محنّك سبعيني يترشّح للمرة الرابعة للرئاسة

أتيكو أبو بكر.. السياسي النيجيري المتمرّس بتبديل الولاءات

ت + ت - الحجم الطبيعي

أفلتت منه الرئاسة ثلاث مرات غير آبهة بمنصبه الاجتماعي كموظف خدمة مدنية في بداياته، ولا السياسي كنائب لرئيس البلاد منذ العام 1999، ولا العملي كأبرز رجال الأعمال في نيجيريا، كما لم تشفع له ثروته الطائلة التي جناها من عالم النفط ووهب بعضها للأعمال الخيرية.

إلا أن أتيكو أبو بكر لم ييأس، وها هو يعيد الترشح لمنصب رئاسة نيجيريا للمرة الرابعة، علّ فبراير هذه المرة يحسم مسار المحنّك السبعيني، الذي طرح أوراق اعتماده خبيراً مخضرماً في عالم السياسة وإنقاذ البلاد من عللها المستدامة.

ويوظف أبو بكر في حملته الانتخابية الشرسة صورة التباين الفاضح بينه وبين صاحب المنصب الأول، الرئيس النيجيري محمد بخاري، الذي غدا محط استهداف الشعب على خلفية الإحباط الناجم عن الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد.

ويأخذ المنتقدون على محمد بخاري شخصيته المحتاطة والمتقشفة غير المرنة التي أثبتت عدم توافقها مع متطلبات حكم نيجيريا على الرغم من أنها ساعدت في فوزه في الانتخابات الأخيرة بعد تعهده محاربة الفساد.

أما أبو بكر بالمقابل فيتسم بشخصيته الاجتماعية الدمثة المنغمسة في عالم الشركات والأعمال، إضافة لتنقله بين ضفتي التجارة والسياسة، الأمر الذي جعل مؤيديه يؤمنون بأنها عوامل ستعينه على توحيد البلاد وإحياء الاقتصاد.

غير أن أبو بكر دخيل على السياسة في نظر البعض سيما أنه تخلى مرتين عن حزب الشعب الديمقراطي النيجيري الذي ساهم في تأسيسه مرتين، تزامن أولهما عام 2006 مع تحقيق حول سجله كنائب لرئيس البلاد واتهامه بتحويل مبلغ 125 مليون دولار تقريباً من المال العام لصالح شركاته.

وقد ظهرت اتهامات مماثلة عام 2010 في تقرير لمجلس الشيوخ الأمريكي يتهم أبو بكر بتحويل مبلغ 40 مليون دولار في شكل «مبالغ مشبوهة» للولايات المتحدة، مستخدماً الحساب المصرفي الخاص بزوجته.

لم تصل الاتهامات يوماً لمرحلة الدعاوى القضائية، علماً أن أبو بكر قام بدحضها واعتبار أن مزاعم الفساد ذات دوافع سياسية. وقد قام في يناير الماضي بزيارة لأمريكا لإنهاء الجدل القائل بتجنبه السفر خشية تعرضه للاعتقال.

ويشير أوللي أوين، البروفسور المحاضر بالدراسات الأفريقية في جامعة أكسفورد إلى أن أبو بكر المطلع الأكبر على الشؤون السياسية، قائلاً: «في التسعينيات، حين كانوا يحاولون التخلص من الحكم العسكري، كان أبو بكر موجوداً على الأرض، متمرس في تبديل الولاءات، وفرض طبيعة نخبة التحالفات».

ويؤكد أوين أن الرجلين يجتذبان قاعدتين متباينتين من الناخبين النيجيريين إحداهما تتوق للحكومة النظيفة وأخرى ترغب بالحصول على فرصة اقتصادية أفضل.

وترتبط سمعة أبو بكر، زعيم المال كما يصفه البعض في عالم الأعمال بصعود نجم شركته المتخصصة بلوجستيات حقول النفط التي أسسها عام 1982، وقد تطورت من مكتبها الأساسي القائم في حاوية سفن لشركة متعددة الجنسية تقدر بمليارات النيرات النيجيرية، وتوظف ما يزيد على 10 آلاف شخص.

وعن صناعة المال يقول أبو بكر في كتاب مذكراته ضمن فصل يحمل العنوان عينه: «لقد أدركت في فترة مبكرة من حياتي أني أمتلك فطنة في عالم الأعمال».

لكن إن كانت تلك نظرة أبو بكر للنجاح المالي فإن النظرة العامة السياسية النيجيرية تجزم بوجود «عرابين» لا يخوضون المعارك الرئاسية بأنفسهم، بل يحددون من خلال الستار الرابح سلفاً.

إنهم رعاة سياسيون يستخدمون المال والسلطة لكسب التأييد والدعم لمرشحهم المفضل. ويعتقد أن «أبناءهم» لا يتم اختيارهم دوماً لقوتهم السياسية بقدر ما يتمتعون بالقدرة على ردّ الدين وإثراء عرابيهم.

وقد أدخلت هذه الترتيبات تعبير "رعاية العراب" إلى القاموس السياسي في نيجيريا وفق ما يشير الدكتور ديلي أشيرو، كبير الأساتذة المحاضرين في قسم العلوم السياسية بجامعة لاغوس.

ويشرح الأمر بالقول: "يرجع هذا التعبير إلى حالة يكون فيها أحد كبار القوم ممن يتمتعون بالسطوة السياسية ويعملون على تبني ابن لهم كمرشح في الانتخابات، على أن يقوم العراب بكل ما في وسعه لمحاولة إيصال الابن المتبنى للمنصب السياسي المزمع. ولا بدّ أن يكون للعراب تأثير بالغ، وغالباً ما يكون صاحب منصب سياسي حالي أو سابق".

ويشير أشيرو إلى مشكلة أساسية تنطوي عليها حالة وجود العراب إذ يقول: " ثقافة العراب تعنى أكثر بالفرد لا بالجماعة".

ولهذا السبب ربما يمتنع غالبية السياسيين اليوم من أن يوسموا بالعرابين نظراً لما أصبح عليه التعبير مثقلاً بالتكتيكات المتنمرة والممارسات غير الديمقراطية.

 

Email