أبرزها الشقاق الإلكتروني والمنازلة الكبرى والشعبوية وتداعيات «بريكسيت»

المتغيرات ترسم ملامح العام الجديد وتحدد هوية اللاعبين الكبار

ت + ت - الحجم الطبيعي

 وحرصا على تعميم الفائدة ننشر لكم صفحات البيان المخصصة بنظام " بي دي إف  " ولمشاهدتها يكفي الضغط  هنا

 

إن أجندة الاستشراف الرئيسة، ومنطلقاته الأساس، هي معطيات الواقع، وأحداث الحاضر والأمس القريب، التي تمثل نقطة استرشادية، يبدأ منها العقل الاستراتيجي في محاولته استقراء مسار الأحداث، وتطوراتها، والمستجدات التي يمكن أن تظهر في الطريق إلى عالم الغد.

وبالنسبة لدبي، التجربة التي يشار إليها، ويعتد بها، فإن قراءة معطيات الواقع، واستشراف الغد المقبل، يمثل واحدة من مكونات هويتها الحضارية، وجزءاً أصيلاً من خبرتها، باعتبارها تجربة تميل بقوة إلى الانتماء للمستقبل، وتنحاز إليه، لذا، تتجه الأنظار إليها نهاية كل عام، مع سؤال يقول: كيف ترى دبي العام الجديد؟

الإجابة عن هذا السؤال، بطبيعة الحال، ليست يقينية قاطعة، ولكنها تحليلية موضوعية، وترجيحية واقعية. ولتقديم مثل هذه الإجابة المتعددة والمتنوعة، تستضيف دبي سنوياً، نخبة متميزة من العقول والخبراء والمختصين، يقدمون قراءاتهم المستقلة لأحداث مرحلة تتركز على عام مضى، بغية استشراف المستقبل.

وهذا دور يلعبه المنتدى الاستراتيجي العربي، الذي انعقد هذا العام في دورته الحادية عشرة، واستشرف حالة المنطقة العربية والعالم اقتصادياً وسياسياً للعام الجديد، وقدم تصورات مستقبلية، تستند على مجموعة واسعة من المعطيات الحالية والمؤشرات، تعطي تصوراً شاملاً ومتكاملاً.

فكيف قرأ «المنتدى الاستراتيجي العربي» الواقع، وكيف استشرف المستقبل، وما التوقعات الاستراتيجية التي رجحها حول حالة العالم اقتصادياً وسياسياً للعام الجديد..؟

أحداث رئيسة

اعتبر «المنتدى»، في محاولة قراءة ورصد الأحداث الرئيسة التي تؤثر في العالم في العام الجديد، ألّا مبرر للتشاؤم، رغم كل ما يشهد العالم من تغيرات جيوسياسية، هي برغم جسامتها ليست بذلك التأثير السلبي الذي يجري الحديث عنه، فالاقتصاد العالمي قادر على البقاء متماسكاً بدرجة كافية، لمواجهة أي هزات طارئة.

في مقدم تلك التغيرات الجيوسياسية، الكبرى والحرجة، حدد «المنتدى» قائمة تضم: (1) ارتفاع مخاطر الهجمات الإلكترونية، و(2) حرب الجيل الخامس للتكنولوجيا بين الصين والولايات المتحدة، و(3) تواصل النزاع الأميركي الصيني، و(4) تنامي الشعبوية في المجال الأوروبي، و(5) تداعيات اتفاق «بريكست».

وبهذا، حدد «المنتدى» خمسة مجالات على المستوى العالمي، سترسم وجه الأحداث في العام الجديد. يشكل كل واحد منها، عنواناً للاستقراء والاستشراف التفصيلي.

المخاطر التقنية

ثمة علاقة طردية بين التطورات المتلاحقة في المجال التكنولوجي، والاعتماد العالمي على التكنولوجيا، وارتفاع مستوى احتمالات مخاطر الهجمات التكنولوجية. وتكفي الإشارة هنا، إلى أن التكنولوجيا تجاوزت بمسافة، المرحلة التي كانت فيها مجرد قطاع لوجيستي محايد، وتحولت إلى قطاع اقتصادي هام، كما توسعت استعمالاتها، بحيث أضحت قادرة على أن تكون سلاحاً مدمراً، تستخدمه الدول في حروبها الشاملة.

