مارسيل.. طبيب فرنسي نذر حياته لإنقاذ المهاجرين

ت + ت - الحجم الطبيعي

مارسيل جوجوين، طبيب شاب لقبه سكان مدينة مونثون الفرنسية الحدودية مع إيطاليا بـ«رسول الإنسانية». أمضى الطبيب مارسيل «49 عاماً» نحو 28 عاماً من عمره يعمل بمهنة الطب في المدينة الصغيرة، رفض مغادرتها بعد انتهاء فترة تكليفه الحكومي، وأنشأ مصحة خاصة لخدمة سكان المنطقة، وأخذ على عاتقه مهمة إنقاذ المهاجرين المتسللين عبر الممرات الجبلية الحدودية، والذين يتعرضون لمخاطر صحية بالغة أثناء رحلة التسلل.

يتدخّل مارسيل سريعاً ليمنح لهؤلاء البشر قبلة الحياة دون مقابل مادي ودون أن يلتفت لقوانين وضوابط، مبدأه الوحيد ورسالته إنقاذ الإنسان مهما كانت جنسيته أو لونه أو دينه، ومهما كان وضعه القانوني.

يقول مارسيل لـ«البيان»: «بعد انتهاء دراستي الطبية عام 1991 في باريس، تم تعيني في المستوصف الطبي بمدينة مونثون الفرنسية الحدودية مع إيطاليا، كانت منطقة مهمشة إلى حد ما، يسكنها مهاجرين وغجر ومزارعين فرنسيين، وجدت نفسي وشعرت برسالتي وسط هؤلاء الناس، وفي العام 1993 استدعاني أهالي المنطقة لإنقاذ حياة مهاجر باكستاني تسلل عبر الحدود الإيطالية الفرنسية وسقط مغشياً عليه أمام الأهالي، وجدته في حالة يُرثى لها، وتمكنت من إنقاذه ونقله إلى المستوصف، تأملت المشهد وقتها وسألت نفسي كيف لإنسان أن يغامر بحياته بهذه الطريقة؟ وتوصلت لإجابة هي البحث عن الحياة الأفضل».

وأوضح مارسيل أنه شعر بهؤلاء المهاجرين وقرّر وقتها عدم ترك المدينة، مضيفاً: «لا أعلم لماذا فعلت هذا، لكني بقيت بعد أن قدمت طلب للسلطات الصحية المختصة في باريس ووافقوا بالطبع؛ لأن الأطباء يرفضون الانتقال لمثل هذه المناطق خاصة أبناء المدن الحضرية الكبرى».

رسالة

وأضاف مارسيل أن الأمور كانت هادئة في السابق، إلا أنه وبعد أحداث البوسنة والهرسك في عام 1992، بدأ المهاجرون في التسلل بشكل أكبر إلى فرنسا، مشيراً إلى أنه كان ينقذ الكثير من المهاجرين الذين تعرّضوا لحوادث أو لوعكات صحية خلال رحلتهم عبر الحدود، وأنه لا يتذكر أعداداهم.

وأردف: «في عام 2000 زادت أعداد المهاجرين المتسللين للحدود وصل عددهم إلى حوالي 150 ألف مهاجر سنوياً، أغلبهم يصل إلى مونثون في حالة صحية صعبة، لاسيّما خلال فصل الشتاء، فأتولى مهمة إنقاذهم وتقديم الرعاية الطبية لهم، سواء في المصحة الحكومية في المنطقة أو في مصحتي الخاصة، لا يهمني قانون الهجرة، ولا القرارات الحكومية بالإبلاغ عن المهاجرين، هذه مهمة إدارية يقوم بها أي شخص آخر في المصحة، مهمتي إنقاذه فقط، وإنقاذ أي إنسان لأنها رسالتي وهوايتي، كثيراً ما أتجوّل في المنطقة الحدودية على أطراف المنطقة وأصعد المناطق الجبلية للبحث عن مهاجرين يحتاجون للرعاية الصحية، وداخل مركز تجمع المهاجرين الحكومي في المدينة، أيضاً أنظّم زيارات دائمة لرعاية المهاجرين المحتجزين بعد ضبطهم من قبل السلطات الأمنية الفرنسية».

ويشير مارسيل إلى أن الأرض ملك كل البشر، والحياة حق للجميع، مشيراً إلى أنه يجد نفسه في هذا الدور الصغير الذي يقوم به لخدمة لخدمة الإنسان، مهما كان لونه أو جنسيته أو دينه. وأضاف: «أنا أتعامل مع جسد وروح، إنسان غامر بحياته للبحث عن حياة أفضل، وبالتأكيد يستحق ذلك، ودورنا مساعدته».

Email