خبراء لـ«البيان»: خلايا الإرهاب تتلقّى المال والتعليمات لخلق الفوضى وفق أجندات مشبوهة

فرنسا نحو قطع التمويل القطري والتركي للإرهاب

ت + ت - الحجم الطبيعي

أثار حادث الطعن ببلدية فيلوربان، بمقاطعة رون الفرنسية، الذي نفذه شخصان، وأسفر عن مقتل شخص وإصابة ثمانية آخرين، حالة من الفزع على مستوى فرنسا، ليجدد الجدل الإعلامي وعبر شبكات التواصل الاجتماعي حول خلايا الإرهاب النائمة في فرنسا وأوروبا، ومدى نجاعة الإجراءات الحكومية في التصدي لها، والقضاء على تمويلها وقنوات اتصالها بالخارج والداخل، وسبل حماية فرنسا من هجمات إرهابية كبرى كالتي شهدتها العديد من المدن منذ العام 2014 وحتى اليوم.

وأكد خبراء فرنسيون لـ«البيان»، أن الخلايا الإرهابية الموجودة في فرنسا أو ما بات يصطلح عليه إعلامياً بـ«الذئاب المنفردة»، يتلقون تمويلاتهم وتعليماتهم من الخارج لتنفيذ عمليات إرهابية، تهدف لخلق الفوضى في فرنسا وفق أجندات سياسية مشبوهة، مشيرين إلى أن هناك مفارخ للإرهاب في باريس متمثلة في دور عبادة ومساجد غير رسمية تنفق عليها دولاً مثل تركيا وقطر تكشف للسلطات الأمنية أكثر من مرة علاقتها بالمتطرفين منفذي عمليات باريس، ومارسيليا، وليون، وتولوز، وستراسبورغ.

وأوضح الخبراء أن بعض هذه المساجد تم إغلاقها فيما لا يزال الكثير منها يمارس أنشطته في استقطاب الشباب وتدريبهم وتمويلهم وتوجيههم لتنفيذ عمليات فردية مثل الطعن، والدهس، وحتى الاعتداء المسلح بين الحين والآخر. وشدد الخبراء على ضرورة التدخل بشكل أكثر حزماً وشمولية لاجتثاث جذور هذه القنوات والمفارخ إذا كان هناك إرادة حقيقية للقضاء على الإرهاب.

مفارخ إرهاب

وقال ميشيل دي فنيس، الضابط السابق في الاستخبارات الداخلية الفرنسية لـ«البيان»، إن حادث الطعن الذي وقع في بلدية فيلوربان التابعة لمقاطعة ليون، نفذه شخصان «19، و21 عاماً» وخلّف قتيلاً وجرحى بعضهم في حالة خطرة، وأن التحقيقات لا تزال مستمرة حتى الآن، ما يجعل دوافع الهجوم ما زالت غير واضحة.

وأوضح فنيس أن الحادثة خلقت دوياً كبيراً في المجتمع الفرنسي إذ جددت الحديث عن «الذئاب المنفردة» المنتشرة في فرنسا، وأعادت إلى الأذهان ذكريات الحوادث منذ العام 2015 عقب حادث الاعتداء الإرهابي على صحيفة «شارلي إبيدو» الساخرة.

ولفت إلى أن هذه الذئاب المنفردة تتلقى أموالها وتعليماتها من جهات خارجية معلومة، عبر حلقة وصل هي مساجد ودور عبادة غير رسمية منتشرة في فرنسا، تقوم باستقطاب الشباب في سن المراهقة، وتقوم بعملية غسيل مخ لهم، ثم تعمل على تجنيدهم تحت مزاعم دينية وتطلقهم لتنفيذ عمليات إرهابية ضد أفراد بأدوات بدائية مثل الطعن بسكين، أو الدهس بالسيارات، وفي بعض الحالات بالأسلحة النارية مثل حادث ستراسبورغ، أو بالطرود المفخخة مثل الحادث، الذي وقع في ليون مايو الماضي مخلفاً 14 مصاباً، ونفذه جزائري تم استقطابه بهذا الشكل.

تحقيقات

وكشفت التحقيقات أن منفذ هذا الحادث على علاقة بمسجد الرحمة في ليون، وهو ممول من تركيا وإمامه تركي، وهناك معلومات عديدة عن مساجد مشابهة تمول من قطر وتركيا ثبت علاقتها بالمتطرفين منفذي عمليات سابقة بعضهم قتل، والبعض تم اعتقاله وخضع للاستجواب، وبناء عليه تم إغلاق 26 مسجداً خلال العام الجاري، و112 العام الماضي، أغلبها عبارة عن مساكن أو شقق سكنية تحولت إلى دور عبادة بشكل غير رسمي بتمويل خارجي، والآن بات من الضروري مع تزايد هذا النوع من الإرهاب إغلاق هذه المفارخ الإرهابية التركية القطرية.

قوانين استثنائية

بدوره، أشار جيل لوجاندر، رئيس الفريق البرلماني لحزب الجمهورية إلى الأمام، إلى أن الحوادث الإرهابية المتكررة في فرنسا تحتم تحركاً ناجعاً لسد جميع الثغرات أمام محاولات تقويض الأمن والاستقرار في البلاد، مضيفاً: «لكن القانون يحدد صلاحيات السلطات الأمنية، وندرس حالياً في البرلمان إصدار قانون يسمح للنيابة العامة بغلق دور العبادة الثابت تمويلها من الخارج مؤقتاً لحين فصل القضاء في الأمر، كما يسمح للسلطات الأمنية بوضع المسؤولين عن المسجد والمشتبه بهم رهن الاحتجاز الوقائي لحين التحري حولهم».

ولفت لوجاندر إلى أن هذا القانون ورغم إثارته للجدل إلا أن من الضروري إصداره خلال أيام، لا سيما مع تزايد الهجمات الإرهابية، ووجود تأكيدات أمنية حول علاقة العديد من هذه المساجد أو دور العبادة «غير الرسمية» لتمويل خارجي وخاصة تركيا وقطر، مردفاً: «الرأي العام الآن متفهم لهذه الإجراءات الجديدة غير أي وقت مضى، ويؤيد جُل الفرنسيين القوانين المقيدة للأنشطة المشبوهة أكثر من السابق، كونها تحقق أمان فرنسا ولا تتعارض مع مبادئ الجمهورية الخامسة الداعمة للحريات».

Email