وفي هذا الصدد، توقع «المنتدى» أن يواجه العالم المزيد من الهجمات الإلكترونية، وتقاس كلفته بمليارات الدولارات. ولكنها لن تكون قادرة برغم ذلك على «كسر ظهر» الاقتصاد العالمي.

ويستند هذا التقييم على خبرة العام المنصرم، الذي شهد ثلاثة أمثلة عن تنامي الهجمات الإلكترونية عالمياً، في مقابل رسوخ البنى الاقتصادية في التعامل معها، أولها التعامل السريع مع قرصنة كوريا الشمالية لملايين الحسابات المصرفية، وهو ما مكن من حصر الأضرار الناجمة عنها. وثانيها، حينما قرصنت الحكومة الصينية حسابات وبيانات لعملاء فنادق لغايات تجارية، وأمكن تدارك الأمر، والحد من أضطراره. والثالث، حينما استخدمت الحكومة الروسية برنامجاً لاختراق أوكرانيا، فأثر في واحد في المئة من الدخل الإجمالي لأوكرانيا.

الشقاق الإلكتروني

يدخل العالم، العام الجديد على وقع حرب أخرى طاحنة، تدور رحاها بين الولايات المتحدة والصين. ولكن هذه الحرب بقيت «متوارية» نسبياً، وراء تراشق الرسوم الجمركية بين البلدين، في سياق الحرب التجارية.

ويبدو أن هذه الحرب «المتوارية»، التي تشتعل في المجال الإلكتروني، ستحتل صفحات كثيرة من تاريخ المنازلة الصينية الأميركية في العام الجديد. وهي، كما الحرب التجارية، ستمس أطرافاً ثالثة كثيرة، إذ إن موضوع هذه الحرب، يتعلق بنوع من «الشقاق» الإلكتروني العالمي، إذ سيتم في العام الجديد، طرح الجيل الخامس من تكنولوجيا الاتصالات، التي تدعم المدن الذكية وإنترنت الأشياء، حيث إن الصين لها نظام مختلف عن مثيله المطبق بالولايات المتحدة، وتحاول تعميمه، وهو ما سيجعل الأسواق تشعر بالتفكك والاستقطاب، جراء ضرورة الاختيار بين واحد من النظامين. واختار أي منهما يعني العزلة عن الآخر.

وإلى جانب ذلك، فإن انقسام العالم بين نظامين، ليس وضعاً قابلاً للاستمرار، لذا، فإن كل دولة ستقاتل بشدة لفرض نظامها، لأن لا مجال لتقاسم العالم ذي البنى المتصلة والمتواصلة بين نظامين.

المنازلة الكبرى

من المتوقع أن يؤدي فرض الرسوم على التجارة العالمية، إلى حرب تعرفات، إذا ما توقفت الدول عن الحوار لحل الأزمات في ما بينها، في حين يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يسير في الاتجاه الخاطئ في هذا الشأن، غير أنه من المتوقع أن تخف حدة هذه الحرب التجارية في العام الجديد، لأن استمرارها سيعزز العجز في دول، ويقلل الفائض في أخرى.

وبهذا، استبعد «المنتدى» أن يعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حرباً تجارية على الصين خلال الربع الأول من العام الجديد، إذ لن تكون لديه القدرة على اتخاذ مزيد من الإجراءات التصعيدية في هذا الشأن.

وعملياً، ستكون الولايات المتحدة أمام خيارين في صياغة نظام عالمي جديد، فإما أن تتشارك في صناعته مع الصين وأوروبا وغيرهما من اللاعبين، أو أن تتجه إلى الانعزال والانكفاء.

وبالمقابل، من المحتمل أن تواصل الصين توسيع حضورها في المنطقة العربية، ففي حين أن لدى الروس مصالح واضحة معلومة السقف والحدود، فإن الأمر مختلف مع الصينيين، الطامحين لأن تكون لهم البصمة الأكبر، ولا يقيدون أنفسهم بسقف أو حدود.

الشعبوية الأوروبية

وفي أوروبا، يمكن أن تشهد الانتخابات البرلمانية الأوروبية في مايو المقبل، صعود الشعبوية في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، نظراً لتنامي التباين بين المؤيدين والمنتقدين للاتحاد بشكل أكثر حدّةً، بفعل أزمة الهجرة، والخروج البريطاني.

