقالات بتركيا

في اسطنبول، احتجزت الشرطة أمس الجمعة 15 من أعضاء النقابات العمالية، ومنعت محاولتهم السير إلى ميدان تقسيم بالمدينة للاحتفال بعيد العمال، حسبما قال ناطق باسم اتحاد نقابات العمال الثورية (ديسك) اليسارية. ويضم المحتجزون رئيسة اتحاد نقابات العمال الثورية، أرزو شركس أوغلو، وأعضاء آخرين من مجلس الإدارة، حسبما قال الناطق باسم الاتحاد عبر الهاتف، والذي طلب عدم ذكر اسمه، مضيفاً أن الشرطة قالت إن الاحتجاز ناجم عن «الإخلال بالنظام العام».

وقالت شركس أوغلو لقناة «تيلي 1» المحلية: «اليوم يواجه الملايين من العمال في أنحاء تركيا الفيروس، في المصانع وفي مواقع البناء وهذا لا يخل بالنظام العام!». وأضافت شركس أوغلو أنها تحدثت وهي لا تزال قيد الاحتجاز في سيارة للشرطة. ولم يتضح على الفور ما إذا كان سيتم اعتقال المحتجزين بشكل رسمي.

وفي الولايات المتحدة حيث يودي الوباء بحياة حوالي ألفي شخص يومياً وبلغت حصيلة الوفيات الإجمالية أكثر من 63 ألفاً، قدّم أكثر من 30 مليون أمريكي طلبات للحصول على إعانات بطالة منذ منتصف مارس، في عدد قياسي. لكن العزل لا يؤثر العزل على الأغنياء والفقراء بالطريقة نفسها: فبين 18 مارس و10 أبريل، ارتفعت ثروة أصحاب المليارات الأمريكيين بحوالي 10%، أي 282 مليار دولار، خصوصاً بفضل الارتفاع الذي سجّلته بورصات شركات التكنولوجيا، مثل أمازون، وفق دراسة أميركية.

تظاهرات بلبنان

وفي بيروت، تظاهر العديد من اللبنانيين قبل ظهر أمس في ساحتي رياض الصلح والشهداء في وسط العاصمة. وانطلقت تظاهرة سيارة من أمام مقر الاتحاد الوطني لنقابات العمال، إلى ساحة رياض الصلح. وفي ساحة الشهداء اعتصم عدد آخر. وحمل المشاركون الأعلام اللبنانية وطالبوا بتصحيح الأوضاع المعيشية ومعالجة البطالة وارتفاع الأسعار وارتفاع سعر صرف الدولار.

وفي مدينة النبطية بالجنوب انطلقت مسيرة راجلة، وحمل بعضهم يافطات كتب عليها «الثورة مستمرة حتى تحقيق مطالبها بتغيير النظام المذهبي ومحاسبة الفاسدين». وانطلقت في مدينة صور جنوب لبنان مسيرة سيارة حاملين الأعلام اللبنانية للمطالبة بالعيش الكريم.

في إندونيسيا، نشرت النقابة الرئيسية لافتات في مئتي مدينة وأطلقت حملة رقمية تدعو إلى «التظاهر من المنازل». والمطلب الرئيسي هو أن يكون دفع الأجور مضموناً في حين أرغم الوباء في كافة أنحاء العالم عدداً كبيراً من الشركات على تخفيض أو تعليق نشاطها.

وفي الفيليبين، حذّر المسؤول النقابي جيروم أدونيس من أن حوالي 23 مليون شخص أي نحو ربع السكان، مهددون بالمجاعة بموجب قاعدة «لا عمل لا راتب».

في دول إفريقية عدة، توقفت تقريباً التحويلات المالية من العمال المهاجرين إلى أوروبا. وقال تيديان كونتي في دكار «شقيقي يعمل في الزراعة في سرقسطة (شمال إسبانيا). آخر مرة أرسل لنا المال في فبراير».

Email