العالم يكافح لمنع تحالف كورونا مع الجوع

ت + ت - الحجم الطبيعي
عواصم - البيان، وكالات

يهدد وباء «كورونا» المستجد بخلق أزمات واضطرابات عالمية في الوقت الذي تجد فيه الدول نفسها في معضلة خطيرة وهي أن الانشغال الكلي بمكافحة الوباء يكشف ظهر العالم أمام مخاطر موازية، أخطرها بوادر ما يمكن تسميته التحالف القاتل بين «كورونا» والجوع في مختلف أنحاء العالم، الأمر الذي دفع منظمات دولية مكلفة شؤون التغذية والصحة والتجارة، من مخاطر حصول أزمة غذائية في العالم مع الاضطرابات في سوق المنتجات الزراعية وعدم حصول العاملين في هذا القطاع على حماية كافية في مواجهة فيروس «كورونا».

واعتبر الأمين العام للأمم المتّحدة، أنطونيو غوتيريس، أنّ جائحة كوفيد-19 هي أسوأ أزمة عالمية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، معرباً عن قلقه من أن تتسبّب تداعياتها بتأجيج النزاعات والحروب في العالم.

وحذرت ثلاث منظمات دولية مكلفة شؤون التغذية والصحة والتجارة، منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة التجارة العالمية، من مخاطر حصول أزمة غذائية في العالم. وفي بيان مشترك نادر، نبه مديرو هذه المنظمات الثلاث إلى أنه في حال قيام بعض الدول المصدرة للحبوب الأساسية بالاحتفاظ بمحاصيلها خشية حصول نقص أو لخفض الأسعار، فإن دولاً أخرى على الضفة الأخرى من السلسلة الغذائية العالمية قد تواجه مخاطر التعرض لنقص خطير.

وقال مدير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة الصيني كو دونغيو ومدير منظمة الصحة العالمية الإثيوبي تيدروس أدهانوم غيبرييسوس ومدير منظمة التجارة العالمية البرازيلي روبرتو أزيفيدو، إن «الغموض حول توفر الغذاء يمكن أن يتسبب بموجة قيود على التصدير» التي قد تتسبب بدورها بـ«نقص في السوق العالمية».

وجاء في النص أنه بالنسبة إلى المنظمات الثلاث التي تعنى بشؤون الصحة والتغذية والتجارة الدولية، «من المهمّ» تأمين المبادلات التجارية «بهدف تفادي حصول نقص في المواد الغذائية» وخصوصاً في الدول الفقيرة.

قد تكون روسيا، أكبر مصدر عالمي للقمح، مستهدفة بهذا التحذير بعدما دافع وزيرا الزراعة والاقتصاد فيها في مطلع الأسبوع عن مشروع للحد من الصادرات الروسية من الحبوب لتصل إلى سبعة ملايين طن بين أبريل ويونيو.

ويرى خبراء في منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن «القيود على التصدير» تؤدي في بعض الأحيان إلى مجاعة في الضفة الأخرى من العالم.

وعبرت المنظمات الدولية الثلاث أيضاً عن قلقها من عوامل أخرى تهدد السلسلة الغذائية العالمية. وأشارت خصوصاً إلى «تباطؤ حركة العاملين في قطاعي الزراعة والغذاء»، ما يتسبب بعرقلة الكثير من الزراعات الغربية. وبلهجة تضمنت غموضاً مقصوداً، أضاف مديرو المنظمات الثلاث: «عندما تكون المسألة مسألة حماية الصحة ورفاهية المواطنين، ينبغي على الدول ضمان ألا تتسبب مجمل التدابير التجارية باضطرابات في سلاسل الإمدادات الغذائية»، وذلك في تلميح إلى خطورة إخلاء الجبهات الأخرى لصالح حشد كافة الموارد للمعركة ضد الوباء.

وختموا بالقول: «علينا ضمان ألا يؤدي تصدينا لوباء كوفيد-19، بطريقة لا إرادية، إلى نقص غير مبرر للمنتجات الأساسية ويفاقم الجوع وسوء التغذية».

صعوبات في أمريكا

وفي هذا الإطار، يواجه العمال الزراعيون في الولايات المتحدة الذين يعيشون في مهاجع ويعملون بالقرب من بعضهم البعض، بلا أقنعة واقية لتأمين الغذاء للبلاد، خطر الإصابة بالفيروس لكنهم لا يملكون خياراً آخر سوى العمل للحصول على أجر.

ويعمل حوالي 2.4 مليون رجل وامرأة في حقول زراعية في الولايات المتحدة، حيث يعيش ثلاثة أرباع السكان حالياً في عزل صحي. لكن عملهم يعد «أساسياً» على غرار الممرضات ورجال الشرطة والإطفاء وموظفي محلات بيع المواد الغذائية.

قال ديفيد ستيل، مدير معهد الأبحاث الزراعية في جامعة بومونا: «إذا تغيب عشرة أو عشرون أو ثلاثون في المئة من العمال، فسيؤدي ذلك إلى مشكلة هائلة في التموين» بالمواد الغذائية. ولا تجرؤ كاليفورنيا التي تعد مزرعة الولايات المتحدة حتى على التفكير في هذا الاحتمال.

وفي تغير يعكس مخاطر الوباء وتداعياته، غيّر الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، موقفه بشأن «كورونا»، فبعد أسبوع من تقليله من مدى خطورة تهديد الفيروس وانتقاده للقيود المفروضة على الحياة العامة، وصف بولسونارو الوباء بأنّه أحد أكبر التحدّيات التي يواجهها الجيل الحالي.

إجراءات وتفشي

وفي مجريات المواجهة المباشرة ضد «كورونا»، فعّل العالم كل إجراءاته لدحر الفيروس الآخذ في التمدّد والانتشار، والذي وصلت عدد إصاباته أكثر من 850 ألفاً ووفياته 44 ألفاً، فيما كانت القارة الأوروبية الأكثر تضرراً بـ30 ألف وفاة أكثر من ثلثيهم في إيطاليا وإسبانيا.

وسجلت إيطاليا 837 حالة وفاة جديدة، إلا أن انتشار الوباء يواصل التراجع.

وكشفت بريطانيا، عن مساعيها لزيادة عدد الفحوص إلى 25 ألفاً يومياً بحلول منتصف أبريل مقارنة مع 12750 فحصاً في الوقت الراهن.

وسجّلت فرنسا أعلى معدل يومي للوفيات منذ بداية تفشي الفيروس، إذ أعلن جيروم سالومون، سالومون مدير عام الشؤون الصحية في فرنسا، أنّ 499 شخصاً توفوا خلال الساعات الـ24 الماضية، ليصل إجمالي الوفيات في البلاد إلى 3523 شخصاً.

زيادة وفيات

وفي الولايات المتحدة بؤرة التفشي الجديدة، تخطّت حصيلة الوفيات عتبة الأربعة آلاف حالة. وتنبّأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بأن يكون الأسبوعان القادمان «مؤلمين للغاية». وقال ترامب خلال مؤتمر صحفي: «إنه طاعون، سيكون هناك بعض الضوء في نهاية النفق، الزيادة آتية، وتأتي بقوة كبيرة». وأعلن ترامب، أنّه يفكّر جدياً بحظر الرحلات الآتية من البرازيل.
Email