نائب رئيس الجمعية الإسلامية في الصين لـ«البيان»: الحرية الدينية مكفولة دون تجاوز للقانون

كيف يدرس مسلمو الصين تعاليم الدين؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الصين القوانين والأنظمة تمنع استخدام الأديان وتعلمها في المدارس العامة، كما يمنع ممارسة الأنشطة الدينية في الأماكن العامة، هذا بالإضافة إلى أن أعضاء الحزب الشيوعي ممنوعون من اعتناق أي دين، وهو شرط أساسي للانضمام إلى الحزب.

في هذه الجمهورية التي تعد الأكثر كثافة سكانية في العالم، حيث يقطنها مليار و300 مليون نسمة وتتألف من 22 مقاطعة وخمس مناطق ذاتية الحكم وأربع بلديات، توجد 56 قومية، وحسب المسؤولين الصينيين فإن ذلك جعل تعليم الأديان والأنشطة المتعلقة بكل هذه القوميات في المدارس أمراً يصعب تحقيقه، مع وجود المعاهد الدينية المتخصصة ومنها المعاهد الإسلامية لمن يرغب في تعلم مبادئ الإسلام والتعمق في تعاليمه.

من خلال زيارة ميدانية قامت بها «البيان» إلى إقليم شينجيانغ، الذي يتمتع بحكم ذاتي ويقطنه أكثر من 10 ملايين مسلم ويوجد فيه 24 ألف مسجد، وجدنا قوانين وأنظمة وضعتها الحكومة الصينية المركزية مطلوب من كل الصينيين احترامها وتطبيقها، حيث تكفل الحكومة لكل صيني حرية اختياره للدين وإيمانه به دون تدخل، عند بلوغه سن الـ18.

جدير بالذكر أن عدد المسلمين في الصين يقدر بنحو 30 مليون نسمة كما يوجد بها 40 ألف مسجد.

نلقي الضوء من خلال هذا التقرير على المعهد الإسلامي في شينجيانغ الويغوريه، الذي زارت «البيان» مقره الرئيس في مدينة أوروميتشي عاصمة الإقليم، حيث يعد من أهم المنشآت الدينية الإسلامية لتدريب رجال الدين في المنطقة التي تتمتع بحكم ذاتي، ويعد أحد الدلائل على احترام الصين للحريات الدينية.

موقع جديد
عند وصولنا إلى المعهد، ضمن وفد إعلامي من 16 دولة دعته السلطات الصينية لحضور ورشة عمل بعنوان «الحزام والطريق» بهدف توضيح شروط التنمية الاجتماعية في تلك المنطقة، إضافة إلى السياسات والتدابير المعتمدة لمكافحة الإرهاب، والقيام بجولات للتعرف على المساجد ومراكز التعليم والتدريب، ومقابلة المسؤولين الحكوميين والشخصيات الدينية والسكان في الإقليم، وجدنا أن المعهد في ضواحي العاصمة ومكون من مبانٍ كبيرة وحديثة عدة، يتضمن المعهد مبنى خاصاً بالدراسة وآخر للإقامة ومطعماً ومبنى خاصاً بالألعاب الرياضية ومسجداً كبيراً.

وأوضح لنا المسؤول، عند استقبالنا، أن المعهد تم نقله حديثاً إلى هذا الموقع من أجل التوسعة والتحديث، حيث كان في السابق مبنى صغيراً وسط المدينة، تم بناؤه قبل 32 عاماً على مساحة تبلغ 10 آلاف متر مربع، ويتعلم فيه نحو 160 طالباً فقط، بينما أصبح اليوم يعلم 3 آلاف طالب.

المعهد تم تطويره في فترة بين عامي 2010 حتى 2017، بتكلفة تبلغ حوالي 280 مليون يوان صيني، تكفلت الحكومة المركزية في الصين بنحو 260 مليون يوان، بينما تكفلت حكومة شينجيانغ بـ 20 مليوناً حتى أصبحت مساحته تبلغ اليوم نحو 50 ألف متر مربع بدلاً من 10 آلاف متر مربع.

برامج تعليمية
دخلنا المبنى الرئيس، وجدنا فصولاً دراسية لتدريب الأئمة، وأخرى تمنح دبلوم التعليم الجامعي، وكذلك تعليم اللغة الصينية، حيث توجد ثلاثة أنواع من البرامج التعليمية، وهي المعرفة الدينية التي تشمل كيفية أداء الصلاة وقراءة القرآن والحديث النبوي الشريف والشريعة الإسلامية والتفسير. والثاني يشمل القانون والدستور الصيني والثقافة الصينية. والثالث يقدم دورات تدريب على اللغة الصينية. كما يقوم المعهد بتدريس الخطابة من خلال تقديم 54 نموذجاً للخطابة، ويتم تدريسها لجميع الموظفين المنتسبين للمعهد، ومنهم أيضاً أئمة المساجد وبأربع لغات.

