كورونا يعيد ترتيب التحالفات الدولية

جنود صينيون قرب مجمع السفارات الأجنبية في بكين | أ.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

«العالم يفترق ويتشتت عند الأطماع، لكنه يتوحد ويلتئم عند الخوف»، هذه ربما هي القاعدة التي أرستها أزمة انتشار فيروس كورونا، والتي قد تفرض واقعاً جديداً على «العلاقات الدولية» رغم اتساع مساحات الخلاف، وحتى في ظل التراشقات والاتهامات التي يُمكن ملاحظتها على سبيل المثال في الاتهام الصيني للولايات المتحدة بالتسبب في انتشار الفيروس، وهي الاتهامات التي تأتي اتصالاً بعلاقات متوترة بين البلدين وحرب تجارية مستعرة شهدت فصولاً شديدة الصعوبة.

لكنّ تلك الخلافات -وهي جزء من العلاقات الدولية- أمام «الذعر الدولي» وحالة الخوف التي تنتاب العالم، ربما لا تجد التأثير والمساحة السابقة ذاتهما أمام حتمية التعاون الدولي للتصدي لفيروس كورونا.

ترتيب التحالفات

يقول المفكر السياسي د.عبد المنعم سعيد، في تصريحات خاصة لـ «البيان» من القاهرة، إن انتشار فيروس كورونا يقود إلى «إعادة ترتيب التحالفات الدوليّة»، لافتاً إلى أنه «مع بداية ظهور وانتشار الفيروس، كان رد الفعل الأولي آنذاك منحصراً في العمل الفردي لكل دولة على حدة، وهو نهج إلى حد كبير لا يزال حاضراً في ظل عدم وجود آلية عالمية لتنظيم التعاون، وبمزيدٍ من الخسائر فإن المجتمع الدولي سيكون مدفوعاً للتعاون بشكل أكبر».

حتى إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي كانت له انتقادات للعولمة والمنظمات متعددة الأطراف، بدأ ينظر إلى الأمور بصورة مختلفة، على أساس أنه لا توجد دولة قادرة بمفردها على إيجاد حل لأزمة فيروس كورونا المستجد الذي يثير ذعراً عالمياً، وبالتالي -وفق سعيد- فإن «درجات التعاون سوف تزيد تدريجياً، ورأينا حركة الدول العشرين الكبرى، وكذا المساحة التي حصلت عليها منظمة الصحة العالمية.. أي أن العولمة ستفرض نفسها».

من الناحية الموضوعية -والكلام على لسان المفكر السياسي المصري- فإن «التعاون سوف يزداد عالمياً»، معتبراً التراشقات أو الاتهامات السياسية المختلفة ما هي إلا «جزء من طبيعة العلاقات الدولية لا ينفي حتمية التعاون على الصعيد الدولي للتصدي للفيروس الذي يهدد العالم».

وطبقاً لسعيد، فإن «التعاون يأخذ مساحات أكبر، وهناك محاولات لزيادة مساحة الاتفاق وتغليبها على مساحات الخلاف الضيقة، فمن المستبعد أن يستغل أي من الأطراف الأزمة الصحية العالمية لتحقيق مصالح ضيقة».

الخوف

إلى ذلك، يعتقد محلل الشؤون الخارجية، الكاتب الصحافي المصري، أسامة الدليل، بأن «الخوف الذي اجتاح العالم من عدوى جائحة، وحّد العالم في إجراءات معينة، لا سيما أن تلك الأزمة تقتضي تعاوناً دولياً»، مشدداً -في تصريحات خاصة لـ «البيان» من العاصمة المصرية- على أن «الأصل في العلاقات الدولية صار الصراع وليس التعاون، والعالم يتشتت ويفترق عند الأطماع، لكنّه يتفق ويتوحد عند المخاوف، ولعل هذا هو الدرس المستفاد من فيروس كورونا؛ فانتشاره من الصين وانتقاله إلى أوروبا ودول أخرى، وحّد جهود العالم؛ على أساس أن الخوف أصبح عنصراً مهماً في العلاقات الدولية».

مثل تلك الفيروسات تشبه الأزمات الاقتصادية الكبرى، والتي هي عادة ما تكون آثارها خارج السيطرة، وبالتالي تكون هناك إجراءات عالمية، يشعر بها البشر على اختلاف طبائعهم وثقافتهم وبلدانهم.

وسلط الدليل الضوء على الخلافات الكبيرة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، والحرب التجارية بين البلدين، لكنّ تلك الخلافات في وقت الخوف والذعر الحالي لم تؤثر على التعاون الدولي، فالصين تعرض خدماتها على إيطاليا ودول أخرى، والولايات المتحدة تبذل جهوداً لمحاربة الفيروس، أي أنه «في اللحظة الراهنة، فإن المجتمعات البشرية تحت وطأة الخوف تتجه للتعاون ومساحات أكبر للاتفاق بعيداً عن الصراع».

Email