ما غاب في 2009 وحضر في 2017

إيران.. فوارق بين انتفـــاضتين

من مشاهد القمع الأمني في انتفاضة 2009 | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعتبر الاحتجاجات الإيرانية، التي تدخل أسبوعها الثاني، الأضخم منذ حركة 2009، لكن سمة فروقاً مفاجئة بينهما تشمل الأسباب والقيادة والمشاركين والظروف المحلية والدولية.

أول هذه الفروق أن احتجاجات 2009، كانت لها قيادة واضحة، شكّلها زعماء ما يصطلح عليهم بالإصلاحيين بزعامة مهدي كروبي، إثر خسارتهم الانتخابات، بفعل ما اعتبروه تزويراً مكّن الرئيس المحافظ السابق أحمدي نجاد من ولاية ثانية.

أما الانتفاضة الحالية، فهي عند أكثرية المراقبين للشأن الإيراني، عفوية إلى حد بعيد، ونتيجة تراكم الفساد والإفقار، ومن دون قيادة واضحة.

ومن هذا العامل يتفرّع الفرق الثاني، وهو أن احتجاجات «الحركة الخضراء» كانت تعبّر عن انقسام في هيكل ولاية الفقيه، بين قيادات تتصارع على الحكم، بينما الحالية تشير إلى تعاظم الانفصام بين الشعب ونظام الملالي ذاته.

ففي احتجاجات 2009، كان المطلب الرئيس إعادة الانتخابات أو إعادة فرز الأصوات، لكن المتظاهرين اليوم يجاهرون علناً بإسقاط النظام ويصفون المرشد علي خامنئي بالديكتاتور.

تحدي المؤسسة

وخلافاً للتظاهرات التي مضت عليها 8 سنوات، يتحدى المحتجون هذه المرة سلطة المؤسسة الدينية، بحرقهم صور خامنئي، صاحب السلطة المطلقة، فضلاً عن المؤسس الخميني، الذي طالما بقي بعيداً عن النقد.

ويتجسد هذا التحدي في إحراق مدارس مرتبطة عقائدياً بالنظام، من قبل شباب ترعرعوا تحت سلطته، وتأثير دعايته الممتدة من التلفاز إلى المنصات الدينية والتعليمية.

أما الفارق الثالث، فإن حركة الإصلاحيين كانت عمادها الطبقة الوسطى في المراكز الحضرية، لا سيما العاصمة، طهران، إلا أن الانتفاضة الحالية خرجت من المناطق والأحياء الأكثر فقراً.

ورابع الفروق أن الحركة الخضراء لم تحظ بدعم دولي قوي، خلافاً للاحتجاجات الحالية التي أيّدها علناً، ومنذ الساعات الأولى، الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي لا يزال يغرّد على صفحته في «تويتر»، دعماً للمحتجين ضد «الطغاة».

والثلاثاء، أقرت مندوبة واشنطن لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، بتقاعس المجتمع الدولي عن دعم الاحتجاجات السابقة، قائلة «يجب أن لا نكرر ذلك الخطأ».

العامل الدولي

أما الفارق الخامس فإن إيران كانت تخضع في 2009، لعزلة وعقوبات دولية، لردع خططها النووية، لكن بعد رفعها بموجب الاتفاق الذي أبرمته مع القوى الكبرى في 2015، لم يسهم الأمر في إنعاش الاقتصاد الذي أنهكه تمويل الملالي لخططهم التوسعية في المنطقة.

ومقابل هذه الفوارق، يبقى قاسم مشترك وحيد بين الحركتين، هو حملة القمع الوحشية، التي راح ضحيتها العشرات قبل 8 سنوات، مع ترجيحات برقم كبير خلال الاحتجاجات الحالية والتهديدات الحادة التي تنطلق من قادة إيران باستخدام كل الشدة والحزم.

Email