جهوده قربت الجبهة من الرئاسة.. وفوزها دونه عقبات

فلوريان فيليبو سر نجاح حملة لوبن للرئاسة الفرنسية

ت + ت - الحجم الطبيعي

إذا كانت زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبن اليوم، أقرب ما يكون إلى الرئاسة الفرنسية، فإنّ هذا يعود بنظر المحللين إلى شراكتها مع فلوريان فيليبو، المفكر الاستراتيجي وراء حملتها، الذي تسبّب بتخلي الجبهة عن بعض مواقف مؤسسها جان ماري لوبن، بهدف تحويلها من حزب هامشي إلى حزب قادر على الفوز بالسلطة، لكن جهود فلوريان ما زالت دونها عقبات، بدءاً بالنظام الانتخابي الفرنسي الحالي، وصولاً إلى استطلاعات الرأي العام، التي أظهرت أن مارين لا يمكنها الفوز، حتى لو وصلت إلى الجولة النهائية في الانتخابات الفرنسية.

مع ذلك، كانت الجبهة تزداد شعبية في فرنسا بفضل جهوده، وكان قد غرد بعد فوز ترامب، أن العالم يشهد ولادة نظام عالمي جديد، وأن فرنسا ستكون التالية.

ويعرف عن هذا القومي المتشدد، أنه وراء تطبيق خطة مارين لوبن القاضية بتجميل صورة الحزب، وتخفيف خطاب الكراهية، وتوسيع القاعدة الانتخابية للجبهة، ملغياً كل العبارات العلنية المتعلقة بالعنصرية، على الرغم من أن تلك المشاعر ما زالت تغلي تحت السطح.

مواقف عدة تفصله عن متشددي الحزب، بدءاً من حبه للرئيس الفرنسي الأسبق شارك ديغول، وصولاً إلى انتمائه لجامعات النخبة، وصولاً إلى سلوكياته الشخصية التي تعتبر من المحرمات. لكن مارين تثق بحكمه إلى درجة يقال إنها لا تتخذ موقفاً دون استشارته.

محاولته خلال سنوات لتوسيع جاذبية الجبهة، أخذت الحزب يساراً على الصعيد الاقتصادي، باتجاه خطب الطبقة العمالية الوسطى المستاءة من الأوضاع.لكن الجبهة حافظت على مبادئها في مناهضة الهجرة مما أسمته «الأسلمة»، وإبقاء فرنسا للفرنسيين.

وقد ركز فلوريان ومارين عملهما في شمالي فرنسا على الحزام الصناعي، الذي كان يصوت لليسار، فيما أبقيا مواقف الحزب ضد الهجرة متركزة على مواضيع نزع التصنيع والأزمة المالية، ورسما برنامجاً بالتركيز على الحمائية والدولة القوية، وارتفاع الأسعار، في بيان شبهه هولاند بأنه «عودة لشيوعية السبعينيات».

انشقاقات

يشبهه منافسوه، الزعيم الثوري الدامي بروبسبيير، في محاولته السيطرة على خط الحزب، واقتلاع المنشقين، وقد دفعه حماسه إلى تشجيع مارين بطرد والدها، مصوراً الأمر بأن ذلك سيحسن توقعات الحزب الانتخابية. لكن جهوده كانت تحدث انشقاقات داخل عائلة لوبن، لا سيما مع ابنة شقيقتها، الكاثوليكية المحافظة النائبة ماريون مارشال لوبن، التي تعتقد أن الحزب يجب ألا يخفض من حدة مواقفه.

ويقول فيليبو إنه دوماً كانت لديه مشاعر قوية تجاه السيادة الوطنية، وأنه كان يكن كراهية للاتحاد الأوروبي، رافضاً أن يتدرب في أي مؤسسة أوروبية، لأنها باعتباره غير شرعية وغير ديمقراطية.

وراء كواليس

عمل فيليبو مستشارا سرياً لمارين لسنوات، فيما كان لا يزال موظفاً حكومياً، حيث كان يعد خطاباتها على شاشات التلفزة. وبقي دوره سرياً حتى يناير 2011، عندما تولت مارين القيادة من أبيها، وقدمته بأنه معد برنامج الحزب الاقتصادي، لكن في عام 2012، بعد تقدم الجبهة في الانتخابات بأكثر من 6 ملايين صوت، تحول من شخص وراء الكواليس، إلى الشخصية العامة والنجم الإعلامي للجبهة.

 ويقال إن فيليبو أدخل اتجاهات الناخبين في اعتبارات الحزب، وقد شجع أخاه الذي يعمل في إحدى مؤسسات استطلاعات الرأي، للانتساب للجبهة، ليساعده في ذلك. وعلى الرغم من نجاحه في الحزب، فإن ذلك لم يتحول إلى نصر انتخابي بالنسبة له، ولم يستطع أن يحتل مقعداً في الانتخابات العامة، ولم يفز في الانتخابات الأوروبية عام 2014.

خطاب شعبوي

تتصف شخصية فيليبو بالحذر، رغم لباقته، وهو لا يظهر عواطفه، ويبدو صارماً بارداً في معظم الأحيان، أما خطابه فيبدو شعبوياً، وكان قد قال في أحد اللقاءات: «بلادنا في خطر جسيم، وكلما مرت البلاد بفترة من الشكوك، أو اختفت تقريباً، كانت فرنسا قادرة دائماً على إخراج الدجالين من السلطة، واستبدالهم بأشخاص يحبون بلادهم».

يرفض فيليبو أن يدعى حزبه بـ «اليمين المتطرف»، ويقول إن هذا الأمر «مهين لنا ولناخبينا بدرجة أكبر». حملة لوبن سوف تعتمد على مزاعمه، بأنه قادر على تحييد العداوة للجبهة بين الفرنسيين، ويبقى أن نرى.

Email