ألبير ماتزنيف.. تطويع المستحيل

ت + ت - الحجم الطبيعي

لربما تقلب واقعة أو صدفة الحياة رأساً على عقب، وتحول المسار. قاد الحظ ألبير ماتزنيف، الطالب في كلية التكنولوجيا بجامعة باريس، لحضور أمسية في مسرح باتاكلان أواخر 2015، واقتحم متطرفون المسرح فجأة وأطلقوا النار عشوائياً فقتلوا أكثر من 80 شخصاً وأصابوا أكثر من 600، وكان ألبير من بينهم، وبعد رحلة علاج فقد ألبير حاسة السمع، لتنقلب حياته رأساً على عقب، إذ ترك الدراسة لعدم قدرته على التعامل مع وضعه الجديد، واستسلم للانطواء، وبعد شهور قليلة أرسل الله إليه طوق النجاة.

يقول ألبير ماتزنيف، 25 عاماً، وهو مهندس تكنولوجي، لـ«البيان»: «ذهبت إلى المسرح لحضور أمسية فنية، وخلال العرض اقتحم مسلحون المسرح، وأطلقوا النار، ونتيجة صوت التفجير الشديد حدث تلف تام لطبلة الأذن، وفقدت الوعي، وفي المستشفى عرفت أني فقدت حاسة السمع للأبد، شعرت بأن العالم انتهى، حياتي أصبحت مستحيلة، بعد رحلة العلاج وتأكدي من أنه لا أمل بعودة أذني كما كانت تملكتني حالة يأس شديد، واستسلمت للعزلة والانطواء في منزلي وتركت دراستي في المعهد، قلت انتهى كل شيء».

تحوّل

ويضيف ماتزنيف: «ذات يوم جاءت زميلتي ميريل ريفيت، لزيارتي في المنزل، كانت زميلتي في نفس المعهد وشريكتي في مشاريع الدراسة، رفضت في البداية مقابلتها لكن تحت إلحاح أمي وإصرار ميريل خرجت، بدأت تتعامل معي بالإشارة، كانت أول من تحدث معي بلغتي في المستقبل، أحببت حديثها الذي لا أسمعه، فكانت إشاراتها تتحول داخل عقلي إلى صوت، وتكررت الزيارات وبدأت أخرج معها، والتحقت بمعهد لتعلم لغة الإشارة، وكانت ميريل تحضر معي لتتعلم هي الأخرى، وساعدتي على مشوار العودة إلى الدراسة، وانتهيت من الدراسة وأصبحت مهندس برمجيات متخصصاً».

تكامل

طلب ألبير ماتزنيف الزواج من زميلته قبل التخرج من الجامعة، ولم تتردد لحظة، بعد أن أصبح كتلة تحدٍّ وشعلة أمل، بعد أن كان يائساً مستسلماً، كما تقول ميريل.

أنشأ ألبير وميريل، مكتباً خاصاً بهما بعد التخرّج، تحوّل قبل مرور عامين لشركة برمجيات واستشارات تقنية وإلكترونية شهيرة في باريس، وأصبحت حياتهما أفضل، إذ تحول ألبير إلى مهندس متميز يبتكر ويبدع، وميريل إلى مسوّق للأعمال والتواصل مع العملاء.

Email