هل كورونا في طريقه للهبوط من الوباء إلى المرض الموسمي؟
شرعت عدد من دول أوروبا في خطوات تخفيف الطوارئ الصحية، وكثر الحديث عن التخفيف المشروط من إجراءات العزل الصحي الجماعي الإجباري خلال الأيام المقبلة، لاسيما في دول أوروبا الشرقية. وروّجت وسائل إعلام أوروبية خلال حملات إعلامية تمهيدية، إحصائيات حول الإصابات والوفيات في أوروبا، مؤكدة أن الإصابات لاتزال مرتفعة، وأنّ الفيروس مازال نشطاً، وبالرغم من ذلك انخفضت معدلات الوفاة لكنها لم تختف، ما يعني أنّ الطواقم الطبية باتت أكثر قدرة على التعامل مع الفيروس، وأنّ الوعي الجماهيري أسهم في محاصرة الوباء، ومن ثمّ فإنّ تخفيف القيود الاجتماعية الإجبارية أمر وارد شريطة ارتداء الكمامة في الشوارع والالتزام بالتباعد الشخصي وإجراءات الوقاية، وتجنب الازدحام. وباتت رؤية متفائلة مطروحة بقوة بتحويل الوباء إلى مرض موسمي مثل الإنفلوانزا الموسمية.
تفاؤل حذر
وقال الباحث بمركز جان جوريس للدراسات بباريس، لرودي ريشستاد لـ«البيان»، إنّ الانخفاض الطفيف في الإصابات بث تفاؤلاً حذراً في الإدارات الأوروبية، ما دفع بعضها لإعادة الحياة لطبيعتها بشكل تدريجي، فيما كانت النمسا الدولة الأوروبية الأولى التي بدأت في هذا الطريق بحذر خشية الارتداد. وقال المستشار النمساوي، سيباستيان كروز: «هدفنا الآن الخروج بشكل أسرع من الآخرين»، مؤكداً أنه اعتباراً من 14 ابريل الجاري سيتم افتتاح مراكز التسوّق الكبرى إلى جانب بعض الحدائق والمتنزهات العامة، والمطاعم في الهواء الطلق، واعتباراً من أول مايو سيتم البدء في خطة افتتاح الفنادق وبقية المطاعم والمقاهي، لتعود الحياة في النمسا بشكل كامل اعتباراً من 15 مايو المقبل، لكن بشرط التزام المواطنين إجبارياً بارتداء الكمامات في الشوارع، وفي وسائل النقل.
تخفيف تدريجي
ويضيف ريشستاد: «هذه خطوة ليست عادية، لاسيّما أن جمهورية التشيك، قرّرت المضي قدماً في نفس الطريق، إذ أعلن نائب وزير الصحة رومان بريمولان، إعادة فتح المناطق الرياضية والأندية الاجتماعية اعتباراً من الثلاثاء 7 أبريل، على أن تبدأ الشركات في العمل الجزئي اعتباراً من 12 إبريل، لتعود الحياة تدريجياً خلال الشهر الجاري، كما تدرس سلوفاكيا نفس التدابير خلال الأيام المقبلة، كلها بشرط ارتداء الكمامة بصورة دائمة في الشوارع والأماكن العامة ووسائل النقل، مع الالتزام بإجراءات الوقاية والنظافة وعدم الاتصال الشخصي بالآخرين».
خطوات مستمرّة
ويشير لرودي ريشستاد، إلى أنّ هذه الخطوات لن تتوقف عند حدود دول أوروبا الشرقية، لافتاً إلى أنّه بدأ الحديث عبر وسائل الإعلام في البرتغال وفرنسا وألمانيا وأسبانيا وبلجيكا، عن ضرورة الالتزام بارتداء الكمامة كسلوك مستقبلي على غرار ما حدث في الصين بعد تفشي وباء سارس في العام 2002، لتصبح الكمامة إجبارية في الصين منذ ذلك الحين في الأماكن العامة. ويوضح ريشستاد أنّ الكمامة أسهمت في مكافحة الوباء آنذاك، كما أسهمت في عدم تفاقم أزمة انتشار جائحة كورونا مقارنة بحجم سكان الصين، لذلك سيتم خلال الأيام المقبلة تخفيف الحجر الصحي أو الطوارئ الصحية في فرنسا ودول أوروبا بالكامل بشرط الالتزام بارتداء الكمامة، واتباع إجراءات الوقاية الصارمة.
نهاية طوارئ
وأبان ريشستاد أنّ هذا الأمر بدأ بالفعل من أول الأسبوع الجاري، إذ تؤكد جميع الإحصاءات تراجع الوباء بسبب ارتفاع الوعي وتزايد الالتزام بإجراءات الوقاية، الأمر الذي تراه الحكومات كافياً لتحويل الجائحة إلى مرض موسمي مثل الإنفلوانزا الموسمية، يمكن التعامل معها وفق طاقات المستشفيات وبالأدوية المتاحة، والتي اكتسب الأطباء خبرة في تجربتها خلال الأيام الماضية، لهذا تزايد الحديث خلال الأيام الماضية عن الاتجاه نحو تخفيف الحظر جزئياً، والآن يتم تجربة الأمر بحذر، فيما تؤكّد المؤشرات أن هذه الطوارئ ستنتهي خلال أبريل الجاري، إلّا أنّ الحياة لن تكون كما كانت قبل انتشار الوباء بالتأكيد.