وبرفقة نائب رئيس الجمعية الإسلامية في الصين، ورئيس الجمعية الإسلامية في شينجيانغ، ورئيس المعهد الإسلامي وعضو مجلس الشعب الصيني عبدالرقيب بن تمر نياز، تجولنا في مرافق المعهد ودخلنا أحد الفصول الدراسية وتحدثنا إلى بعض الطلبة الذين أكدوا أن هدفهم من الدراسة في المعهد هو تعلم الشريعة الإسلامية وتعاليم الإسلام ليتخرجوا ويصبحوا أئمة مساجد.

8 فروع
وعلمنا من رئيس المعهد أنه توجد ثمانية فروع للمعهد في مدن أخرى في الإقليم، يدرس فيها 1800 طالب، بينما ينتسب للمقر الرئيس 1200 طالب، ليكون المجوع 3 آلاف في الإقليم، وهو ما يجعل هذا المعهد مهد إعداد الأئمة ورجال الدين في العلوم الدينية والاجتماعية ومرآة واضحة لتطور الإسلام ومكانة المسلمين في المجتمع الصيني.

ولمسنا من خلال زيارتنا وتجولنا في أروقة وفصول المعهد وحديثنا مع الطلاب فيه واستماعنا إلى مدير المعهد، حرص الحكومة الصينية على احترام الأديان، بل دعمها للأنشطة الروحية، ولكن في إطار القوانين والأنظمة والدستور، مع تأكيدها على فصل الدين عن السياسة، فالحكومة الصينية هي من دعمت بناء هذه المراكز الإسلامية، كما أنها تتكفل إلى جانب حكومة شينجيانغ بمصاريف الإقامة والمواصلات والطعام للطلاب، بالإضافة إلى منحة شهرية للدارسين تصل إلى 600 يوان صيني.

مبنى المسجد
 انتهينا من التجول في المقر الرئيس للمعهد ثم انتقلنا إلى المسجد الذي بني على مساحة 1000 متر مربع ويتسع لـ 1300 مصل، وتقام فيه كل يوم جمعة جلسات لتفسير القرآن الكريم، وعقدنا فيه حلقة نقاشية مع رئيس الجمعية الإسلامية في شينجيانغ ورئيس المعهد الإسلامي عبدالرقيب الذي تحدث عن علاقة التطرف بالإسلام، مؤكداً أن التدين ليس تطرفاً ولا علاقة بينهما، قائلاً: «أدرس الدين الإسلامي منذ نحو 30 عاماً، وأعلّم الطلاب أن الإسلام يعني السلام، وأن السلام مرتبط بشكل وثيق مع حياة المسلمين». مُشدداً على حرص المعهد على تفسير معاني القرآن الكريم، وربطها بقوانين الصين التي تؤكد على تحقيق نظام السلام والتعايش، والحرص أيضاً على إرشاد الطلاب على الطريق الصحيح، مشيراً إلى أن تطبيق الإسلام هنا يتفق مع المبادئ الاشتراكية في الصين.

دحض اتهامات
وقال رئيس الجمعية الإسلامية في شينجيانغ في تصريح خاص لـ«البيان»: «الحكومة الصينية تقوم بحماية الحرية الدينية لكل الصينيين المسلمين، وتدعمنا وكل الحقائق والشواهد على الأرض تبرهن على ذلك، ولكن يجب التمييز هنا بأن الحكومة تضمن الحرية الدينية، ولكنها تمنع أي تجاوز للقانون، والقانون يمنع تدخل الدين في السياسة».

وأضاف: «أنا من أبناء قومية الويغور، ومنذ الثمانينيات وأنا أدرّس جميع علماء الدين هنا، وأقوم بزيارات مستمرة إلى مختلف المناطق في شينجيانغ، ولدي معلومات وافرة بشأن هذه المنطقة، فالحكومة الصينية قدمت دعماً كاملاً للأنشطة الدينية للمسلمين، بالإضافة إلى صيانة أماكن الأنشطة الدينية، وقبل 32 عاماً كان لدينا معهد إسلامي واحد فقط، وهو صغير والآن بعد ثلاثة عقود ترون هذا المعهد، الذي مساحته ستة أضعاف المعهد القديم، وأصبح عدد الطلاب فيه سبعة أضعاف عن السابق، كما تم إنشاء 8 فروع أخرى للمعهد».

واستطرد: «لا يوجد إجبار على الزواج بين مختلف القوميات، ولا أي سياسة عنصرية أو محاولات لتغليب أي قومية على أخرى، الصين في تطور اقتصادي كبير، وجميع القوميات تعيش في وحدة وتعايش سلمي، والصين تعتبر أكثر الأماكن أمناً في العالم». وشدد على أن الدين الإسلامي هو دين السلام والسماحة، وعمل الخير وحب الوطن، ولا علاقة له بالمتطرفين.

Email