12 قتيلاً ومئات الجرحى حصيلة 5 أيام من الاحتجاجات

انتفاضة إيران تتواصل وعرش الملالي يهتز

ت + ت - الحجم الطبيعي

تجدّدت أمس المسيرات الاحتجاجية لانتفاضة إيران المستمرة، فيما بلغ عدد القتلى 12 والجرحى بالمئات خلال الأيام الخمسة الماضية، وتحدّى المحتجون دعوات الرئيس الإيراني حسن روحاني لـ «الهدوء»، وانطلقت في خامس أيام الانتفاضة من مدينة يزد، جنوبي إيران، حيث بدأ المتظاهرون بهتاف «الموت للديكتاتور»، لتنتشر وتتوسّع في غالبية المحافظات، حيث اعتبر معارضون إيرانيون، أن هذه الانتفاضة ستستمر، وهي مقدّمة للثورة، ولن يستطيع نظام الملالي إيقافها، في وقت اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أن زمن التغيير حان في إيران.

وخرج أهالي طهران عصراً، حيث كان مقرراً أن تخرج مظاهرات موحّدة مع سائر المحافظات الإيرانية، وهتف المحتجون: «الموت للديكتاتور». وبينما أكد التلفزيون الإيراني الرسمي مقتل 12 متظاهراً، أفاد ناشطون بارتفاع عدد القتلى وجرح أكثر من 120 من المحتجين، واعتقال أكثر من 500 منهم في مختلف المدن.

ضرب المتظاهرين

وكانت المظاهرات استمرت ليلاً في عشرات المدن، حيث امتدت من العاصمة طهران إلى شمال غربي البلاد في أرومية وزنجان وخوي إلى بلوشستان، وشرقاً بمدن زاهدان وتشابهار، وشمالاً إلى رشت، وجنوباً إلى شيراز وكرمان والأهواز، وغرباً في كردستان وكرمنشاه.

وفي وسط طهران، نشرت صور ومقاطع عن تجمعات واشتباكات مع الأمن بعد توجه المتظاهرين نحو بيت المرشد، وكذلك صدامات في أصفهان وهمدان ونهاوند ودرود وخرم أباد وأراك ودماوند. واتسعت رقعة المظاهرات في جميع المحافظات، ومن المتوقع أن تمتد ليلاً في أغلب مناطق إيران وبزخم أقوى من الليالي الماضية، بحسب ناشطين إيرانيين.

اعترفت السلطات الإيرانية بمقتل 10 متظاهرين في مدن إيرانية، بينهم 8 في إقليم الأحواز العربي برصاص أجهزتها الأمنية، وسط دعوات لمجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، إلى التصدي لقمع انتفاضة الشعب الإيراني.

وأقر التلفزيون الرسمي في إيران بمقتل 10 أشخاص من المشاركين في تظاهرات الاحتجاج المستمرة في العاصمة طهران ومناطق متفرقة من البلاد. وقال إن قوات الأمن تصدّت لمن وصفهم بمحتجين مسلّحين حاولوا الاستيلاء على مخافر للشرطة ومقار أمنية، فيما رجح ناشطون في إيران، أن يكون عدد القتلى أكبر من العدد المعلن بكثير.

وقُتل 8 متظاهرين في مسيرات الأحد بمدينة الأحواز عاصمة إقليم الأحواز العربي بجنوب غربي إيران، فيما فرضت السلطات حصاراً شاملاً على بلدة إيذج.

اشتباكات

وأكد موسي إفشار عضو لجنة شؤون الخارجية للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، أن التظاهرات والمواجهات استمرت في العاصمة طهران حتى ساعات متأخرة من الليل. وأوضح أنه في شارع انقلاب - كاركر شمالي أحرق الشباب حاويات النفايات للتصدي لهجوم وحدة مكافحة الشغب، وهم يهتفون «لا تخافوا لا تخافوا كلنا متحدون معاً».. و«الموت للدكتاتور». كما اشتبك المحتجون مع عناصر مكافحة الشغب في شارع فردوسي، وهتفوا بشعار «اخجل يا سيد علي واترك الحكومة»، وهاجموا قوات الأمن واشتبكوا معها، وفي قلعه حسن خان بطهران، انتفض الأهالي أيضاً.

وهاجم محتجون في مدينة إيلام المقرات الحكومية، وهتفوا «الموت لخامنئي». أما في مدينة شوشتر، فهاجم الشباب عجلة لمكافحة الشغب. وشدد إفشار على أن «هذه الجرائم اللا إنسانية، تبين عجز نظام الملالي اللا إنساني في مواجهة الانتفاضة العارمة للشعب الإيراني، التي استهدفت نظام الإرهاب الحاكم باسم الدين في إيران».. مؤكداً بالقول «لكن الدماء المراقة جوراً ستزيد من شعلة انتفاضة الشعب الإيراني، ويزداد الشعب عزماً كل يوم».

ودعا القيادي الإيراني المعارض، مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وكل الهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى «إدانة الجريمة ضد الإنسانية من قبل الملالي الحاكمين في إيران، واتخاذ خطوات دولية فاعلة للتصدي لقمع انتفاضة الشعب الإيراني».