وتبدو الشعبوية واضحة في لوحة العام الجديد، بينما ظروف نموها متوافرة، حيث هناك ظهور لليمين المتطرف، فيما قد تقود احتجاجات السترات الصـــفراء، التي تشهدها فرنسا، إلى مغادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منصبه، ما سيفتح المجال أمام اضطرابات داخلية، يكون لها آثارها السلبية على المستوى العالمي، وقد تكون عاملاً يؤسس لبيئة شعبوية.

وبملاحظة أن الشعبوية ليست حالة معزولة في بعض بلدان أوروبا، وأنها تتفشى بالقارة على اتساعها، وتنتقل إلى بلدان في قارات أخرى، فإن هذا قد يقلب التقاليد السياسية السائدة رأساً على عقب، ويفتح المجال أمام تغيرات حادة في المعايير والمفاهيم الدولية، وقد يقود إلى منظومة علاقات مختلفة.

وهذا، إن حدث، لن يكون دون أثر دولي عام، متعدد المستويات والمجالات. وفي الغالب، فإن العالم لن يكون أمام تغير كبير في المنظومة القيمية، ولكن كذلك أمام إعادة تقييم سلبية رفضوية للبنى المنظمة للعلاقات الدولية. كما سيواجه انقلاباً في الفكر السياسي الحاكم والمؤثر، ما يفتح المجال أمام اختلالات كبرى.

وهذا، مضافاً إلى الشعبوية الأوروبية والنزاع الأميركي الصيني، وتوقعات الكساد في العامين المقبلين، ربما يشكل أرضية موضوعية للتوقعات التي تحذر من مخاطر نشوب حرب عالمية ثالثة.

تداعيات بريكسيت

استبعد «المنتدى» حصول تغييرات إضافية على اتفاقية الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي. ولن يكون لذلك أثر كبير أو مفاعيل جذرية. غير أن المعضلة تبقى في أن المملكة المتحدة، لم تستعد كما يجب لهذه اللحظة، رغم مرور ما يزيد على عامين على استفتاء «بريكسيت».

وفي المحصلة، يبقى الخروج البريطاني مهماً، وخطوة فارقة بالنسبة لبريطانيا وللعالم. لكنه لا يمثل إحدى المخاطر الاستراتيجية العالمية، كما يصوّر البعض، بل هو مثال على عدم قدرة الطبقة السياسة على تفهّم احتياجات الأفراد.

وتوقع «المنتدى» أن تتجه بريطانيا إلى حالة من الفوضى السياسية، بسبب خروجها من عضوية الاتحاد الأوروبي. العملية التي ستقود تأثيراتها إلى انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني، مقابل الدولار. كما ذهبت التوقعات، أن يقود مخاض الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، إلى مغادرة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي منصبها بحلول يناير من العام الجديد. ولكن ذلك لن يكون له تداعيات مؤذية.

حقل التوقعات

شملت التوقعات حقلاً من القضايا التي شغلت العالم خلال عام، ويتوقع لها أن تستمر في التفاعل خلال العام الجديد. وعلى رأس هذه القضايا، توقع تحسن العلاقات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، في ظل القمة المرتقبة، إلى جانب تداعيات محتملة، تقود إلى مزيد من التأزم في العلاقات بين روسيا وأوكرانيا.

إن هناك عاملين أساسيين سيكونان الأساس في تشكيل السياسة الخارجية الأميركية، وهما العلاقة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، وتصاعد الأزمة بين أميركا وإيران، في ظل الانسحاب من الاتفاق النووي، حيث إن إيران لن تلجأ للعودة إلى المفاوضات مجدداً، إلا في حالة وجود ضغوط داخلية، ولا سيما الضغوط الاقتصادية، وفي هذه الحالة، فإنها ستعود من خلال وسيط، يرجح أن تؤدي روسيا دوره.

وفي ما يتعلق بالركائز التي تقوم عليها العلاقات الدولية، فتحتل الأولوية، ظاهرة تبدل قواعد اللعبة السياسية من مركزية القوة والسطوة، إلى مركزية العلاقات القائمة على التجارة والتواصل، حيث العلاقات الدولية، باتت تتأثر بالعولمة ومسارات التجارة.

