الهجرة والأمن يشعلان السباق الانتخابي قبل 7 شهور من موعده

«البوركيني» والعلمانية سلاح الوصول إلى الإليزيه

ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الجرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

مع اقتراب انتخابات الرئاسة الفرنسية ومع التأثير البالغ على فرنسا من سلسلة الهجمات التي شنها متطرفون، اغتنم الساسة من جميع التيارات السياسية مواضيع الإسلام عبر أزمة البوركيني الأخيرة ومضاعفاتها والأمن والهجرة فرصة للإعلان عن مبادئهم العلمانية الصارمة، فهذه القضايا المهمة ستكون عاملاً أساسياً في استقطاب الرأي العام وإسقاط الخصوم. الأمر الذي يفتح الانتخابات الرئاسية المقبلة على كل الاحتمالات.

قضية الأمن ومسألة عدم قيام الدولة الفرنسية بواجبها تجاه محاربة الحركات الراديكالية، ستعود مرة ثانية إلى الواجهة، فالبرقع والنقاب والحجاب، ولباس البحر الخاص كلها مفردات باتت تشكل محاور أساسية لحالة من الجدل تشهدها فرنسا خلال السنوات الأخيرة، إذ لا شيء يبدو أنه قادر على تحريك المواقف وزلزلة الخصوم واستقطاب الرأي العام أكثر من ملف الإسلام. وحسب ما تخطط له الشخصيات الفرنسية التي دخلت سباق الرئاسة، من اليمين ومن اليسار، فإن «المسألة الإسلامية» في علاقتها مع الإرهاب سوف تكون أحد أقطاب الحوار في الحملة الانتخابية المقبلة. لذا نرى المرشحين للرئاسة يخوضون هذا الحوار للتقرب من الناخبين الخائفين من «الزحف الإسلامي».

وتذكر الأيام الجارية الفرنسيين بانتخابات 2002 الرئاسية عندما صعد اليمين المتطرف على حساب الحزب الاشتراكي الذي سقط في الجولة الأولى، فانتقل إلى الجولة الثانية بدلاً من مرشحه، زعيم «الجبهة» اليمينية المتطرفة، جان ماري لوبن، وهو والد رئيستها الحالية مارين لوبان.

حادثة نيس

وما يلاحظه المرء على الحملة المسبقة للانتخابات الرئاسية الفرنسية ابتعادها عن التركيز على القضايا الأوروبية. ويعكس هذا الابتعاد برأي عدد من المحليين إدراك المرشحين أنه ليس في وسعهم الحصول على تأييد الناخب الفرنسي من خلال إثارة هذه القضايا. حيث ركزوا على قضايا الإسلام والأمن والهوية، ولقت حادثة نيس الإرهابية بظلالها على وضع الجالية المسلمة في فرنسا، رغم أن غالبية المسلمين في فرنسا ينتمون الإسلام المعتدل أو التيار الليبرالي. حيث إن وقع هذه الحادثة كان انعكاسات سلبية على الجالية المسلمة في فرنسا حيث تعرضت لمضايقات كثيرة في الشارع وفي العمل وفي مراكز التسوق.

وقضية «البوركيني» كانت أيضا مساءلة صريحة لمفهوم العلمانية في فرنسا ومدى شموليته وتأويلاته، وقد جاء قرار الحظر وبعده التعليق في فترة سمحت بها دول غربية - مثل كندا والسويد وأسكتلندا وبريطانيا- للشرطيات بارتداء الحجاب الذي يعد لباساً إسلامياً صريحاً، وهو ما يطرح السؤال في فرنسا وفق الكثير من المحللين: هل العلمانية ورقة الانتخابات الرئاسية المقبلة؟

حساسية فرنسية

الفرنسيون لديهم حساسية مفرطة جداً من أي شيء يشعرون أنه يهد ثقافتهم فقبل سنوات، في عام 2010، خرجوا على الدنيا بقانون جديد فريد «حظر غطاء الوجه في الأماكن العامة» واستهدف تحديداً النساء المسلمات اللواتي يرتدين النقاب. لكن هذه المرة كانت حملة فرنسا على «البوركيني» أشد وطأة وشراسة من حملتها السابقة على النقاب

ورغم قرار مجلس الدولة الفرنسي الذي يعتبر أعلى هيئة قضائية بالبلاد فقد هدد بعض عمداء البلديات بجنوب فرنسا بعدم امتثالهم للقرار وإصرارهم على تحرير محاضر مالية بحق النساء اللاتي سيقمن بارتدائه على الشواطئ، ما يؤكد أن القضية استغلت كورقة للرهانات السياسية المقبلة. وهاجم الرئيس السابق نيكولا ساركوزي حجاب البحر الاسلامي ورآه عملاً استفزازياً، وأكد في حالة فوزه في الانتخابات الرئاسية لن يتنازل عن الهوية العلمانية وسيعمل على منع الرموز والإشارات الدينية وبما يهدد نمط ثقافة المجتمع الفرنسي.

انتقادات

وبالمقابل، تم انتقاد تلك الآراء المتطرفة ورأت شريحة مهمة من الفرنسيين فيه تجاهل للمشكلات التي تعيشها فرنسا من خلال التركيز على قضايا فرعية في فرنسا وتوظيف ذلك من أجل الترويج للانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

واختار عمدة بوردو ألان جوبيه نهجاً مختلفاً. وأكد أمام أنصاره قرب باريس رغبته بالعمل على الجمع بدلا من الدخول في المزايدات.

ويقدم جوبيه نفسه على أنه معتدل و الرجل المناسب لهذه المرحلة، في الوقت الذي تتعرض فرنسا لتهديدات إرهابية وقال جوبيه حينما أعلن ترشحه «لن أستغل أبدًا المخاوف أو أستميل الغرائز الأساسية للناس، إنني أريد أن أجلب الأمل، فرنسا تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى أن تكون متحدة لأنها في حالة صدمة».

أما الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند فلا يزال متردداً حول الترشح للرئاسيات الى حين انقشاع الغبار واتضاح الرؤية سيما وان عهدته شهدت انكسارات أمنية.

تراجع هائل

وفي بداية العهد الرئاسي، أمسك هولاند وفريقه برئاسة الجمهورية والحكومة، وبالأغلبية في الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، وبرئاسات البلديات في معظم المناطق الفرنسية. لكن أربعة أعوام كانت كافية لتعاني تلك القوة من تراجع هائل: خسر رئاسات المناطق في أكثر من مكان لصالح اليمين واليمين المتطرف.

محاكمة

طلب الادعاء العام الفرنسي أمس عرض الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي على القضاء في فضيحة تمويل حملته الانتخابية في 2012. وكان ساركوزي وضع رهن التحقيق بشأن هذا الملف في فبراير من هذا العام. وقال مصدر قضائي إن الادعاء العام حريص على مثول ساركوزي مجدداً بشأن ادعاءات عن مخالفات في تمويل حملته الانتخابية في 2012.

Email