ترامب يلغي زيارة إلى أميركا اللاتينية.. ومفتشون دوليون إلى سوريا قريباً

«فيتو» روسي يحبط التحقيق في «كيماوي دوما»

ت + ت - الحجم الطبيعي

شغل الهجوم الكيماوي على دوما السورية العالم من أقصاه إلى أقصاه، فيما أحبطت روسيا مشروع قرار في مجلس الأمن بشأن التحقيق في الهجوم، وتوالت الأفعال من مختلف العواصم مندّدة بالهجوم وسط مطابات برد عسكري على دمشق، وفيما ألغى الرئيس الأميركي دونالد ترامب زيارة لأميركا اللاتينية لتوجيه رد فعل بلاده ومتابعة التطوّرات في سوريا، قرّرت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية إرسال مفتشين إلى دوما للتحقيق.

واستخدمت روسيا حق النقض (الفيتو)، أمس، في مجلس الأمن ضد مشروع قرار أميركي يقضي بإنشاء آلية تحقيق حول استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، وذلك بعد الاعتداءات التي وقعت السبت الماضي في مدينة دوما السورية، قرب دمشق.

ووافقت 12 دولة على مشروع القرار الأميركي، في حين عارضته روسيا وبوليفيا، وامتنعت الصين عن التصويت. وكان مشروع القرار يدعو إلى إنشاء «آلية تحقيق مستقلة تابعة للأمم المتحدة» على أن تعمل لمدة سنة للتحقيق في استخدام السلاح الكيميائي في سوريا.

وهذا الفيتو هو الـ12 الذي تستخدمه روسيا في مجلس الأمن بشأن الملف السوري.

وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبنزيا: «غير صحيح القول إن طلباتنا قد أخذت بعين الاعتبار» خلال المفاوضات حول النص، مضيفاً: «استخدمنا الفيتو للدفاع عن القانون الدولي وعدم زج مجلس الأمن في مغامرات».

من جهتها، قالت السفيرة الأميركية نيكي هايلي: «إن مشروع قرارنا كان يضمن استقلالية آلية التحقيق»، في حين أن مشروع القرار الروسي يقضي باختيار المحققين.

وقال السفير الفرنسي فرنسوا ديلاتر، إن «فرنسا ستبذل كل ما هو ممكن لتجنب الإفلات من العقاب»، نتيجة استخدام السلاح الكيميائي، مضيفاً: «نظام دمشق لم يتخل أبداً عن استخدام الأسلحة الكيميائية ضد شعبه، وفرنسا لن توافق على أي آلية شكلية أو منقوصة، واستقلاليتها غير مضمونة».

واضافة الى الدعوة الى انشاء الية التحقيق كان المشروع الاميركي يدين الاعتداءات بالسلاح الكيميائي التي وقعت السبت في دوما قرب دمشق واوقعت عشرات القتلى.

كما صوّت المجلس بأكثرية سبعة أصوات مقابل ستة وامتناع اثنين عن التصويت، ضد مشروع قرار تقدمت به روسيا ويقضي بتشكيل آلية للتحقيق في الاسلحة الكيميائية في سوريا. ولم يحز مشروع القرار الروسي إلا على ستة أصوات في حين انه كان بحاجة لتسعة أصوات على الاقل لتمريره.

والنص الروسي الذي سقط في التصويت يمنح مجلس الامن القرار النهائي في اعتماد او رفض نتائج التحقيقات التي تخلص اليها آلية التحقيق. ورفضت الدول الغربية هذا النص خصوصا لانه يحرم في نظرها آلية التحقيق من الاستقلالية اللازمة للقيام بعملها.

إلغاء زيارة

في الأثناء، أكّد البيت الأبيض، أنّ الرئيس دونالد ترامب قرر إلغاء أول رحلة رسمية كان من المقرر أن يقوم بها لأميركا اللاتينية، للتركيز على الرد على هجوم الأسلحة الكيماوية في سوريا. وكان من المقرر أن يسافر ترامب إلى ليما في بيرو بعد غدٍ الجمعة لحضور قمة الأميركتين ثم إلى بوجوتا في كولومبيا.

وقالت المسؤولة الإعلامية بالبيت الأبيض سارة ساندرز في بيان: «بناء على طلب الرئيس سيسافر نائبه بدلاً منه، سيبقى الرئيس في الولايات المتحدة لتوجيه رد الفعل الأميركي إزاء سوريا ومتابعة التطورات حول العالم».

توافق ثلاثي

في السياق، أكّدت رئاسة الوزراء البريطانية، أن رئيسة الوزراء تيريزا ماي اتفقت مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، على أن العالم يجب أن يرد على الهجوم بأسلحة كيماوية في سوريا.

