وثيقة تاريخية تتضمن نزع سلاح كوريا الشمالية مقابل ضمانات أمنية

ترامب وكيم يطويان آخر فصول الحرب الباردة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتجه آخر فصول الحرب الباردة في شبه الجزيرة الكورية إلى نهايتها مع نجاح قمة تاريخية هي الأولى من نوعها تجمع الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، حيث اتفق الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكيم جونغ أون على «طيّ صفحة الماضي» خلال قمة غير مسبوقة وقعا على إثرها وثيقة فيها القليل من التفاصيل تعهد فيها الزعيم الكوري الشمالي بـ«نزع كامل للسلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية»، فيما تعهّد ترامب بمنح كوريا الشمالية «ضمانات أمنية»، وأيضاً فتح الباب أمام كيم لزيارة البيت الأبيض، وعبر عن رغبته في سحب القوات الأميركية من كوريا الجنوبية.

حقبة جديدة

وعلى طريقة الرئيس الأميركي خلال الحرب العالمية الأولى، وودرو ويلسون، الذي رفع شعار «سلام دون نصر» لإنهاء الحرب في أوروبا، تخلت كل من الولايات المتحدة وكوريا الشمالية عن ثنائية الانتصار والهزيمة في الصراع، ووقعتا اتفاقاً يطلق حقبة جديدة في العلاقات بين البلدين، وقد تشكّل نقطة تحول في العلاقات الدولية في منطقة شرق آسيا.

وأشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بقمتهما التاريخية التي عقدت أمس في سنغافورة باعتبارها اختراقاً في العلاقات بين البلدين، لكن الاتفاق الذي توصلا إليه لم يعطِ الكثير من التفاصيل حول المسألة الأساسية المتعلقة بترسانة بيونغ يانغ النووية.

نزع الأسلحة

ووافق كيم على «نزع كامل للأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية»، وهي الصيغة المفضلة لبيونغ يانغ لكنها لا تلبي المطلب الأميركي الثابت بتخلي كوريا الشمالية عن ترسانتها النووية بشكل «قابل للتحقق ولا عودة عنه».

وفي مؤتمر صحافي بعد القمة قال ترامب رداً على سؤال حول هذه النقطة، وهي الأبرز في القمة، قائلاً: «لقد باشرنا العملية»، مضيفاً أنها «ستبدأ سريعاً جداً»، وأنه ستكون هناك عملية تحقق تشمل «العديد من الأشخاص»، لكن دون إعطاء تفاصيل ملموسة.

لكن صياغة الوثيقة الموقعة بين البلدين لا تزال غامضة بما في ذلك حول جدول الأعمال.

وتعهّد كيم بموجب الوثيقة «بأن يلتزم بشكل ثابت وحاسم نزع سلاح نووي كامل من شبه الجزيرة الكورية»، والتزم المسؤولان تطبيق الوثيقة «بالكامل» و«قريباً جداً».

وقال ترامب في مؤتمره الصحافي بعد القمة إنه سيوقف المناورات الحربية السنوية مع سيول التي تندد بها بيونغ يانغ، إذ تعتبرها محاكاة لاجتياحها. وأضاف: «سنوقف المناورات ما سيوفر علينا مبالغ طائلة»، مضيفاً أنه يريد سحب قواته من الجنوب «في مرحلة ما». ولم تكن المناورات مشمولة في الوثيقة المشتركة.

ومضى ترامب يقول: «بما أننا في طور التفاوض حول اتفاق شامل إلى حد كبير أظن أنه من غير المناسب أن نواصل المناورات».

طيّ الماضي

وشهدت قمة سنغافورة وهي الأولى بين رئيس أميركي في السلطة وزعيم كوري شمالي مصافحة مطولة بين المسؤولين في مشهد لم يكن من الممكن تخيله قبل بضعة أشهر فقط عندما كانا يتبادلان الاتهامات والشتائم.

واعتبر كيم أنه «طوى صفحة الماضي»، بعد أن تجاوز «عقبات عدة» قبل القمة التي تشكل «مقدمة جيدة للسلام»، بينما أشاد ترامب «بالعلاقة الخاصة» التي يبنيها مع الزعيم الكوري الشمالي الذي يحكم بلاده بقبضة من حديد على غرار والده وجده من قبله.

