تقرير

تركيا بعد الانقلاب.. زلزال في الجيش وتوتر مع واشنطن

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعيش تركيا تحولاً عميقاً بعد شهر من محاولة الانقلاب في 15 يوليو مع زلزال غير مسبوق داخل قواتها المسلحة وأكبر حملة تطهير في تاريخها المعاصر.. فيما أعادت أنقرة تقييم سياستها الخارجية بالتودد إلى روسيا من جهة والتوتر مع واشنطن من جهة اخرى في ظل عدم فصلها في طلب تسليم الداعية المقيم في المنفى فتح الله غولن المتهم بتدبير الانقلاب.

وفي حين يبدو أن الحياة استعادت مجراها الاعتيادي في اسطنبول وأنقرة حيث عاش السكان مذعورين ليلة حدوث الانقلاب على وقع دوي قصف الطائرات الحربية والدبابات.. يتوقع المحللون كماً كبيراً من التغييرات في هذا البلد، العضو في حلف شمال الأطلسي والذي تحده اليونان غربا وإيران شرقاً ويعد 79 مليون نسمة، لكن يبقى الأهم معرفة ما ستكون عليه نتائج هذا المسار على السياسة والمجتمع في تركيا.

والمؤامرة التي دبرها، كما تقول السلطات التركية، الداعية المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن كانت تهدف إلى إطاحة الرئيس رجب طيب اردوغان. لكن انتهى بها المطاف إلى حملة توقيف جماعية للانقلابيين ما سمح لرئيس الدولة بإجراء احد اكبر التغيرات منذ تأسيس الجمهورية التركية في العام 1923، إذ شهدت مؤسسة الجيش التي تعتبر عماد الجمهورية تغييرات واسعة.. وتم توقيف أو عزل نحو نصف جنرالاته.

وذهب اردوغان أبعد من ذلك اذ فرض حالة الطوارئ ووضع تحت سلطته وسلطة الحكومة الجيش الذي قام في الماضي بثلاثة انقلابات ناجحة.

وقامت الحكومة بمحاولة تقليص دور العسكر بشكل اكبر كما كتب متين غورجان وميغان جيسكلون في وثيقة نشرها المركز السياسي للأبحاث في اسطنبول. ورأى هذان الباحثان أن السلطات باتت أمام الخيار بين متابعة إصلاحات بطريقة ديمقراطية أو الهيمنة على العسكر بدون تشاور.

وحملات التطهير التي أطلقت في كل القطاعات على اثر الانقلاب الفاشل اثارت الانتقادات في الغرب واتهامات للنظام التركي بالاضطهاد.. في وقت تم عزل اكثر من 81 ألف موظف وتوقيف نحو 35 ألف شخص. ولم تأبه انقرة للانتقادات وردت باتهام الغرب بأنه لم يبد تضامنا معها حتى ان وسائل الإعلام المقربة من الحكومة أشارت إلى ضلوع الولايات المتحدة في المؤامرة.

تدهور على جبهتين

وقد تشهد العلاقات بين واشنطن وأنقرة تدهوراً بشأن ملف غولن الذي تصر تركيا على المطالبة بتسليمه.

إلى ذلك، يمر ترشيح تركيا لعضوية الاتحاد الأوروبي بأسوأ أزمة منذ سنوات بخصوص القمع الذي يمارس في تركيا، حتى ان النمسا دعت إلى وقف محادثات الانضمام.

في الأثناء، قال السفير السابق للاتحاد الأوروبي في انقرة مارك بييريني، والباحث حالياً في مركز كارنيغي اوروبا، إنّ «الانقلاب لم يكن في أي حال من الأحوال اختباراً فشل فيه الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة.. إن تركيا هي التي تواجه اختبار اعادة بناء ذاتية».

وكان التوجه المقرب من الغرب في تركيا - العضو في الحلف الأطلسي منذ 1952 - حجر الزاوية في سياستها الخارجية. لكن قرار أردوغان أن تكون زيارته الأولى الخارجية إلى روسيا بعد الانقلاب الفاشل للقاء الرئيس فلاديمير بوتين بغية طي صفحة الأزمة التي تسبب بها تدمير طائرة روسية يثير المخاوف من امكانية أن تغير تركيا توجهها في سياق محاولة الانقلاب.

اتهامات

كشف عمدة العاصمة الألمانية برلين ميشائل مولر أن الحكومة التركية حاولت التأثير على السياسة المحلية في برلين.

وقال مولر، في تصريحات خاصة لصحيفة «بيلد أم زونتاغ» الألمانية ، إنّه «تم مخاطبتي من ناطق باسم الحكومة التركية فيما إذا كنا مستعدين لدعم اتخاذ إجراءات ضدها إذا لزم الأمر أم لا».

وأوضح أن الأمر يتعلق بصفة خاصة بالمؤسسات التعليمية التابعة للحركة، لكنه أشار إلى أنه رفض ذلك، مشدداً على ضرورة عدم إدخال أية نزاعات تركية في ألمانيا.

Email