وهذا بدوره، جعل من الصعب الركون إلى تحديد معين ونهائي للقوة الأولى في العالم، حيث إن تبدل أشكال الصراع والعلاقات بين الدول، لم يعد بإمكان أي دولة إملاء إرادتها على الدول الأخرى.

ومن جهة أخرى، لم تعد الدول العظمى لوحدها اللاعب الرئيس في العلاقات الدولية، بل هناك لاعبون آخرون، وأهمها، الكتل والأقاليم التي باتت ضرورة من أجل أن تتمكن الدول المنضوية تحتها من مواصلة التنمية، في ظل أواصر قوية، تدعم خططها، وتسهل عليها تنمية تجارتها وصناعتها وقطاعاتها الأخرى، كما تلعب الأقاليم والكتل، دوراً هاماً في بناء علاقات الثقة مع الكتل والأقاليم الأخرى.

اللاعبون الكبار

وبطبيعة الحال، فإن هذه المتغيرات الاستراتيجية، الكبرى والحرجة، لا ترسم فقط ملامح العام الجديد وأبرز مساراته، والتوجهات التي سيشهدها، ولكنها أيضاً ستحدد هوية اللاعبين الكبار، الذين لن يكونوا فقط عناوين لأحداث منتهية في نشرات الأخبار والبرامج الحوارية التلفزيونية، ولكن كذلك أطرافاً في النزاعات ومختلف الصراعات، وعمليات التفاوض والمباحثات، التي ستحدد نوع التسويات التي تعدل على الخطط والطموحات، وبالتالي، شكل التعديلات المرتقبة على النظام الدولي.

شهد العام ٢٠١٨ العديد من الأحداث. منها:

٠٩/٢

افتتاح الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونغتشانغ في كوريا الجنوبية، وسط مناخ توتر حاد مع الشمال. وتستمر حتى 25 من الشهر نفسه.

24/٢

تخلى راوول كاسترو عن رئاسة كوبا، بعد حوالى ستة عقود من حكم الأخوين فيديل وراوول كاسترو، وتسلم الرئاسة بعد ميغيل دياز كانيل.

٠٤/٣

محاولة اغتيال عميل الاستخبارات الروسي سيرجي سكريبال وابنته يوليا بمدينة سالزبري البريطانية، اتهمت لندن موسكو بالحادثة.

١٨/٣

نظمت روسيا انتخابات رئاسية خاضها الرئيس فلاديمير بوتين، وعبر منها إلى ولايته الرابعة في رئاسة روسيا الاتحادية.

٢٤/٣

أقلعت من سيدني أول طائرة بدون توقف بين أستراليا ولندن، وقطعت مسافة 14496 كيلومتراً في حوالي 17 ساعة و20 دقيقة.

٢٧/٤

عبر زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، الحدود إلى كوريا الجنوبية للمرة الأولى، حيث كان في استقباله الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن.

١٠/٥

أدى مهاتير محمد اليمين الدستورية رئيساً للوزراء في ماليزيا. وفي اليوم التالي، تم العفو عن المعارض أنور إبراهيم وإخلاء سبيله.

١٥/٥

تم تنظيم انتخابات تشريعية ومحلية في العراق، هي الأولى منذ طرد تنظيم داعش من الأراضي التي كان يسيطر عليها.

١٩/٥

اقترن الأمير البريطاني هاري بالممثلة الأميركية ميغان ماركل في قصر ويندسور، في حفل زفاف كان حديث العالم والإعلام.

١٥/٧

أقيمت مباراة نهائي كأس العالم لكرة القدم، الذي أقيم في روسيا الاتحادية في الرابع عشر من يونيو. وجرت المباراة في ملعب لوجنيكي بموسكو.

٠٦/١١

أجريت الانتخابات التشريعية النصفية في الولايات المتحدة، وجاءت نتائجها لتعطي أغلبية مقاعد مجلس النواب للديمقراطيين.

 في ملف البيان المخصص تبرز الكثير من العناوين لعل أبرزها مايلي :

ـــ المتغيرات ترسم ملامح العام الجديد وتحدد هوية اللاعبين الكبار

ــــ عام الانتخابات والاختيارات

ــــ سترات فرنسا تفتح باب الاحتمالات الأوروبية

ــــ سؤال معلق ينتظر الإجابة

 

Email