وعلق ترامب مبتسماً بأن «اللقاء الرائع» تم «أفضل مما كان من الممكن تصوره ما أتاح تحقيق تقدم كبير». واستخدم ترامب مع كيم نفس المبالغات ومؤشرات الاهتمام التي يخصّ بها عادة حلفاءه.

وأجرى الزعيمان لقاء لنحو 5 ساعات، أولاً على حدة لمدة 40 دقيقة، ثم اجتماع عمل تلاه غداء عمل.

شكوك وضمانات

وشكك محللون في مدى فعالية الاتفاق في جعل كوريا الشمالية تتخلى عن أسلحتها النووية. وجاء في البيان المشترك: «التزم الرئيس ترامب بتقديم ضمانات أمنية إلى جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، وأكد الزعيم كيم جونغ أون من جديد التزامه الصارم والجازم بنزع السلاح النووي بالكامل من شبه الجزيرة الكورية».

حذر وجدية

وبدا الحذر والجدية على الزعيمين مع وصولهما إلى مقر القمة في فندق كابيلا على جزيرة سنتوسا السياحية في سنغافورة. لكن سرعان ما علت الابتسامة وجهيهما وتصافحا قبل أن يقود ترامب كيم إلى المكتبة التي عقدا فيها اجتماعاً برفقة المترجمين فقط. ولم تذكر الوثيقة المشتركة العقوبات على كوريا الشمالية ولا أي إشارة لتوقيع معاهدة سلام رسمية لإنهاء الحرب الكورية التي استمرت بين عامي 1950 و1953 وراح ضحيتها الملايين لكنها انتهت بهدنة. لكن البيان نصّ على أن الجانبين اتفقا على انتشال رفات أسرى الحرب والمفقودين حتى يتسنى تسليمها. وقال ترامب إن الصين، أكبر حليف لكوريا الشمالية، سترحب بالتقدم الذي أحرزه هو وكيم.

سيئول

رحّب الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي-ان باتفاق سنغافورة قائلاً: «اتفاق سانتوسا في 12 يونيو سيبقى في التاريخ العالمي كحدث أنهى الحرب الباردة». وأشاد بكيم جونغ أون ودونالد ترامب «لشجاعتهما وتصميمهما»، ما يؤدي بالكوريتين إلى طيّ صفحة «ماضٍ قاتم من الحرب والمواجهة وفتح فصل جديد من السلام والتعاون».

بكين

أثنت الصين الحليف الرئيسي لكوريا الشمالية على القمة ودعت من جديد إلى «نزع السلاح النووي بالكامل» من شبه الجزيرة الكورية. وصرّح وزير الخارجية الصيني وانغ يي أمام صحافيين: «إن جلوس الزعيمين جنباً إلى جنب لإجراء محادثات من الند إلى الند يرتدي أهمية كبرى وله معنى إيجابي».

موسكو

اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن «مجرد حصول هذا اللقاء بالطبع إيجابي». من جهته، قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف: «لا يمكننا إلا الترحيب بخطوة مهمة إلى الأمام. بالطبع إن الشيطان يكمن في التفاصيل. لكن تم إعطاء دفع».

طوكيو

أعلن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أن إعلان كيم جونغ أون «نزعاً كاملاً للأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية قد تأكد خطياً. أنا أدعم هذه الخطوة الأولى نحو حل مجمل القضايا المتعلقة بكوريا الشمالية».

باريس

اعتبرت الوزيرة الفرنسية للشؤون الأوروبية ناتالي لوازو أن الوثيقة التي وقعها ترامب وكيم جونغ أون تشكل «خطوة مهمة»، مشككة في الوقت نفسه في «تحقيق كل ذلك في غضون ساعات». لكنها عبرت عن أسفها لسياسة الكيل بمكيالين لدى واشنطن.

الأمم المتحدة

رحّب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالقمة بين ترامب وكيم باعتبارها «محطة مهمة» في اتجاه نزع الأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية.

وحضّ غوتيريش كل الأطراف المعنية على «اقتناص هذه الفرصة المهمة» وعرض مجدداً مساعدة الأمم المتحدة من أجل تحقيق هدف تفكيك البرامج النووية الكورية الشمالية.

Email