واتفقت ماي التي أجرت اتصالين منفصلين مع ترامب وماكرون على أن الهجوم مستهجن تماماً، وإذا تأكد ذلك فإنّه يمثل دلالة أخرى على الوحشية المروعة التي يبديها نظام بشار الأسد. وقالت ناطقة باسم مكتب ماي بعد الاتصالين الهاتفيين: «اتفقوا على ضرورة أن يرد المجتمع الدولي من أجل تعزيز الحظر العالمي لاستخدام الأسلحة الكيماوية».

وقالت وزيرة التنمية الدولية البريطانية بيني موردونت، إن الحكومة البريطانية تبحث التدخل العسكري مع حلفائها في سوريا. ورداً على سؤال هل تدعم بلادها التدخل العسكري، شدّدت موردونت على أنّها قضية محل دراسة في الوقت الراهن بين بريطانيا وشركائها الدوليين.

خط أحمر

إلى ذلك، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب، أن حلفاء النظام السوري يتحملون «مسؤولية خاصة» عن هجوم الكيماوي في دوما. وقال فيليب إن حلفاء النظام يتحملون مسؤولية خاصة في هذه المجزرة كما في خرق الهدنة التي أقرها مجلس الأمن الدولي، مضيفاً: «استخدام هذه الأسلحة يقول الكثير عن نظام الأسد، ردنا على استخدام هذه الأسلحة سيقول الكثير أيضاً عنا نحن».

بدوره، قال ناطق باسم الحكومة الفرنسية، إن باريس سترد إذا ثبت أنّ قوات الأسد نفذت هجوماً كيماوياً في دوما. وأضاف بنجامين جريفو: «الرئيس قال وأكد مراراً وتكراراً أنه إذا حدث تجاوز الخط الأحمر وثبت من الفاعل فإن ذلك سيقود إلى رد».

على صعيد متصل، أكّد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أنّ عدة دول تجري مشاورات بشأن كيفية الرد على هجوم كيماوي في سوريا، داعياً إلى محاسبة المسؤولين عنه. وأضاف الجبير للصحفيين في باريس بعد اجتماع مع مسؤولين فرنسيين: «هناك مشاورات بين عدة دول في ما يتعلق بالخطوات التي ينبغي اتخاذها للتعامل مع هذه القضية، موقفنا هو أنه يجب محاسبة المسؤولين وتقديمهم للعدالة».

دعوات تحقيق

من جهته، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، عن غضبه إزاء التقارير الأخيرة عن الهجوم الكيماوي المفترض في سوريا، داعياً لإجراء تحقيق بلا قيود يتولاه محققون دوليون «محايدون».

وقال غوتيريس في بيان: «أي استخدام مؤكد للأسلحة الكيماوية، من أي طرف في النزاع وتحت أي ظروف، هو شيء بغيض وانتهاك فاضح للقانون الدولي». وتابع أن «خطورة المزاعم الجديدة تستدعي تحقيقاً شاملاً يجريه خبراء محايدون ومستقلون ومحترفون».

وأكّد غوتيريس مجدداً دعمه الكامل لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية ولمهمة تقصي الحقائق التي تقوم بها، مؤكداً وجوب تمكينها تماماً من الوصول إلى المنطقة من دون فرض أي قيود أو عوائق على نشاطاتها.

ودعا النظام السوري، منظمة حظر الأسلحة الكيماوية لإرسال بعثة من أجل زيارة دوما والتحقيق بشأن تقارير الهجوم الكيماوي. ونقلت وكالة الأنباء السورية عن مصدر في وزارة الخارجية: «وجهت الوزارة دعوة رسمية لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية لإرسال فريق من بعثة تقصي الحقائق لزيارة دوما، والتحقيق في الادعاءات المتعلقة بحادثة الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيماوية فيها».

إرسال مفتشين

بدورها، قالت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في بيان، أمس، إنّ مفتشين من المنظمة سيسافرون إلى دوما للتحقيق في الهجوم الكيماوي. وذكرت المنظمة أنها طلبت من سوريا وضع الترتيبات الضرورية لمثل هذه البعثة. وأضاف البيان: «هذا تزامن مع طلب من سوريا وروسيا للتحقيق في مزاعم استخدام أسلحة كيماوية في دوما، الفريق يستعد للانتشار في سوريا قريباً».

استنفار

وتحسباً لرد عسكري أميركي، تشهد قواعد قوات النظام السوري حالة استنفار لدى كافة وحداتها، تحسباً لهجوم أميركي محتمل توعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشنّه بعد تقارير حول الهجوم الكيماوي على دوما.وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن قوات النظام ومسلحين موالين لها تواصل استنفارها منذ مساء أول من أمس تحسباً لضربات محتملة.

وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن: «عممت قيادة أركان الجيش منذ منتصف الليل تنفيذ استنفار لمدة 72 ساعة على كافة القطاعات العسكرية، المطارات والقواعد في كافة المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات النظام وبينها دمشق، هذا الشيء لا يحصل إلا رداً على التهديدات الخارجية، هناك تحصينات وتدريبات للانتشار السريع».

Email