مقدّمة للثورة

وفي لندن، قال على رضا نوري زاده مدير مركز الدراسات العربية الإيرانية، إن الأحداث في إيران تعتبر مقدمة للثورة، مؤكداً أن النظام لن يستطيع هذه المرة إخماد الثورة بقتل المواطنين. وأضاف زاده، في مداخلة تلفزيونية أمس الاثنين، أن الوجه العالمي والإقليمي للأمر مختلف منذ عام 2009، متسائلاً إين كان الرئيس الأميركي أوباما من الأمر، حيث لم يخرج بكلمة واحده تجاه إيران. وأشار مدير مركز الدراسات العربية الإيرانية، إلى أن المظاهرات في إيران لا تستهدف فقط الفساد والبطالة، بل أيضاً رأس السلطة.

ونقل التلفزيون الإيراني عن مصدر حكومي، قوله إن جهات أمنية عليا، قررت تقييد استخدام تطبيقات «تلغرام» و«انستغرام» في إيران. وأفاد المستخدمون الأحد بأنهم فقدوا الاتصال بالتطبيقين عبر شبكة الهاتف النقال.

تغيير

واعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس، أن زمن التغيير حان في إيران. وقال في تغريدة على موقع تويتر «الشعب الإيراني العظيم مقموع منذ سنوات، وهو متعطش إلى الغذاء والحرية. ثروات إيران تُنهب، وكذلك حقوق الإنسان. حان زمن التغيير». وأضاف «إيران تفشل على كل الصعد، رغم الاتفاق الرهيب الذي وقّعته معها إدارة أوباما»، مشيراً بذلك إلى الاتفاق النووي الذي وُقّع في عهد سلفه الديمقراطي باراك أوباما، وهو ينتقده بشدة.

وعلّق ترامب مراراً في الأيام الماضية على التحركات الاحتجاجية في إيران في تغريدات على «تويتر». وأعاد نشر مقاطع من خطابه أمام الأمم المتحدة في سبتمبر، معلّقاً «العالم يراقب». ومما قاله في الأيام الماضية «الأنظمة القمعية لا يمكن أن تستمر إلى الأبد».

ودانت ألمانيا قمع المتظاهرين السلميين في إيران، ودعت الحكومة الإيرانية إلى احترام حق المتظاهرين بالتجمعات السلمية. وقالت الخارجية الألمانية في بيان، بأنها تراقب أوضاع إيران عن كثب، كما حذرت مواطنيها من السفر إلى إيران.

شجعان

دعت ابنة الرئيس الأميركي، إيفانكا ترامب، العالم، للوقوف بجانب الشعب الإيراني أثناء احتجاجاتهم، واصفة المتظاهرين بـ «الشجعان». وقالت «إيفانكا» في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «علينا أن نقف إلى جانب الشعب الإيراني في سعيهم إلى التحرر من الطغيان».

تدخّلات طهران بالخارج انعكست في الداخل

لم يكن غضب المتظاهرين في إيران من تردي الأوضاع الاقتصادية، إلا نتيجة للسياسة الخارجية الخاطئة للنظام الإيراني، وتدخلاته في شؤون دول المنطقة، لذلك هتف المحتجون رفضاً لهذه التدخلات التي تلتهم جزءاً كبيراً من ميزانية الدولة.

وتشير تقارير إلى أن الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع القوى الدولية، تم بموجبه إلغاء تجميد عشرات المليارات من الدولارات التي وصلت إلى خزائن النظام، واستغلها في دعم الميليشيات. لكن الخطط الإيرانية بهذا الشأن بدأت قبل ذلك، وتحديداً في أعقاب اندلاع ما يعرف بالربيع العربي عام 2011، حيث وضع النظام الإيراني كل إمكاناته لدعم الميليشيات الطائفية التي تم إنشاء بعضها عقب الثورات، وبعضها الآخر كان موجوداً أصلاً.

وتحاول إيران ترسيخ وجودها في العراق من خلال هذه الميليشيات، بادعاء المشاركة في الحرب على الإرهاب. وفي سوريا تسعى طهران إلى تدشين وجود عسكري دائم، بالتخطيط لبناء قاعدة جوية مقيمة ومرفأ للسفن على ساحل البحر المتوسط.

الوضع الاقتصادي

هذا بالإضافة لتقديم إيران الدعم لميليشيات الحوثي في اليمن، ما تسبب في إذكاء التوتر الذي وصل ذروته باغتيال الرئيس السابق علي عبدالله صالح، على يد الانقلابيين، فيما تتهم أوساط يمنية الحرس الثوري الإيراني بالوقوف وراء الجريمة.

وبحسب تقارير صحفية، فإن النظام الإيراني ينفق سنوياً على ميليشيات حزب الله في لبنان من مليار إلى ملياري دولار، وخاصة بعد توسيع عملياته العسكرية في سوريا.

وفي العراق وصل الإنفاق الإيراني على الميليشيات مئات الملايين من الدولارات، أما حجم الأموال الإيرانية التي أرسلت إلى الميليشيات الحوثية في اليمن فبلغت أكثر من 25 مليون دولار سنوياً منذ عام 2010. وفي سوريا بلغ حجم الإنفاق الإيراني بين 15 و25 مليار دولار خلال السنوات الست من عمر الحرب السورية.

بذلك يسعى النظام الإيراني من خلال هذه الميليشيات، إلى رسم خريطة جديدة للمنطقة تخدم أجندته الطائفية القائمة على تصدير الثورة، حتى ولو دفع الشعب الإيراني الفاتورة من جيبه.

Email